صحيفة المثقف

لحظةٌ حاسمةٌ .. (تهويمات) / عبد الفتاح المطلبي

 

 

في لحظةٍ حاسمةٍ

طارت في الذاكرة حمامة

وفي الروح نبتت شجرة  

ما إن تحط الحمامة على الشجرة

حتى تنشطُ ثعالبٌ ظننتها محنطةٌ

ملأى بريش حمام ذاكرتي المغدور

  هذه الثعالب

كأنها لم تشبع بعد من لحمه الأبيض

ولا زال هذا الحمام وديعا في الذاكرة

لحظتها

يطير الحمام

  الثعالب تنتظر و ريش حمام ذاكرتي

يملؤها

  منشغلةً بالبحث عن ريشات

أُخَر

ربما عن ريشة سقطت صدفة

لا تستطيع أن تغفر هذه الثعالب

مثل هذه الصدفة

 

2

في لحظة حاسمة

ولد الدُرّاق على أرض ميتة

من أم يندر أن تلد

كأم يعقوب

و يدا القابلة يابستان

كغصني شجرة عجفاء

ولكنني كنت جائعا

التهمتُ الدُراقَ الوليد

وهو مازال يتخبط بدمه

بدمهِ التهمتهُ

وقبل أن يتنفس نسمته الأولى

وكان من الطبيعي

أن نهرع للماء

ومن الطبيعي

أن تجد جثث قتلانا

طافية ً في النهر

 

3

في لحطة حاسمة

مل المقنعون أقنعتهم

فنزعوها

كانت وجوههم عادية

لا تصلح لكل هذا الرعب

في تلك اللحظة الحاسمة

مرت عليهم مكنسة مولعة بالنفايات

فراحوا يهددونها بالمكب

 

4

في لحظة حاسمةٍ

انتبه الجميع

أن المدينة فارغة

وإنهم لايوجدون فيها

رغم تطوافهم في شوارعها

المكتظة بفراغهم

واختناق الطرقات

بكثير من كلام مكتوب

على جذاذات تعبث بها الريح

فوقَ أرصفة لم تطأها قدم

وطرقات بلا أثر

 

5

في لحظةٍ حاسمة

نظر الطفل إلى لـُعَبه ِ

المصفوفة فوق الطاولة

لم يكن من بينها بحيرات من حليب

ولا عصافير من  السكاكر

وبصفعةٍ واحدةٍ من كفه الطفولي

أطاحَ بها جميعا

وراح يبكي بمرارة

وبفمه الطفولي طعم الدموع المالح

وبخياله البريء

طعم السكاكر الحلو

 

6

في لحظةٍ حاسمةٍ

ضحكت ضحكت حتى بكيت

وبكيت بكيت حتى ضحكت

وما علمت أكان ضحكي بكاءً

أم بكائي ضحكاً

أدركت أنني الآن قد هرمتُ

حتى أنني لم أعد أميز

بين ضحك وبكاء

 

7

مزارع البارود زاهية

رمانها  يتفجر نجيعا أحمر

عنقودياتها  تسّاقط علينا من فوق

وملائكة سود يروحون ويجيئون

يلحسون أقدام تمثال الحرية

ويتبولون على الأرض اليباب

بين غيوم دافوس الأبدية في الأعالي

و(الحلفاية) في الأسفل

ماذا تريد الشعوب أكثر من هذا

جنات من نار

قطوفها دانية

أنهار من دم

لذة للقاتلين

  

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2267 الثلاثاء 06 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم