صحيفة المثقف

أبتلاء الشعب بتجار السياسة / علي جابر الفتلاوي

لأنّ همهم الربح فقط وبأي وسيلة كانت شريفة أو غير شريفة، من تجار السياسة، مَنْ عاد الى أرض الوطن بعد سقوط نظام البعث الدموي، ومنهم من رجالات نظام البعث المندثر، وكانوا يمارسون تجارتهم لخدمة نظام صدام تحت عناوين شتى، أولئك التجار، وهؤلاء دخلوا ميدان السياسة، فعرفهم الشعب سياسيين، ولم يعرفهم تجارا يمارسون السياسة، تجار السياسة هؤلاء يحملون العقلية التجارية، التي تتعامل بالربح والخسارة، ولا يهمها مصالح الناس الاخرين، او المصلحة الوطنية العامة، بل همهم الاكبر منافعهم ومصلحتهم الشخصية .

هذا الصنف من التجار السياسيين، الذين يسعون وراء الربح الشخصي فحسب، يتخذون من الكذب والغش والخداع والتمويه والتزوير والأفساد والفساد وحتى العنف والقتل عند البعض منهم، وسيلة لتسويق بضاعتهم السياسية، لأنّ غايتهم الكسب الذاتي فقط، والأيقاع بالشريك الشريف الاخر، تجار السياسة دخلوا ميدانها، ودخلت معهم معاييرهم التجارية غير النظيفة وغير الشريفة، فأخذوا يديرون مافيات الفساد المالي في مؤسسات الدولة بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، بواسطة وكلائهم في هذه المؤسسات، واخر ما سمعناه عن فساد تجار السياسية، هو ممارسة السمسرة أو ما يطلق عليه شعبيا ( الكمشن او الدلالية )، أذ يتقاضون نسبة من المال من البائع مباشرة، وأنْ كان هناك وسيط بين البائع والمشتري، يأخذون نسبتهم من هذا الوسيط، لا بل يدفعون بعض جنودهم في بعض المؤسسات الامنية، للأخبار الكاذب
( المخبر السري )، عن بعض الشركات، او التجار، لغرض ابتزاز هذه الشركة او التاجر بالرشوة، التي تصل أحيانا الى عشرات الملايين، لغرض تسوية القضية المفتعلة بحق هذا التاجر او الشركة وأنهائها، ويقوم بهذه المهمة أشخاص مختصون بهذه العمليات المنحرفة،بصفة وسطاء ( فاعل خير )، وبعض هؤلاء التجار السياسيين، يمتلكون شركات تجارية للاستيراد باسماء وكلاء لهم، فيستوردون مواد غذائية منتهية الصلاحية، ويضخونها بالسوق، والويل لمن يعترض على ذلك من الموظفين البسطاء،  مستغلين نفوذهم السياسي .

 هذه بعض أساليبهم التي كُشف عنها، وسمع بها الناس، أما ما هو تحت الستار لحد الان، ربما ما هو الادهى والاكثر مرارة وأيذاء للناس والوطن، هؤلاء التجار السياسيون أموالهم التي تراكمت بشكل فاحش وكبير وغير طبيعي، هي السحت الحرام (( وترى كثيراً منهم يسارعون في الاثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون )) 62، المائدة .

كثير من ملفات الفساد المالي هذه، يديرها هؤلاء التجار السياسيون، وهم بالاصل تجار منحرفون يمارسون السياسة، أُبتلى بهم الشعب العراقي وفُرضوا على العملية السياسية بعنوان المحاصصة، وهو الداء الذي ينخر في جسد العملية السياسية ، هؤلاء التجار السياسيون يمارسون فسادهم من دون أن يتركوا أثراً، او دليلاً، لأنهم محترفون، بل نراهم من أكثر السياسيين ثرثرة في الاعلام، يزعقون لأي سبب كان  يتهجمون على السياسيين الشرفاء الذين يشاركونهم في قيادة العملية السياسية، ويخلقون لهم المشاكل والمعوقات، ويحاولون الصاق التهم بهم، نراهم بعيدين عن الشرف، لكنهم من أكثر الناس أدعاءً بالشرف والنزاهة وحب الشعب والوطن، ولا يمكن لأحد أنْ ينافسهم في ذلك، وقد أشاراليوم 1 \12 \2012  السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق في مؤتمره الصحفي الى صور من هذه الظاهرة عند بعض السياسيين، أذ نرى بعض السياسين يتكلم عن النزاهة وهو متورط في الفساد، وآخرين يتكلمون عن حقوق الانسان، وهم مطلوبون بتهمة الارهاب .

بسبب الأبتلاء بهؤلاء التجار السياسيين، الذين يدعون الشرف والوطنية، وهم بعيدون كل البعد عنهما، التبست الامور على قسم من الناس، وأصبح من الصعب عليهم أنْ يميزوا بين التاجر السياسي، وبين السياسي الوطني، سيما وأنّ تاجر السياسة يتكلم أكثر من غيره في الوطنية والاخلاص والنزاهة، ويهتف باسم الشعب والوطن، ووظفت لخدمتهم مؤسسات أعلامية، وفضائيات، وأموالا طائلة، سيما وأن قسما من هؤلاء تجار السياسة يديرون كثيرا من خلايا الارهاب، ويوظفون أموال السحت الحرام  لتمويل الارهاب، وقتل أبناء الشعب العراقي، وكثير منهم مرتبط بدوائر المخابرات الاجنبية المعادية للعراق وشعبه الصابر، والمشكلة الكبيرة أنْ لا أحد من السياسيين الاشراف الوطنيين يجرأ بالضرب على أيدي هؤلاء الذين يشاركوهم في العملية السياسية باسم المحاصصة، او ما يسمى بالمشاركة . 

في الوقت الذي نرى الشعب العراقي الوفي يئن  من تصرفات وجرائم تجار السياسة، نراه لا ينسى موقف ابنائه من السياسيين الشرفاء، الذين يسهرون ليل نهار، لأجل مصلحة وراحة شعبهم، وسيادة العراق وبنائه، ويحاربون الارهاب والفساد ويسهرون من أجل توفير الخدمات للشعب العراقي،  هؤلاء السياسيون الشرفاء الذين يعملون بجد واخلاص ووفاء لخدمة شعبهم ووطنهم، ويضحون  لو تطلب ذلك بحياتهم من أجل المحافظة على العملية السياسية الجديدة في العراق، التي اصبحت مصدر خوف وقلق لبعض دول الحكم الديكتاتوري والوراثي في المنطقة، نرى هؤلاء السياسيين الشرفاء عرضة للهجوم، والتشهير الكاذب من أعدائهم تجار السياسة، عليه ندعو ابناء الشعب العراقي من السياسيين الشرفاء، لأنهاء حالة الصمت والمداراة، والاقدام على كشف اسماء هؤلاء تجار السياسة، وفضحهم أمام الشعب العراقي، لأنّ الشعب قد سئم من مسرحيات هؤلاء التجار السياسيين، وآن الاوان لوضع النقاط على الحروف، كي يعرف الشعب طريقه، ويتخذ القرار المناسب بحقهم .

 

علي جابر الفتلاوي

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2292 الأحد 02 / 12 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم