صحيفة المثقف

حبيبتي تشكو / نورس ماهر

كعمرها - الذي لا يجدُ للسنين معنى ... فهي طفلةٌ تلعبُ معي في الحديقة تارة، وهي عمّتي الكبيرة التي تحمي طفولتي تارة أخرى !!

جلستُ معها نتجاذبُ أطراف صمتنا والوجع حائرٌ في عينيها ...

وكما اعتدنا على خوض حواريتنا الصامتة التي دامت لساعات، بثّتْ وجعها في صدري ... كانت تشكو لي وأسمعها .

تكّلمنا عن أيام الطفولة، وكيف كانت تهديني من شعرها خصلاً أحوكها لصنع مروحة جميلة !!

كيف كنتُ أجمع الأطفال لنلعب قرب قدميها، نحفر في التراب ونُخبئُ خاتماً فضياً، لنأتي في اليوم التالي نحفر مجدداً بحثاً عن كنزنا المفقود !!

وهي تسهرُ قربه لتحميه لنا ...

واستمرتْ تقودني في حافلة ذاكرتي المحمّلة بالأطفال إلى محّطاتٍ عديدة ..

ذّكّرتني .. كيف كان التعب يعتريني والركض ينهكني فأنطلق نحّوها، تحتويني بظلها ويغمرني حضنها لتهديني رشفة راحة تروي بها صدى المرح !!

ولازلنا نمّرُ بمحطاتٍ تقودها بصمتٍ واحتراف

حتى تحسستُ حشرجة في صمتها !!

إذ قرب وصولنا محطة الألم، سارع الأطفال بالنزول واختفوا فجأة !!

كما شاخت رفيقتي فجأة وبدأت تتكلمُ كلاماً لا أفهمه ...

ما استطعتُ إدراكه كان: فقدتُ بهائي .. فقدتُ هيبتي ... لم يعد هناك من يستسيغُ ما أقدّم من حلوى ويبادلني بالابتسامة ... لا سعفٌ ...لا تمرٌ ... ولا ذكرى !!!

غصّتْ بشهقةٍ مؤلمة وكان صمتها يصرخُ بأسى ...

أسعفتها بكأسٍ من غصاتٍ تعّثّرتْ على شفتي ومنعتني من الإفطار بالتمرِ على مائدة الطعام .

بعد أن قرأتُ عبارة ( مصنع سامي لإنتاج التمور – إنتاج المملكة العربية السعودية / فرع الدمام)

مستورد لمملكة النخيل والأرض التي غُرستْ فيها أول نخلةٍ من الجنة ... العراق العظيم !!

فحريٌّ بحبيبتي – نخلتي – أن تغصّ وتموت من وجعها

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2247   الاربعاء  17/ 10 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم