صحيفة المثقف

الحسين ثائرا / كاظم شمهود

 

ان الانسان مخلوق عجيب الاطوار معقد التركيب في تكوينه وفي طبيعته وفي عقله وقد اجتمعت فيه نوازع الفساد من جهة وبواعث الخير والاصلاح من جهة اخرى .  فمن جهة جبل على العواطف والغرائز من حب النفس والتكالب على الحياة وزخرفها – ان النفس لامارة بالسوء – ومن جهة اخرى خلق الله فيه العقل هاديا مرشدا الى الاصلاح ومواطن الخير ..

كربلاء كانت ولازالت تمثل الثبات والعمود الفقري للدين فهي عبرة (بكسر العين) وعبرة (بفتح العين) الاولى يقودها العقل والثانية يقودها القلب وقد شكلا الاثنان خط مواجهة مع . 1 / مع النفس الامارة بالسوء 2 / مواجهة مع الشيطان الذي يدعو الى عبادة الدنيا وزخرفتها 3 / مواجة مع الظالم الذي اغرق الامة في مستنقع الرذيلة والفساد ..

هذه المواجهة اعتمدت على عناصر ثبات وقوة وهي:

 1 / التحصين الفكري

 2 / التحصين العقائدي

 3 / التحصين الاخلاقي ..

هذه العناصر والمبادئ الاخلاقية لو وضعناها كمعيار امام يزيد بن معاوية لوجدنا انها بعيدة عنه كل البعد وحتى على السياق الانساني ... بينما نجد الحسين-ع- حملها وحمل الامانة بكل جدارة لانه يمثل خط السماء والانبياء – ع ...

عندما نطالع كتب المؤرخين كالطبري - تاريخ الطبري - وابن مسعود - مروج الذهب – والعقد الفريد - لابن عبد ربه الاندلسي وغيرها من كتب اهل العلم . نجدهم يصفون يزيد بانه فاسد شارب الخمر صبياني يلعب مع القردة .. وهو اول من فتح الباب للهو والطرب والغناء في قصر الخلافة ... فعندما قتل الحسين- ع- قال ابياتا سجلها التاريخ ( لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل) (يوم بيوم بدر ..) وهذا يشير في عمق حقيقته وبصراحة الى شكه في رسالة الرسول محمد –ص- وطلب ثأر اجدادة الذين قتلوا في معركة بدر ...

اليوم تجد هناك من علما السلاطين من يبرر قتل الحسين ويبرئ يزيد من ذلك ويدافع عنه لانه الخليفة الشرعي بزعمه وهو نفس التبرير الذي يدافع به عن شرعية الملوك العرب الذين يحكمون بقانون الوراثة والبطش والظلم ويعتبرون الخروج عليهم كفر وبدعة ...

كانت قريش عبارة عن بطون متفرعة ومتشعبة تشكل كل واحدة قبيلة او عشيرة بالمصطلح الحاضر فكانت منها بني هاشم وبني امية وبني خزيم  وغيرها .. وكانت تتنازع على السلطة في ادارة مكة والحرم الشريف والذي كان يوم ذاك بيد بني هاشم ... هذا التنازع والصراع كان بدوي وليس حضري او ديمقراطي كما نفهمه اليوم... وكثير ما يصاحبه البطش والقتل . وقد اشار اليه ابن خلدون حينما تحدث عن الدولة فقال ان الدولة الاموية هي دولة اعرابية وليس عربية ... بمعنى ان من صفاتها حب السلطة والمال والبطش والقتل ... هذا الخط ترونه اليوم موروثا بشكل واضح وصريح  في بعض الجماعات الدينية المتطرفة كالوهابية والسلفية . والتي نشرت الفساد والانحراف والفوضى في المعتقد الاسلامي .. ..

و عندما آلت الخلافة الى عثمان بن عفان اجتمع به ابو سفيان وكان اعمى فقال " (تلاقفوها يا بني امية كالكرة (ويعني الخلافة) فوالذي يعتقد به ابو سفيان ليس هناك جنة ولا نار) فعلى هذا التطرف السلطوي والمعتقد حكمت الدولة الاموية بالوراثة (ملك عضوض) فليس هناك في قاموسهم البدوي جنة ولانار وانما حكم ومال ... ولهذا ليس غريبا ان يقتل يزيد الحسين- ع - فابوه قاتل الامام علي وشرع سبه على منابر المسلمين اكثر من 60 عاما .. وهذه هي الشجرة الملعونه التي ذكرها القرآن الكريم واشارة اليها علماء المسلمين منهم الرازي وغيره من المفسرين ...

 

مشروع الامام الحسين –ع

اما الحسين الثائر فهو مشروع سماوي وهو امتداد للرسالات والحق الرباني الذي جاء به وبشر الانبياء والرسل فهو " 1 / مشروع ثورة على الحاكم الظالم المستبد 2 / وهو مشروع اصلاح وتجديد بعدما انحرفت الامة عن مسارها الصحيح (لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا وانما خرجت للاصلاح في امة جدي ...) 3 / وهو مشروع خلافة فهو احق بها من يزيد وهو الامام بعد الحسن –ع- كما نص ذلك في كتاب صلح الحسن مع معاوية .. 4 / وهو مشروع حركة تعبئة الامة واعادة الوعي اليها واستيقاضها واستنهاضها من الخدر الذي خيم عليها بفعل السياسة الخاطئة والظالمة لبني امية .. 4 / وهو مشروع اعادة الاعتبار الى خط الامامة المتمثل بخط النبي واهل بيته الاثنى عشر –ع- وانه حق وتنصيب الهي قام به وبدأ الرسول- ص- في يوم الغدير .و اقرته الاحاديث الكثير في كتب الاصحاح . 5 / وهو مشروع شهادة وتضحية من اجل الدين (ان كان دين محمد لا يستقيم الا بقتلي يا سيوف خذيني) ....

 

فان نهزم فهزامون قدما    وان نهزم فغير مهزمينا

 وما من طبنا جبن ولكن   منايانا ودولة آخرين

اذا ما الموت رفع عن اناس   بكلكله اناخ بآخرين

فقل للشامتين بنا افيقوا     سيلقى الشامتون كما لقينا 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2278 الأحد 18 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم