صحيفة المثقف

وبشكل لا ينقطع الاّ ليعود دون أن تحول دون ذلك الأسباب. ولما كان عدد المثقفين العراقيين في الخارج وبمختلف الأختصاصات عددا كبيرا لأسباب باتت معروفة غير مجهولة، كان التوقّع أن يشكّل الجمع المثقف عددا من جمعيات الثقافة والأدب والفكر والفن لتعبّر عنهم (أي عن المثقفين) بأختلاف مشاربهم الفكرية وتطلعاتهم وطموحاتهم، ليكون العمل مع الجمع محفزا للفكر الخلاّق. فالمثقف هو أكثر أجتماعية عكس ما هو شائع عن أنعزاليته، ذلك لأنه ينتج من أجل الأنسان وهو قبل كل شيء ما وجد الاّ ليعبّر عن عذابات الأنسان ومعاناته، وطموحاته وفلسفته في الحياة.

وعليه فأن عددا من الجمعيات والمؤسسات الثقافية العراقية قد تواجد ومنذ سنوات ليست بالقصيرة في خارج العراق وتمكن قسم من هذه الجمعيات من أصدار نشرات ثقافية أو جرائد أو مجلات، كما أستطاع أغلبها من أن يكون لها مواقع ألكترونية تتفاعل مع جمهور القراّء في أنحاء العالم المختلفة مستفيدة (وهذا حق وواجب) من تقنيات الأعلام الحديث، من أنترنت سريع وفيس بوك وتويتر ألخ..

ومن وجهة نظري البحتة، يظّل للجمعيات الثقافية والمؤسسات والمراكز الأدبية العراقية في الخارج دورها في الحراك الثقافي العراقي. ولعلي ألخّص ذلك في الآتي:

1.أحتضان النتاج والأبداع الثقافي العراقي ونشره والتعريف به دراسة ونقدا وتوجيها. وقد يتأتى ذلك لجمعية ثقافية في خارج العراق من خلال أحتضان أبداعات الجالية العراقية ومثقفيها في البلد الذي تقوم فيه الجمعية، أو من خلال مبادرات تمد الروابط مع الداخل العراقي وبالتنسيق مع جهات ثقافية مختصة قد لا تمانع بل تسعى الى تشجيع مثل هذه المبادرات.

2.أطلاع المواطن الأجنبي في البلد الذي تنشأ فيه الجمعية على النتاج الفكري والأدبي الثقافي العراقي خاصة والعربي عامة لما له من وقع على الأنسانية كمفهوم عام ولما له هذا التعريف أو الأطلاع من أهمية في عالمية النتاج العراقي المبدع.

3.لا يتوقع من جمعية ثقافية يشكّلها أفراد يتطوعون  لعملها ومسؤولياتها أن تأخذ دور الدولة بمؤسساتها المختصة. وعليه فأن سقف الطموحات للجمعيات الثقافية العراقية لن يكون عاليا ما لم يكن هناك تشجيعا وتفاعلا أيجابيا مع المؤوسسة العراقية الثقافية الرسمية التي يظل من مصلحتها على المديين القريب والبعيد دعم النتاج الثقافي العراقي في الخارج والداخل، بل والعمل على لمّ شمل مثقفي الخارج بمختلف مشاربهم، ليكون ذلك دلالة على الثقة بالنفس وبالآخر المبدع.

أن المهرجانات الثقافية التي تشرف عليها وتنظّمها جمعيات ثقافية عراقية أسسّت ولا زالت في خارج العراق، يجب أن تشجّع وتدعم وخاصة منها ما كان هدفه التعبير الصادق عن النتاج الثقافي العراقي.

وعليه فأن أيجاد مراكز ثقافية عراقية في الخارج سيكون له دوره الأيجابي في هذا المجال الحيوي المهم. وما تجربة المركز الثقافي العراقي في لندن الاّ واحدة من تجارب نتمنى أن تأخذ أبعادها كاملة وتحققّ النتائج المرجوّة منها.