صحيفة المثقف

الشعب المصري يعلن تشييع الأخوان المسلمين / علي جابر الفتلاوي

بعد أن تحول (الربيع) فيها بفعل فاعل الى شتاءٍ قارص، المحور الامريكي الصهيوني تبنى الحركات الاسلامية السلفية المدعومة من قطر والسعودية، كونها الأقرب لتحقيق الاهداف الامريكية الصهيونية، هذا المحور بذل جهوده من أجل سرقة ثمار الثورات الشعبية لصالح الحركات السلفية التي تعطي الصورة المشوهة عن الاسلام، وهذا أحد الدوافع التي تدفع بمحور الشر الامريكي لتبني هذه الحركات المتخلفة، وأحد الشواهد على ذلك، أستلام الاخوان الحكم في مصر، وكذا بقية البلدان التي شهدت حراكا شعبيا، ومن خلال ألتقاط المؤشرات الميدانية لاحظنا الدعم الامريكي، وبقية دول هذا المحور، لهذه الحركات السلفية من أجل أن تتسلم السلطة .

هذه المعادلة دفعت بالاخوان المسلمين الى السلطة في مصر، فجاء محمود مرسي رئيسا لجمهورية مصر، في عملية أنتخابية يدور الشك حول نتائجها، بسبب التدخل السعودي القطري، ونزول دولار النفط الخليجي الى الميدان السياسي في مصر وبقية البلدان التي تشهد حراكا شعبيا ضد حكامها الدكتاتوريين، وكذلك بسبب التعهدات التي أعطاها الاخوان المسلمون الى امريكا، بعدم الاخلال باتفاقيات كامب ديفد، وايضا بأرجاع الاملاك اليهودية التي صودرت أيام عهد الرئيس السابق الراحل جمال عبد الناصر، وفعلا فقد أشار الاعلان الدستوري الذي انتفض الشعب المصري لرفضة في أحدى فقراته الى هذا الامر فيما يخص اليهود المصريين، هذه العوامل بمجملها هي التي سمحت للاخوان بالوصول الى كرسي السلطة .

الحاكم في مصر اليوم هم الاخوان المسلمون، وقد انتخبوا مع بقية الحركات السلفية محمود مرسي رئيسا لهم، لم يمضِ على حكم مرسي ألا أشهراً حتى بدأت تفوح رائحة الدكتاتورية والانحصارية بمعنى مصادرة الاخر وعدم الاعتراف به، وهذه هي سمات السلفيين عموما، أذ أقدم مرسي على جملة من الخطوات لترسيخ الدكتاتورية، ولتثبيت دعائم حكم السلفيين في المستقبل، منها التدخل في شؤون القضاء لتحويله الى قضاء سلطاني، واصدار الاعلان الدستوري الذي يصادرأرادة الشعب المصري، ويؤسس لدكتاتورية جديدة لمصلحة السلفيين، وهذا هو دأب جميع الاحزاب السلفية الدينية في جميع البلدان الاسلامية، فهم يطالبون بالحرية والديمقراطية لغرض أستخدامها جسرا للوصول الى السلطة، حتى أذا وصلوا الى كرسي الحكم، بدأوا بمصادرتها، وتضييق الخناق على الشعب الذي يبتلى بهم وبحكمهم، فالديمقراطية عندهم وسيلة وليس غاية، ينادون بها ما داموا خارج السلطة، حتى اذا وصلوا الى السلطة، أغلقوا جميع المنافذ والطرق التي توصل الى الديمقراطية، ولا يبقى منها الا الرسم والشكل، الذي يخدم وجودهم ويرسخه .

الحرية والديمقراطية توأمان لا يفترقان، وكلاهما شعاران ينادي بهما السلفيون حتى يحققوا أهدافهم في الوصول الى كرسي الحكم، حتى أذا وصلوا، صادروهما لأن السلفيين لا يؤمنون بالاخر المختلف أصلا ، السلفيون مقبولون اليوم من امريكا واسرائيل بفضل الجهود السعودية القطرية، السلفيون هم الاقرب الى امريكا واسرائيل، بين ليلة وضحاها، اختفى عداؤهم للصهيونية وللكافرة امريكا حسب ما كانوا يصفونها، هنا تبخرت أسلاميتهم من أجل كرسي الحكم، الاخوان في مصر اليوم أصدقاء لامريكا واسرائيل، وتحول جهاد السلفيين باتجاه المسلم الاخر، وهذا ما يريده أعداء الاسلام .

مضى على حكم الاخوان في مصر أشهرا، خلال هذه الفترة القصيرة من حكمهم أثبتوا أنهم فاشلون ولا يصلحون للحكم، وهذه هي حقيقة السلفيين، لا يصلحون للحكم، ولا لتولي أي قيادة عامة، لأنهم أنحصاريون لا يؤمنون بالاخر المختلف، ويريدون صياغة العالم وفق خارطة أفكارهم المتخلفة، لقد وجدت أمريكا والصهيونية في النموذج ألأسلامي ألسلفي، خيرَ معينٍ لهما في تحقيق أهدافهما في المنطقة، وقد توافق الرأي ألأوروأمريكي الصهيوني لأختيار ألتيار ألسلفي ممثلاً للأسلام، من أجل تحقيق أهدافهم في المنطقة من جهة، ولأعطاء صورة مشوهة عن الاسلام في العالم الغربي من جهة أخرى، ليقولوا لشعوبهم هذا هو الاسلام، دين التخلف والقتل والظلم ومصادرة الحريات، فأعداء الاسلام رحبوا بالسلفيين ليكونوا ممثلين وناطقين باسم الاسلام .

الشعب المصري صاحب الثورات والبطولات، والتأريخ العريق، الذي يسعى الى الحرية والديمقراطية الحقيقية غير المزيفة والشكلية، ويرفض الظلم وينشد العدالة، خرج في مسيرات مليونية، ليعلن رفضه لسياسة محمود مرسي، ومن ورائه سياسة الاخوان، المدعومة من قطر والسعودية، ومن المحور الامريكي الصهيوني، المسيرات المليونية التي خرجت تهتف بالرفض لمرسي وحزبه، من خلال رفضهم للأعلان الدستوري، الذي يريد الاخوان مصادرة أرادة وحرية الشعب المصري من خلال فقرات هذا الاعلان، لكن الشعب المصري واع لخيوط لعبة الاخوان، خرج بمسيرات مليونية رافضا للاعلان الدستوري، وهذه المسيرات المليونية هي بمثابة أعلان تشييع للاخوان المسلمين في مصر، ورفض لسياساتهم التي تريد أرجاع الدكتاتورية من جديد، وربما الدكتاتورية ألأتعس، لم يتحمل الشعب المصري الاخوان أشهراً، اذ اثبت الاخوان أنهم فاشلون ولا يصلحون للحكم، ولا يؤمنون بالديمقراطية التي أوصلتهم الى الحكم، الشعب المصري أصدر شهادة الوفاة للاخوان، بمسيراته المليونية، وكشف زيفهم وأدعاءاتهم الباطلة في أنهم مع الشعب المصري في تحيق طموحاته في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم، اثبت الشعب من خلال المسيرات الجماهيرية التي شيعت نعش الاخوان، أنّ السلفيين خدم لأمريكا ومهادنون لأسرائيل، وأثبت أنهم أعداء للحرية والديمقراطية، وما بقي على الشعب المصري الا أنْ يعلن دفنهم والى الابد .

 

علي جابر الفتلاوي

   

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2303 الخميس 13 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم