صحيفة المثقف

دالي حياة وعطاء .. مع الشاعر لوركا وآنا مارية / كاظم شمهود

مجموعة من اعمال الفنان سالبادور دالي - صاحب المدرسة السريالية - لاول مرة بعدما مكثت في الظل فترة طويلة من الزمن تقلب فيها الاقدار ما تشاء. وقد نفذها دالي في مطلع شبابه. وقد اعتبرها النقاد من اكثر مراحل الفنان تألقا، وهي ينحصر تاريخها بين سنوات العشرينات ونهاية الثلاثينات من القرن العشرين.

ويذكر المتخصصون والدارسون لحياة دالي، بانه نفذ اكثر من عشرة لوحات شخصية لاخته آنا مارية يضاف الى ذلك اعدادا كبيرة من اللوحات البارزة والتي نراها اليوم موزعة بين المتحف الوطني للملكة صوفيا في مدريد ومؤسسة- دالي غالى- في فيغيراسFigueras مسقط رأس الفنان -1904 -. ناهيك عن مئات اللوحلت المنتشرة في العالم. وقد عاش دالي فترة شبابه مع شقيقته آنا مارية والشاعر المعروف غارثيا لوركا - 1898 – وهي من اجمل فترات حياته حيث اعتبرها البعض الفترة الذهبية بالنسبة للانتاج الفني.. وفي هذه المرحلة التقى دالي مع الشابة الجذابة والغامضة الروسية الاصل - غالى -Gala Eluard وتكونت بينهما علاقة عاطفية..، وكانت غالى متزوجة. وقد حطت في باريس وكونت علاقات حرة منفتحة مع عدد من الشعراء والفنانين امثال الشاعر المعروف اندريه بريتون مؤسس المذهب السريالي وكذلك مع الفنان ماكسي ارنس وغيرهم.. ويذكر انها تركت زوجها وجاءت الى مدينة فيغيراس Figueras ثم تزوجت مع دالي..

في الوقت نفسه وقعت آنا مارية هي الاخرى بغرام وعشق غارثيا لوركا. ولكن عندما دخلت غالى في حياة دالي تعقدت الاجواء وتأزمت العلاقات بين الاخوين وتشنجت.. ثم ازدادت الفجوة وتعمقت اخاديد الجروح بعدما نشر دالي عام 1931 قصيدة بعنوان – الحب والذكريات – حيث وصف اخته بالانحراف والانحطاط... وفي سنة 1949 نشرت آنا مارية مقالة تحت عنوان – دالي من خلال شقيقته – وصفت بها دالي بانه احمق وارعن ومجنون.... وفي هذه الفترة صدر كتاب تحت عنوان – عائلة دالي – وصفت به الكاتبة آنا مارية بانها ذكية ومحاورة ومتحدثة من الطراز الاول. وكانت مغامرة ولها علاقات غرامية مع الكثير من الاشخاص.. وفي هذا الكتاب نشر ايضا عدد من الرسائل العاطفية التي كتبها لوركا الى آنا مارية مصحوبة ببعض الرسوم التوضيحية. علما ان لوركا كانت لديه محاولات تجريبية في الرسم وان بلدية مدريد اقامة له معرضا مهيبا في مطلع التسعينات (على ما اتذكر) في المركز الثقافي لكولون ضم عدد من القصائد الخطية المزوقة بالرسوم. والشاعر لوركا من مواطني غرناطة 1898 كان مرهف الحس وناعما.. (...) وبعد انتصار فرانكو على اليساريين الحمر عام 1939 في الحرب الاهلية كان لوركا من المطلوبين. فالقي القبض عليه ثم اطلق الرصاص على مؤخرته ومات ... غرثيا لوركا ودالي وبيكاسو ورافائيل البرتي هؤلاء كانوا يشكلون رقما صعبا في تاريخ الفن والشعر الحديث، وكانوا يركبون خط التمرد المتطرف سواء كان من ناحية التقاليد او الدين او الفن التشكيلي... اتذكر في يوم من الايام كنا في افتتاح معرض تشكيلي في مدريد في مطلع الثمانينات وكان في مقدمة الحضور الشاعر رافائيل البرتي فصعد على المنصة ليقرأ بعضا من قصائده، فالتزم الحضور الصمت، فأخذ البرتي يتطلع الى الحضور ثم اخرج مشطا واخذ يمشط به شعره الابيض امام الجميع الذين اخذتهم الدهشة..... نعود الى آنا مارية حيث كانت قد مارست الرسم كهواية تشجيعا من شقيقها دالي فرسمت عدد من اللوحات التي تمثل مناظر طبيعية ومواضيع جامدة... كما تذكر بعض المصادر الاسبانية ان آنا مارية كانت قد اتهمت بالتجسس اثناء الحرب الاهلية في اسبانيا عام 1936 - 1939 وربما كانت الى جانب اليساريين وقد جرحت في اثناء الحرب..

ومن اللوحات المهمة والنادرة للفنان والتي كانت بعيدة عن الانظار ومخفية هي لوحة تمثل آنا مارية، حيث عرضت في المتحف الكاتالاني في عام 2004. وقد ذكرت آنا مارية في مذكراتها بان لوحتها لم تأخذ طريقها الى نيويورك كبقية بعض اعمال دالي وذلك لان والديها قد اعترضا على ذلك واحتفظا بها في البيت.. واللوحة مؤرخة في عام 1926.. وكانت مارية في هذه الفترة قد وضعت نفسها كموديل لدالي لعدد كبير من اعماله في مطلع العشرينات... وهو ما اثار استغراب النقاد (من ناحية اخلاقية...)؟؟؟؟..

 وفي آخر ايام الشقيقين عاشا في مدينة كاداكيسCadaques التي تقع على شاطئ البحر المتوسط وهي مدينة تتصف بجوها ومناخها المعتدل الجميل ومناظرها الساحرة والخلابة.. عاشا متقاربين ولكن بغير تواصل وتوادد. فمات دالي في عام 1989 وبعده بخمسة اشهر من نفس السنة ماتت آنا مارية....

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2247 الاربعاء 17 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم