صحيفة المثقف

موقف الإسلام من الاتّجار بالأعضاء البشرية" / عادل عامر

خاصة في ظل تقدم وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة، والتي ساعدت على رواج هذه التجارة، واتخذت بدورها ستارًا من خلال بعض الأنشطة الأخرى.. والتساؤل ما موقف الإسلام من هذه التجارة؟، وكيف يمكن لأحد مواجهتها، خاصة في ظل تزايد معدلات الفقر في عدد من الدول؟الشريعة الإسلامية، ترفض بيع الأعضاء البشرية رفضًا باتًا؛ باعتبار أن الإنسان مكرَّم من الله سبحانه وتعالى، وبالتالي فمن غير المعقول أن يُخضع نفسه لمساومة حول أعضائه، يقول تعالى:{ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً} إنه على الرغم من أن الإسلام حرَّم بيع الأعضاء البشرية، إلا أنه في الوقت نفسه أباح التبرع بها باعتبار أن هناك فرقًا بين البيع والتبرع؛ حيث يكون الأول بالمال وعن طريق العرض والطلب، أما الثاني فلا يخضع لأي عمليات مالية.. أن جواز التبرع ينطبق على جميع الأعضاء البشرية ما عدا الأعضاء التناسلية التي لا يجوز نقلها حتى لا يحدث اختلاط بين الأنساب. أن موقف الإسلام من تحريم الاتجار في الأعضاء البشرية ينبع من موقفه لكل صور الاستعباد والاستغلال للإنسان مثل «الدعارة»، والتي اعتبرها الرسول صلى الله عليه وسلم، من الموبقات حيث يقول في حديثه الشريف «فإن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا وفي شهركم هذا»، ويقول تعالى:{ولا تقربوا الزنا}، كما اتخذ الإسلام موقفًا أيضًا من الرِّق، ودعا إلى تحرير العبيد، وحسن معاملتهم، وبالتالي فإن موقفه من تجارة الأعضاء البشرية يُعد امتدادًا لموقفه المُساند للإنسانية..

إن الإنسان خليفة الله في الأرض؛ حيث سخر له الله ما في السموات والأرض، ويكفي أنه أسجد له ملائكته لقوله تعالى: {إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرًا من طين فإذا سوَّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين}.. أنه ليس من المعقول أن يكون الإنسان مكرَّمًا من الله بهذه الدرجة، ثم يتجه الإنسان إلى امتهان نفسه من خلال عرض أعضائه للبيع.. أن الإسلام حرَّم بيع الأعضاء؛ لأنها هبة من الله تعالى له، وبالتالي عليه أن يحافظ عليها.. أن الآونة الأخيرة قد شهدت تزايدًا في عمليات سرقة الأعضاء البشرية من قِبل بعض الأطباء معدومي الضمير، والذين يستغلون فقدان المريض لوعيه ليقوموا بسرقة بعض أعضائه، وهذا يُعد من كبرى الجرائم، الأمر الذي يحتِّم وقفة جادة تجاه هؤلاء الأطباء من خلال تفعيل القوانين المنظمة للعلاقة بين الطبيب والمريض تلافيًا لأي تجاوزات من هذا القبيل أنه على النقيض من موقف الإسلام من بيع الأعضاء والإتجار بها، فقد أباح التبرع بها على أن يكون ذلك بشروط منها ألا يكون مقابل ثمن، وأن يفيد النقل المتبرع له ولا يضره، وأن يكون ذلك تحت إشراف طبي دقيق.. وعن نقل الأعضاء من الميت أن هناك شروطًا تحكم هذه العملية منها أن يكون الميت قد فارق الحياة تمامًا، وأن يكون موصيًا بالتبرع بأعضائه قبل موته، وأن يتم النقل تحت إشراف طبي دقيق، كما يشترط ألا يكون النقل خاضعًا للمعاملات المالية بالبيع أو الشراء، كما يجب أن يكون العضو المنقول لا يؤدي إلى اختلاط الأنساب..

أن الإسلام أباح التبرع بالأعضاء انطلاقًا من مبادئه القائمة على صيانة النفس وإحيائها لقوله تعالى: {ومن قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا}، وبالتالي فإن الإنسان الذي يتبرع بأحد أعضائه يساهم في إحياء نفس بشرية، وهذا يُعد من أعظم العبادات التي يتقرب بها إلى الله تعالى..

فإن بيع جزء من أجزاء الإنسان يدخل في باب المحرَّمات؛ لأنه امتهان لكرامة الإنسان، وتعريضه لأن يكون سلعة تُباع وتُشترى، وهذا مخالف لتكريم الله تعالى للإنسان الذي كرمه عن المخلوقات الأخرى، كما أن جسد الإنسان بناء بناه الله تعالى وسَمَا به عن البيع والشراء، وبالتالي لا يجوز أن يكون محلاً لمعاملات تجارية

 أن الإسلام إذا كان قد حرَّم الإتجار بالأعضاء البشرية، فقد أباح التبرع بها على ألا يُرى ذلك على ما يُعرف ب«مفردات الجسم»، وهي الأعضاء التي لا يوجد لها مثيل داخل الجسم مثل القلب أو الكبد، وإنما يكون التبرع بالأعضاء المزدوجة مثل إحدى الكليتين، كما يشترط أن يكون بدن المتبرع سليمًا، وألا يترتب على نقل الأعضاء أي ضرر للمتبرع..

 «إن  انتشار هذه الظاهرة رغم التطور الحضاري والتكنولوجي الذي يعيشه العالم الآن، فهي خير دليل على انهيار القيم الأخلاقية والإنسانية باعتبار أن انتعاش بيع وتجارة الأعضاء البشرية يُعد من أخطر الممارسات السلوكية، خاصة إذا ارتبطت بأشكال تنظيمية من خلال عصابات «المافيا» التي استحدثت وسائل حديثة لتنشيط هذه التجارة مثل شبكة الإنترنت، والذي يُعرض من خلالها مزادات لبيع هذه الأعضاء هربًا من الملاحقة القانونية..

فإن جرائم بيع الأعضاء البشرية من خلال الإنترنت لا يمكن السيطرة عليها بأي حال، أو مراقبتها من قِبل الجهات القانونية سواء تلك الموجودة داخل الدولة أم تلك المؤسسات الدولية مثل الإنتربول».. أنه من خلال الإنترنت أصبح بمقدور أي شخص أن يبيع أي عضو من أعضائه من خلال الإعلان عنه على بعض المواقع المخصصة لهذا الغرض، والتي أصبحت بدورها بمثابة بورصة يتنافس فيها الراغبون لبيع أو شراء الأعضاء في طرح أسعار تنافسية. برغم أن القوانين المصرية الحالية تجرم كل أشكال جريمة الاتجار بالبشر إلا أنه من الأفضل أن يكون هناك قانون موحد يتعامل مع هذه الجرائم‏..‏ من منطلق ادراك مصر لبشاعة جريمة الاتجار بالبشر كونها منافية للقيم الانسانية التي تحض عليها الأديان السماوية, فضلا عما تمثله من امتهان لكرامة الانسان وانتهاك لحقوقه الأساسية في الحياة بكرامة وأمن وحرية ومساواة, اقتناعا منها بأن النساء والأطفال يمثلون الفئات الأكثر تضررا من هذه التجارة

أن مصر تولي هذه الظاهرة اهتماما كبيرا وتسعي للتعامل الحاسم والفعال معها سواء علي المستوي الوطني او علي المستوي متعدد الأطراف وذلك من خلال الاسهام بصورة ايجابية في صياغة المعايير الدولية في هذا الشأن ومنها الاشكال المتعددة للجريمة المنظمة عابرة الحدود الوطنية. وكان تقرير قد صدر مؤخرا ينسب الي الخارجية الامريكية آثار جدلا كبيرا بعد أن صنف مصر كواحدة من الدول المصدرة للبشر بهدف الاستغلال الجنسي للأطفال الي انتشار تجارة الأعضاء.. ورغم ان التقرير ضم جميع دول العالم بحسب ترتيبها الابجدي إلا أنه قد ركز علي أن مصر تعتبر احدي دول الترانزيت للاتجار بجميع أشكاله. انه ركز علي بعض القضايا الرئيسية التي تستحق الانتباه منها ما يتعلق بأمر العمل الجبري للأطفال والذي تم تحديد مؤشراته من خلال مواصفات وضعتها منظمة العمل الدولية خلال تقديرات واحصاءات, حيث ركز التقرير علي أن هذا الأمر يدخل ضمن الاتجار بالبشر في العالم كله وليس فقط في مصر.. قضية أخري وهي الاتجار في البشر من أجل صناعة الجنس ودخل فيها استغلال النساء القاصرات بصفة عامة او استغلال ناجم عن الخدمة المنزلية التي يتم الاستغلال فيها اقتصاديا وجنسيا بالاضافة الي أطفال الشوارع.. وهذه القضايا موجودة في العالم كله

ان السياحة الجنسية بهدف المتعة تتركز في ثلاث محافظات بمصر وهي الأقصر والاسكندرية والقاهرة. ولأن القضية ذات ابعاد اجتماعية أصيلة كان علينا التعرف علي دور البحث الاجتماعي عنها.. مشكلة كبيرة وذات ابعاد دولية حيث ظهور مافيا او عصابات جديدة للتجارة بالبشر سواء تجارة فعلية او كان زواج الصفقة او الزواج الموسمي الذي نضيف تحت بند الدعارة او كان في شكل عمالة الأطفال ـ ضد القانون.. ان كلمة الاتجار غير معني الاستغلال ذلك لأنه يمارس الإجبار علي الانسان وتعطي مثالا لذلك باطفال الشوارع الذين يجبرون علي ممارسة اعمال بعينها ولذلك نحن معينون باجراء عدة بحوث لمعرفة حجم هذه الظاهرة ومدي تواجدها في مصر اليها الاتجار بالأفراد وعندما وجدت منظمة الأمم المتحدة ان هذه الجريمة تزداد وتتسع اشكالها كانت دقات الخطر

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2261 الاربعاء 31 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم