صحيفة المثقف

تفاصيل مثيرة عن صفقة مريبة / جودت هوشيار

  دهشة بالغة  فى أروقة الحكومة الروسية وزوبعة فى وسائل الأعلام الروسية والأجنبية .

 

وكان على الموسوي مستشار رئيس الوزراء العراقي، قد أعلن في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، أن صفقة الأسلحة الموقعة بين روسيا والعراق ألغيت بسبب وجود شبهة فساد. وبعد ذلك بوقت قصير نفى سعدون الدليمي وزير الدفاع العراقي بالوكالة في مؤتمر صحفي له صحة المعلومات عن إلغاء الصفقة، مفترضا حدوث سوء فهم بسبب التأخر في تقديم المعلومات الخاصة بالعقد إلى هيئة النزاهة. ثم أكد مسؤولون آخرون بأن حكومة بغداد  ستقوم بمناقشة ودراسة شروط شراء الأسلحة من روسيا مجددا في إطار لجنة جديدة، حتى تضع حدا للشكوك التي أثيرت حول وجود شبهة فساد.

 

مصدر فى  رئاسة الوزارة الروسية أكد ان العقد المبرم بين الجانبين العراقى والروسى،  اكتسب الصفة القانونية، حيث تم التوقيع عليه يوم التاسع من تشرين الأول / اكتوبر الماضى فى أحد القصور الرئاسية فى ضواحى موسكو بحضور رئيسى وزراء البلدين، ديميرى ميدفييف ونورى المالكى، وأن التراجع عن العقد  له تبعات قانونية ومالية وتداعيات سياسية  ستؤثر على العلاقات المستقبلية بين العراق وروسيا . وان الحكومة الروسية ليس لديها معلومات عن خطط بغداد لتغيير العقد.  لذا فأنها تطالب الحكومة العراقية بتوضيح موقفها من التصريحات المثيرة للجدل التي صدرت عن المسؤولين العراقيين  في الآونة الأخيرة.

 

المؤسسة الأتحادية للتعاون العسكرى والتقنى وكذلك مؤسسة  "روسوبورون اكسبورت" للتصنيع العسكرى، التي تعاقدت معها الحكومة العراقية، لم  يتم إخطارهما  بإلغاء العقد كما لم تكن هنالك معلومات حول إلغاء العقد عبر القنوات الدبلوماسية.

 

و قد كشف نائب مدير  مركز " تحليل الأستراتيجيات والتكنولوجيات  "  "  Center for Analysis of Strategies and Technologies "  كونستانتين ما كيينكو فى تصريح لوكالة " أنترفاكس "  للأنباء ،  أنه جرى  خلال زيارة المالكى لموسكو التوقيع على عقدين منفصلين وليس على عقد واحد  .

العقد الأول بقيمة ( 2 ) مليار دولار لشراء ( 30 ) مروحية هجومية من طراز (  MI-28N )

و العقد الثانى  بقيمة (  2,3)  مليار دولار لشراء ( 42) منظومة للدفاع الجوي الصاروخي  (complex "shell-S1E" NPO "Highly complex )

 

و قد ظهرت فى الأعلام الروسى تفسيرات مختلفة للأسباب التى دعت المالكى الى تعيير موقفه موقفه، من متحمس لشراء الأسلحة وشحنها الى العراق على وجه السرعة الى  التسويف والمماطلة فى تنفيذ العقدين المبرمين مع روسيا.

 

المسؤولون فى وزارة الدفاع الروسية وفى "روسوبورون اكسبورت"،   يعتقدون ان الولايات المتحدة الأميركية كانت وراء الغاء بغداد للعقد، ولديهم دليل قوى على ذلك،  حيث ان الملحق العسكرى الأميركى فى موسكو، قام برحلة مفاجئة الى العراق بعد رجوع المالكى الى بغداد من رحلته الى كل من موسكو وبراغ ,

 

و كانت لهذه الضجة صداها فى العاصمة الأوكرانية " كييف " حيث ان الشركات الأوكرانية المصنعة للأسلحة قد دخلت منذ فترة فى منافسة شديدة مع "روسوبورون اكسبورت" للتعاقد على توريد الأسلحة للعراق  .و يقول خبراء التصنيع العسكرى الأوكرانيون ان أسعار الأسلحة التى تتضمنها صفقة الأسلحة بين العراق وروسيا مرتفعة للغاية، وتبلغ عدة أضعاف أسعارها الحقيقية ز فعلى سبيل المثال :

 

ان العقد المبرم بين روسيا وسوريا في عام 2006، لتوريد ( 50)  منظومة للدفاع الجوي الصاروخي  ( complex "shell-S1E" NPO "Highly complex ) كان بقيمة إجمالية تبلغ نحو ( 900 ) مليون دولار . وسعر المنظومة الواحدة ( 18 ) مليون دولار، أما فى العقد العراقى فأنه يبلغ حوالى ( 55 ) مليون دولار، أى أكثر من ثلاثة أضعاف السعر الحقيقى .

 

و يؤكد أولئك الخبراء أن الفرق بين أجمالى القيمة التعاقدية والقيمة الحقيقية للأسلحة المباعة للعراق سوف يذهب الى جيوب عدد من المسؤولين العراقيين والوسطاء، وتؤكد "روسوبورون اكسبورت" أن هذا الأمر( طبيعى ) فى العقود المبرمة مع الدول النامية وتلمح أن الرشى فى العقد العراقى  لا تقل عن ( 500 ) مليون دولار .

 

و قال بعض المحللين السياسيين ان السبب الحقيقى لألغاء أو أعادة النظر فى العقد وتأخر ورود تفسير منطقى من  بغداد، يرجع الى التطاحن الحامى الناشب  فى المنطقة الخضراء حول كيفية تقاسم ( الغنيمة )

 

و تشير كل الدلائل الى ان  السلطات الروسية لن تتخلى عن العقدين  المبرمين  مع العراق بسهولة،  كما يخيل الى  المسؤولين فى بغداد . وأنها ما تزال تطالب الحكومة العراقية بتوضيح موقفها رسمياً وأنها  تحتفظ  بحقها فى المطالبة بدفع الغرامات المنصوص عليها فى  العقدين فى حالة نكول أى من الجانبين عن تنفيذ ما تم الأتفاق عليه بين رئيسى وزراء البلدين .

 

جودت هوشيار

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2283 الجمعة 23 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم