صحيفة المثقف

عزيمة موسى فرج .. سلام كاظم فرج / مؤسسة المثقف

وقال ابن منظور (العزيمة الصبر في لغة هذيل...).

وقال ابن عاشور(العزيمة إمضاء الرأي،   وعدم التردد.. بعد تبين السداد.)..

وفي القاموس. (العزيمة الارادة الثابتة، الصلبة، ).

وللمتنبي قول مأثور

على قدر اهل العزم تأتي العزائم..

802 samawa

.. لكننا هنا سنتحدث عن جانب آخر ومضيء في عزائم موسى فرج.. منطلقين من الاستعمال العراقي الصرف لمفردة العزيمة..وما تعنيه في اللهجة العراقية.. لتدل على الدعوة إلى مأدبة طعام..

فالاستاذ موسى فرج.. رئيس هيأة النزاهة سابقا..قد عرف بعزيمته وحزمه وفق تعريف ابن منظور وابن الاثير. في تصديه لمظاهر الفساد المالي والاداري والسياسي.. في مرحلة اختلط فيها الحابل بالنابل. وفي وقت كثرت فيه الشقوق حتى احتار العقلاء اي شق اولى بالترقيع.. واية قطعة جديرة بالخياطة.. لكن صديقنا وقد  استل سيف ابي ذر الغفاري مبكرا.وقبل ان يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود..راهن على روح علي بن ابي طالب في وجدانه..فعزم على فضح كل المفاسد والمفسدات في العملية السياسية التي تبنتها الديمقراطية الوليدة الجديدة.. وتعرض لمخاطر ان يتصدى الرجل الفرد لجمهرة من الناس..وكنا نشفق عليه أبان مرحلة القاضي راضي الراضي عندما كان نائبا له وفي المراحل التي تلتها عندما استلم رئاسة الهيأة..ورغم انه كان متعجلا في مقارعة مجموعة نمور في آن.. فقد كانت بعض ملاحظاته تشبه النبوءة في صحة توقعاته وتشخيصاته وإرهاصاته (و لكن بعد ان هرب من هرب.وبعض الهاربين خطف الجمل بما حمل..)..

.التأريخ سيسجل لأبي ياسر انه شخص الكثير من مفاصل الخلل.. ولكن وكما قال ابو الحسن عليه السلام (لارأي لمن لا يطاع..) وتلك كانت اهم المحن التي واجهها موسى فرج..

بعدها..أبدل سيف مقاضاته (الرسمي) بقلمه الجريء الواضح الموثق.

.هذا الجانب من عزيمة موسى فرج. سندعه.. فقد اشبعناه بحثا واسئلة في ملف الحوار المفتوح معه والذي اجرته معه صحيفة المثقف والذي سيصدر قريبا في بغداد في كتاب..

802 samawa1

وسنتحدث عن عزيمته العراقية . مأدبته الكريمة التي دعانا اليها في بيته العامر صبيحة يوم مشرق جميل من ايام السماوة الزاهية..

أقلتنا سيارة حمودي الكناني من كربلاء متوجهة صوب السماوة لتمر بمزارع (الشلب العنبر) في المشخاب والشنافية.. ووجدها ابو العلياء فرصة ليحدثنا وهو يقود السيارة عن مرابع صباه.. طفولته ويفاعته.. واحوال الزراعة وصيد الاسماك والطيور في تلك الربوع الطيبة.. حين دخلنا المشخاب غمرنا عبير العنبر..فغبطنا اهلها الطيبين. كنا خمسة.. ثلاثة من كربلاء . الكناني.. ونجله علاء الكناني.. وصديق العمر. شاكر خضير العكيلي.. وإثنين من (بابل) المسيب .. الناقد والمترجم صباح محسن الجاسم.. وكاتب السطور..

حين وصلنا .. استقبلنا موسى فرج بضحكته العريضة ومرحه . وتهنئته على وصولنا بالسلامة. واشتغلت تلفوناته تدعو من تأخر من ادباء السماوة للإسراع في المجيء .. وكم كنت سعيدا بلقاء حامد فاضل احد اهم قصاصي العراق وهو سماوي الإنتماء والابداع.. وكم كنت سعيدا أن اجد صديقي الاستاذ الباحث صالح الطائي قد وصل قبلنا من الكوت.. كذلك زاحم جهاد مطر والدكتور سعد الصالحي ممثلين عن ملتقى المثقف العراقي.. ومن النجف وصل الاساتذة كاظم العبادي وعلي العبودي ونخبة من مثقفي النجف. من بغداد ايضا حضر الكاتب والاعلامي الاستاذ راضي المترفي.. الذي كتب في اليوم التالي مقالة من اجمل مقالاته الهادفة عن مسموطة موسى فرج...

802 samawa5

لفتت انتباهي صورة ملونة جميلة في مكتبة الاستاذ موسى فرج ..للدكتور عدنان الظاهر سألته عنها.. فقال  ألم أخبرك ان مناسبة (العزيمة) سيعلن عنها في حينها؟؟ اننا نحتفي بكم وبرمز من رموز الوطنية والنزاهة.. الاستاذ الدكتور الظاهر !! فعرفت ان ابا ياسر (موسى فرج) لا يخطو خطوة الا ووراءها (إن....) كما يقال في العامية.. وجدته مسكونا بحديث السياسة والاستقرار والخدمات والنزاهة. وجدته مسكونا بالتاريخ القريب والبعيد.. يوزع قفشاته مع شرح مسهب (لربّاط). كل سالفة وحديثة.. حدثنا عن سيدة عجوز مثقلة بالهموم شدت الرحال لكربلاء لتشكو همها في رحاب سيدنا العباس عليه السلام وتطلب الشفاعة والعون منه عليه السلام. بعد أن يأست من الأهل والابناء.. لكنها احتارت من اين تبدأ وماذا تطلب وهي تمسك بشباك الضريح المقدس.. فسمعت سيدة تبدو انها مثقفة. تهمس للضريح بكلمات مرتبة واضحة تتضرع ان يساعدها بشفاعته وان يحل معضلات حياتها.. فهمست السيدة العجوز للضريح.. اطلب مثل ماطلبت السيدة الواقفة جنبي.. ثم سأل متعجلا.. ماهو ربّاط سالفتي (قصتي) هذه؟؟ وقبل ان نجيب.. قال ان شعبنا يحتاج  المثقف النزيه والسياسي النزيه حاجة هذه المرأة المسكينة الى السيدة المثقفة الواقفة معها تطلب المساعدة من أبي الفضل عليه السلام..

لن اتحدث عن المسموطة التي قدمت لنا كما تقدم الاشياء في برامج الكاميرا الخفية.. فقد كتب عنها الاعلامي راضي المترفي. وكان لها (رباطها) مغزاها..

لقد توسلت عائلة الاستاذ موسى وكما أخبرني لاحقا.. ان لايفعلها (اعني تقديم المسموطة) فالخير كثير. لكنه أصر ان يطعمنا ويأكل معنا (أرخص أكلة متوفرة لفقراء الجنوب العراقي.) السنا ندعي اننا تلامذة علي بن ابي طالب؟؟ لابد ان نتذوق ما تذوقه ومازال يتذوقه ابناء سومر وبناتها!!!

802 samawa7

بالطبع.. بعد عشر دقائق. كانت المأدبة تحفل بأطايب الطعام من سمك مسكوف مشوي طري وانواع الفواكه والمرطبات. وخبز التنور الساخن... وبين كل نكات موسى فرج.. كانت هنالك  حكاية وحكاية ..  مغزى ومغزى. لشيء واحد..يتلخص بهموم العراقي المعاصر..

في المساء نظمت لنا امسية ادبية تعرفنا من خلالها على قامات ادبية وفكرية عالية من ادباء السماوة. وتحدثنا فيها عن جدلية المثقف والسياسي. وعن الآمال العريضة. في عراق ديمقراطي تعددي اتحادي مزدهر.. كانت امسية جميلة نظمتها على شرف ضيوف الاستاذ موسى فرج إدارة البيت الثقافي في السماوة. فكانوا نعم المضيفين.. وكانت هناك ايضا  قناة العراقية الفضائية التي غطت جانبا من امسية البيت الثقافي .. بعدها انتقلنا الى جولة حرة في اسواق السماوة العامرة. وزرنا مكتبة اهلية دلنا عليها الاستاذ موسى تحفل بالكتب الثمينة القيمة. ولفت انتباهنا ان السماوة بدأت تنهض  فثمة متنزهات  جيدة وشوارع ممتازة.. ومرور منتظم وسلس... وجدنا السماوة مدينة هادئة قياسا الى مدن كثيرة مزدحمة..

اتمنى اني قد وفيت في شرح مغزى عزيمة موسى فرج..

 

سلام كاظم فرج

مؤسسة المثقف....

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2275 الخميس 15 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم