صحيفة المثقف

افتراء / عبد الدايم مصطفى

غاص بعيدا ولكنه لم يجد للجثث التي ذكرت أي أثر . لأخذ نفس صعد إلى أعلى ..اخترقت خياشيمه رائحة بشرية طرية دفعت بها ريح قادمة من الزنزانة على الجزيرة هناك .

 

تطهر

طلبت مني جدتي أن أعرض جسمي لسبع موجات من أمواج البحر طردا للنحس وطلبا للحظ السعيد .. أمام أمواج المحيط الأطلسي وقفت منتظرا قدوم الأمواج السبع تطهرني، وكانت واحدة كافية لجعلي أعض التراب وأفقد كل علاقة بالعالم من حولي .

 

تعريف

سألني المعلم أن أتهجى اللفظ المكتوب بالأحمر وسط السبورة

قلت بصوت واضح النبرات: الاستغلال

استشاط المعلم غضبا وقرأ بصوت مجلجل: الاستقلال .. الاستقلال ..الاستقلال

 ولترسيخها في أذهاننا طلب منا أن نكررها، و بعد انتهاء الحصة وأنا أتهيأ للمغادرة سألني أن أقرأ ها . فقلت دون تردد

في الفصل: الاستقلال و في لهجتنا الحسانية: الاستغلال

 

اختلاف

لم يسمع أحد من النيام صيحة الديك عند طلوع الفجر، فتسابقوا عصر اليوم إلى خم الدجاج بحثا عن الأسباب . طرحوا أسئلة كثيرة وسمعوا قوقأة الدجاجات . وخرجوا بنتيجتين لم يتمكنوا من ترجيح أي منهما على الأخرى. النتيجة الأولى أن الديك تخلف عن الصياح لأنه باض بيضته السنوية والتي تعرف ببيضة الديك . والنتيجة الثانية أنه تخلف عن الصياح لأنه لم يلقح بيضته التي تبيضها الدجاجة وهي غير بيضة الرماد التي تبيضها أيضا الدجاجة ولكنها لا تفقس فراخا .

 

انتحار

أخرج أوراقه وعن له أن يكتب عن الموت، وما كاد يفعل حتى تمثل الموت في هيئة امرأة جلست بجانبه، وسألته :

ألا تخاف الموت ؟ أجابها وكيف أخافها وهي بهذا الحسن والجمال . قاطعته ولو تبدلت الآن عجوزا شمطاء، أجابها مبتسما سأصنع مدامن كلماتي حبل لمشنقتي .

 

اعدام

في موقف مخالف تماما جلس الموت قرب كاتب مرموق يسكن برجا عاليا وسأله ماذا ستفعل لو عرفت أني الموت، ارتجف الكاتب الذائع الصيت ورمى نفسه من النافذة وهو يصيح : أنقذوني ..أنقذوني ..أنقذوني

 

عدوى

أصيب بأنفلونزا الوطنية فتجنبه العديدون .. كانت حالة من حمى الرفض تصيبه فيخرج على الناس شاهرا رأيه فيفرون من وجهه إلا بعضهم فكان جزاؤهم النبذ، وهو مادفعهم إلى التخطيط للمغادرة في جنح الظلام، لكنهم فوجئوا بانتشار العدوى، وان قرارا صدر بإبادة كل السكان فجرا .

 

القصة المثلى

في كل مرة يكتب قصة قصيرة يسكنه دائما البحث عن القصة المثلى . ولأن ذلك لم يتحقق، فانه كان يمني النفس باقتراب تحقيق ذلك، وأن كل قصة يكتبها تجعله يدنو أكثر فأكثر من تلك القصة التي ترفعه إلى مصاف الكتاب الخالدين ... وذات يوم وجد نفسه يكتب بنفس مختلف وبطريقة مختلفة وفي أجواء مختلفة ..كان يسمع أصوات كتاب وشعراء يعرفهم تجود عليه بأفكار نيرة ومعاني عميقة .. كان من بينهم سارتر وبود لير وأفلاطون وديكارت والمتنبي وادونيس ووو... استفاق من غيبوبته فوجد أنه كتب مسخا بشعا وليس قصة مثلى .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2242   الجمعة   12/ 10 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم