صحيفة المثقف

لماذا صوّت وزراؤكم على قرار ألغاء البطاقة التموينية؟! / علي جابر الفتلاوي

ومجلس الوزراء فيه (7) وزراء من الكتلة الكردستانية و(8) وزراء من القائمة العراقية، و( 6 ) من التيار الصدري، وهذه القوائم الثلاث التي تمتلك (21 ) وزيرا هي من أعترض على القرار، أذن لماذا صوت وزراؤكم عليه؟

البطاقة التموينية يستفيد منها أكثر من ست ملايين عائلة عراقية، والقرار يدعو لتعويض العوائل عن كل فرد منها خمسة عشر الف دينار عراقي في كل شهر، أبتداءً المبلغ التعويضي هذا قليل أذا أخذنا بنظر ألأعتبار تقلبات السوق للمواد ألغذائية،  لهذا قرر السيد المالكي زيادة المبلغ الى عشرين الف دينار وربما أكثر، مع وضع خطط لأفتتاح أسواق حكومية في المستقبل تزود أصحاب البطاقات بالمواد الغذائية مجاناً أو بأسعار مدعومة، أنّ القرار من الناحية الظاهرية جيد، أذ سيؤدي ألى التخلص من كثير من الامور السلبية ومنها الفساد، لكن علينا كمراقبين حريصين على مصلحة المواطن العراقي، وحريصين أيضا على سلامة الخط الوطني في الحكومة، وعدم تشويه سمعته، مما يسبب خسارة الى الجماهير التي تستفيد هي وحدها من مشاريع الخط الوطني، وهي الخاسرة وحدها  لو اصيب الخط الوطني بانتكاسة أو خسارة لا سامح الله .

رأيُنا في القرار الذي يهم الملايين من أبناء الشعب العراقي، أنه صدرفي الوقت  غير المناسب، وربما جاء لتحقيق نوايا سياسية مبيتة من بعض ألأطراف ألسياسية  التي تتصارع من أجل مصالحها ألذاتية وتتقاطع مع توجهات ألخط الوطني بقيادة السيد المالكي، أن توقيت صدور هذا القرار في هذا الوقت بالذات جاء في صالح الطرف المعادي للعملية السياسية الجديدة، او المعارض في التوجهات للخط الوطني، أذ ستستغل هذه الاطراف القرار في صالحها لتشويه نوايا ومشاريع الخط الوطني لدى الجماهير، سيما ونحن نعيش في الوقت الحرج هذه ألأيام،  لذا أرى الغاء البطاقة التموينية في هذا الوقت الحرج سوف يخدم الاطراف السياسية التي تتصيد في الماء العكر، حتى لو سلّمنا بسلامة القرار، لأن توقيته جاء في الوقت غير المناسب، سيما ونحن مقبلون على أنتخابات مجالس المحافظات، وبعدها ألأقضية والنواحي، ثم أنتخابات مجلس النواب، أن التوقيت غير الصحيح للقرار سيدفع الاطراف المناوئة لأستغلال القرار أستغلالا سيئا، ومحاولة توظيفه لصالحهم، أذ ستندفع هذه الاطراف لخداع الجماهير وتشويه الحقائق، ظنا منها أن ألأعتراض على القرار ومن خلال ألأعلام سيخدمها أنتخابيا، وقد ظهرت مؤشرات هذا ألأستغلال  من خلال تعليقات بعض السياسيين المنتمين ألى الكتل ألأخرى ألذين يبحثون عن مكاسب سياسية بأي ثمن كان ، وللعلم أن ألغاء البطاقة التموينية تمّ بموافقة مجلس الوزراء التي تتكون غالبيته من وزراء القوائم المعترضة على القرار، كما أنه تم بناء على مقترح وزارة التجارة التي ينتمي وزيرها الى الكتلة الكردستانية التي أعترضت على القرار، لقد برر المؤيدون لقرار ألغاء البطاقة التموينية، بوجود فساد كبير في ألأستيراد والتوزيع، وهو كلام صحيح .

أن حكومة المشاركة أو المحاصصة برئاسة السيد نوري المالكي تضم جميع الكتل الفائزة، والكتل الفائزة غير متجانسة في التوجهات، وهذا مما أضر بالوضع العراقي بشكل عام، وبالعملية السياسية بوجه الخصوص، أذ تعمل بعض الجهات السياسية المشاركة في الحكومة ضد التوجه العام للعملية السياسية الجديدة،  وضد توجهات السيد المالكي الذي يريد بناء دولة عراقية قوية بعيدة عن التأثيرات  ومناطق النفوذ الخارجية، والبعض الاخر من المشاركين في الحكومة يقف بالضد من التوجهات والمشاريع الوطنية للسيد المالكي بدوافع المصلحة الذاتية الضيقة، هؤلاء السياسيون المشاركون في الحكومة ، يقومون بدورين، دور الحاكم ودور المعارض، وهذه حالة فريدة غير موجودة في الدول الديمقراطية، وقد شاهدنا تصرفات هؤلاء من خلال القرار الاخير فيما يخص البطاقة التموينية، فوزراؤهم صوتوا لصالح القرار، وأحزابهم أعترضت على القرار، أمران متناقضان، لهذا السبب أقول أن صدور هذا القرار وفي هذا الوقت بالذات جاء في الوقت غير المناسب .

أنّ ألغاء البطاقة التموينية أمر لابد منه، أن لم يكن أليوم فغدا، لكن يجب أن يكون في التوقيت ألصحيح ألذي لا يمكن أن يستغل فيه أستغلالا سيئا من قبل ألأخرين ويوظف لصالحهم، كما يجب أن يتم في صورة لا تضر بالعوائل المستفيدة من البطاقة التموينية،  ويجب أن لا يكون في هذا الوقت الحرج من عمر الحكومات المحلية، أذ أنه سيستغل ويسوق على أنه أستهداف للمواطن الفقير، عليه ندعو لتأجيل تطبيق هذا القرار في الوقت ألحاضر، ولا بأس أن يكون التطبيق على يد الحكومة ألجديدة ألقادمة، مع عدم تأجيل ألكشف عن أسماء المفسدين والمتورطين في الفساد سواء في مجال البطاقة ألتموينية، أو البنك ألمركزي، أو غيره من ألمجالات ألأخرى، لأنّ مفاصل ألفساد في الدولة كثيرة، خاصة من قبل بعض ألسياسيين ألكبار، وهذه أحدى النتائج ألسلبية ألكثيرة للمحاصصة،أو مايسمى ألمشاركة في ألحكم، وأخيرا أقول علينا أن لا نخطأ في ألحسابات بفعلٍ أو قرار، لأن الجهات ألأخرى ألمتربصة للأستفادة سياسيا من هذا ألخطأ حاضرة في الميدان .

علي جابر الفتلاوي

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2270 الجمعة 09 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم