صحيفة المثقف

فليحة حسن .. قلبي جنوبي لا يهديكم إلا جمرا / عماد كامل

 

فليحة حسن نجمة في سماء الأدب..شاعرة ذات موهبة جميلة، عندما يكتب قلمها ينثر لآلئ شعرية، وإذا نطقت شفاهها أثارت سواكن الروح واخترقت كلماتها أعماق سامعيها، فهي تختار كلماتها بعناية..

 فليحة التي تأخذنا عبر قصائدها إلى زمن الحب وصفائه في وقت يضج بالصخب والرصاص فتجعلنا نستلذ الحياة ونبحث في القلوب عن من يستحق أن نسكب عليه ترتيلات العشق ومشاعرنا الدافئة.

شاعرة خطت بأناملها الجميلة كلمة الحب المغلف بحروب الوطن،حملت قلمها معها في بلاد الغربة شاعرة أحبت وطنها وأحبت الحياة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى مازالت تعيش معها مرهفة الحس والجمال. سرقنا من وقتها لتجيبنا على أسئلتنا حول منجزها الأدبي والشعري.

 

- من هي " فليحة حسن"؟

* لا ملامح واضحة لشخصية فليحة حسن بعيداً عن كتاباتها هذا ما أستطيع أن أقوله بمصداقية عن نفسي التي لا أتقن التعبير عنها بدون الورقة لأنها لصيقة ذاتي الدائمة والوجه الآخر الحقيقي لي .

 

- متى رسمت أناملك كلمات الشعر؟

*كثيرا ما أُسأل عن هذا الأمر فأقول منذ طفولتي كنت أضع إلى جانبي قلماً وورقة وحين أصحو أجد بعض تراكيب وجمل تنتمي إلى الجمال، ربما لان طفولتي تحمل من الغرابة الشيء الكثير لذا فإن أولى كتاباتي تعود إليها، لكن تدوينها على شكل كُتيب صغير جاء كمجموعة شعرية أولى يعود إلى عام 1991 حين ولدت ابنتي البكر واعني مجموعة  (لأنني فتاة) ولها يرجع كلّ الفضل في تدوين اسمي بين أسماء الشعراء .

 

- ماذا تعني لك الكتابة؟

*إذا ما  قلت إن الكتابة مؤشر حقيقي على وجودي الفعلي فلا أجانب الصواب مطلقاً بل أكون محقة فعلاً وكثيراً ما أسأل ذاتي كيف لي أن أعرفك إذا كنت لا تتقنين بوح الكتابة فتزم شفتيها متعجبة وتهمس لا ادري، اجل أنا بلا كتابة اجهل مكنوناتي بل لا اعرفني فعلاً فالورقة طريق معرفتي بذاتي وعرفاني إياها ولولاها لجهلتُ سرّ وجودي !

 

- يبدو الحزن واضحا في كتابات فليحة لماذا؟

* كيف لا أكون كذلك وأنا سليلة حزن ابدي يتراكم منذ كان العراق! فليس من السهولة بمكان أن نحلم بالفرح ونحن نتنفس طيات الهواء حزناً متوالداً،  قد يحدث أحياناً أن نسرق لحظة فرح عابرة غير إننا لا نقو على إبقائها بين أنامل أرواحنا لأكثر من هنيهة فما يمرُّ به العراق من حزن عام يجعل أفراحنا الشخصية  سريعة الأفول وتدخل ضمن قانون المستحيلات.   

 

- أين الرجل داخل سطور فليحة حسن؟

* تشي سطوري بصورتين متباينتين للرجل، الأولى تكشف ملامح الظلم والعنف الذي لا يستطيع الرجل إخفائه وإن ارتدى من اجل ذلك أقنعة شتى كونه طبع مولود به وتطبع رباه عليه المجتمع الذي نشأ به ، أما الصورة الأخرى فهي صورة الرجل الحلم الذي أتمنى منه أن يئد أحزاني ويلملم ما تبقى من انكسارات روحي ويلون أيامي بقوس قزح لذا قد يتفاجأ من يقوم بدراسة شعري لوجود هاتين الصورتين المتغايرتين فيه ومن وجهة  نظري لا مفاجأة في الأمر لأن واقع ما عشته فعلاً يحتاج إلى خيط حلم أتمسك به كي أواصل الحياة في الأقل !

 

- البعض يرى أن فليحة تحاول إن تجعل الرجل مهزوما في كتاباتها ما رأيك؟

*ومن قال إن الرجل يمتلك من القوة بمقدار ما يجعله منتصراً على الدوام، حقيقة الأمر قوة  الرجل ما هي في الأصل إلا صنيعة أسرة ربّت بناتها على تقديم قرابين الطاعة للرجل في كلّ حين و مجتمع شرقي منحاز للذكورة دونما وعي بمقدار ما تملكه المرأة من قوة إذا ما وضعت في المكان المناسب، ومدى قدرتها على تحمل المشاق إذا ما تطلب الأمر منها إبداء القوة والثبات والأمثلة على ذلك عديدة بل لا تحصى، فإذا ما بينتُ في كتاباتي حقيقة الرجل فبدا مهزوماً فهذا لا يعني إنني أتجنى عليه لغاية في نفسي بل إن في كتاباتي  إيضاح لما هو موجود فعلاً وواضح تمام الوضوح غير انه مسكوت عنه لغاية.

 

- حدثينا عن أعمالك الأدبية؟  

*لا أتقن الحديث كما يفعل الآخرون  لذا دعني أقول: (لأنني فتاة، زرتُ متحف الظل، ووضعتُ خمسة عناوين لصديقي البحر، علّني أجد الفرح ولو بعد حين ! غير إني أصبتُ بنقص في كريات الفرح وصرتُ حزينا  وتشظيتُ فوق مراياهم فكتبتُ قصائد أمي مثل نمش ماي وحاول حجبي البابوث فطرتُ محلقة بعيداً عن العنكبوت وحرستني حمامة)

 

 - صدرت لك مؤخرا رواية (اكره مدينتي) فيما تتلخص أحداث الرواية؟

 * الحقيقة عنوان روايتي بالكامل هو (بعيداً عن العنكبوت حارستي حمامة واكره مدينتي) وهو عنوان مائز لطوله ربما أو كونه يمثل جملة مهمة وأساسية من بنية النص / الرواية، والرواية تدور حول توأم سيامي لكنه هنا ذكر وأنثى وكيف تعاورتْ أيدي القدر والطبيعة والواقع المعيش على بناء شخصية هذا التوأم الذي لم يحضَ بوعي حقيقي كونه يستمد معرفة ناقصة لأنه لا يجد  سوى جدته معيناً له في هذا الجانب،  ومفارقة الرواية تكمن في إنها تدور حول معيشة  هذا التوأم في مرحلة  حياتية حرجة جداً إلا وهي مرحلة المراهقة، فتصوّر كيف يستطيع هذا التوأم المختلف في كلّ شيء والملتصق طوال الحياة أن يعيش أزمات تلك المرحلة بسلام، يضاف لهذا طبعاً تصويري لحالة الظلم الذي تعيشه المرأة في زمن الحروب المتوالدة وفقدانها الأمن والأمان ومحاولاتها المتكررة في البقاء والحقيقة هذه الرواية، رواية نسوية ومخيفة أيضاً  حدَّ إنّها تصيب قارئها بالإعياء.

 

- ما هي أهم الجوائز التي حصلت عليها فليحة؟

*حصلت على عدة جوائز في الشعر والقصة والمسرح ومسرح الطفل يمكن أن ألخصها وكما يأتي: (حزتُ على المركز الأول في الشعر في جائزة نازك الملائكة، حزتُ على الجائزة الأولى للشعر  في جريدة المؤتمر،حزتُ على المركز الأول في القصة القصيرة في المسابقة التي أقامتها مؤسسة شهيد المحراب للأدب، حزتُ على المركز الثاني في المسرح لدورة عالم سبيط النيلي،حزتُ على جائزة  في مسرح الأطفال لعام 2011، فازتْ مسرحية (البابوث) في المغرب وتم تمثيلها هناك، تم تكريمي من قبل جمعية واتا للمترجمين واللغويين العرب في  2008 تم تكريمي  في مهرجان  الإبداع ألنجفي لاختيار النجف عاصمة الثقافة 2012، تم تكريمي بجائزة العنقاء الدولية لعام  2012 حصلت قصتي (إجهاض) على المركز الأول في المسابقة التي أقامتها إذاعة الـ(بي بي سي)  بالتعاون مع مجلة العربي الكويتية عام .2012

 

- هل تعرضت فليحة لانتقادات؟

أنا مع النقد ولا اعترف مطلقا بما يسمى نقد هدام فالنقد يصب في خدمة النص أو الناص أو كلاهما معاً ولم اسمع إلى الآن من إن هناك شخصاً مات من النقد وحتى لو حدث ذلك فالسبب يكمن في شخص المنتَقد لا في النقد الموجه إليه، نعم  كتب عني الكثير من النقاد بل الكثير جدا إذا صح القول دراسات ومقالات في الصحف والمجلات العراقية والعربية وحتى في الكتب ونوقشتْ  أكثر من رسالة ماجستير وأطروحة دكتوراه حملت في طياتها  جزء من كتاباتي،  وأنا أؤمن بان النص المهم هو من تتعارض فيه الآراء وتختلف عليه الأقلام، وان أتعس النصوص تلك التي لا يبالي بها احد وتركن إلى زاوية الإهمال.

 

 - كلمة أخيرة لمحبي فليحة حسن؟

أقول لمن يتابع كتاباتي إنني سعيدة جدا بهذه المتابعة وإذا ما حدث ووجدتم في نصوصي حزناً كبيراً فلتمسوا لي العذر في ذلك فأنا جنوبية ولو كان القلب شمالاً لاستمتعتم ببرودته لكن جنوبيته تأبى إلا أن تهديكم جمراً !.....دوموا بسلام وأمان .

 

حاورها شبكيا/ عماد كامل

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2287 الثلاثاء 27 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم