صحيفة المثقف

تحديات العنف كتاب جديد للباحث العراقي ماجد الغرباوي

صدر في بغداد عن معهد الابحاث والتنمية الحضارية بالاشتراك مع دار العارف في بيروت كتاب:

تحديات العنف للباحث والكاتب ماجد الغرباوي

والكتاب مكرس لدراسة اسباب العنف واكتشاف بنيته المعرفية، من مقولات ومفاهيم وفضاءات فكرية وعقيدية، ومحاولة للتعرّف على الخطاب الديني التكفيري الذي يمارسه الفقهاء المتطرفون ضد الاخر المختلف دينيا وعقيديا. واكتشاف الادلة التي تبرر للانسان منطق العنف والاقصاء والكراهية والتنابذ، وفهم طبيعة الثقافة التي تشبع بها الارهابيون الدينيون فاستساغوا الموت وكرهوا الحياة، وامتلأت قلوبهم حقدا وبغضاء. 

من هذا المنطلق تناول الكتاب عدة محاور اساسية، شملت تعريف العنف وتاريخه وفلسفته وانواعه، ثم التحديات الكبيرة للعنف على جميع الاصعدة. اضافة الى دراسة مسيرة الحركات الاسلامية المتزامنة مع ممارسة العنف. وقراءة في الايات والاحاديث التي يرتكز لها خطابها التكفيري، ومناقشة الفتاوى الدموية وفقه الكراهية الذي يتشبث به بعض الفقهاء لاستباحة دماء الناس. ولم يقتصر العنف على الحركات الاسلامية وحدها فهناك عنف الدولة والسطلة وعنف الفرد والقبيلة وغيرها من الانواع.

 كما تحدث الكتاب مطولا عن التحديات التي تواجه الجاليات العربية والمسلمة بسبب العنف، مستحضرا أمثلة كثيرة واجهت العرب والمسلمين كردود فعل سلبيه من قبل المتطرفين، كما قارن الكتاب حال الجاليات قبل موجة العنف وبعدها، والاجراءات التي باتت تواجه العربي والمسلم في المطارات والاسواق، وتوجس الشعوب الاخرى من العرب والمسلمين تحديدا. 

وقد ارتكز الكتاب في كل ذلك الى منهج جديد في دراسة النصوص الدينية، وفلسفة اخرى في فهم الحقيقة. وتعمـّد المؤلف طوال البحث الى استفزاز الوعي، وفتح الاضابير المحرمة، غير مكترث لاي ممنوع او محرم. ولا ينسى التاشير على الدوافع الشخصية والايدولوجية في فهم النصوص. والمحاولات المتكررة من قبل المذاهب والاديان ورجال الدين لاحتكار الحقيقية وتوظيفها لخدمة التبشير الديني، بعد تكفير المختلف والمعارض. 

الكتاب: تحديات العنف

الكاتب: ماجد الغرباوي

عدد الصفحات: 416 حجم كبير

اصدار: معهد الابحاث الحضارية – بغداد بالاشتراك مع دار العارف – بيروت

الطبعة: الاولى

السنة: نيسان – ابريل /  2009م - 1430هـ102 majedalgharbawi500

 لقد اعتمد المؤلف منطقا داخلية في مناقشته لادلة الخطاب الديني السائد، فراح يرتكز الى منهج الفصل بين الايات المكية والمدنية من جهة، واعادة النظر في اطلاق الادلة سواء القراءنية او الحديثية، موظفا النص ذاته لتحجيم دينامكية النصوص التي ارتكز اليها التكفيرويون لتبرير ممارساتهم العنيفه ضد الاخر. فبات الفرز بين القضايا الخارجية والحقيقية مهمة اساسية في اسنتطاق ايات الجهاد وخصوص ايات القتال، اضافة الى اعادة النظر في طبيعة الاطلاقات سيما الازمانية منها. 

ومن جهة اخر راح الكتاب يعيد النظر في فعلية الجهاد، وفق اسس اصول الفقه، مستفيدا من نفس الاصول التي اعتمدها الفقهاء في بناء الادلة. فهو لم ينفي الجهاد كفريضة لكنه نجح دلاليا في اثبات عدم فعليته، باستدلال منطقي واضح. كما توغلت الدراسة في فهم فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التى ارتكز لها خطاب بعض الحركات الاسلامية، ليحد من الفهم المتحيز لتبرير العنف. فبيقت الفريضة كما هي باليات اخرى وفقا لمنطق الايات ذاتها التي شرعتها. كم قدم دراسة اكثر تفصيلا عن المرتد واثبت بالارتكاز الى النص الديني عدم ثبوت اي ادانه دنيوية، وبالتالي عدم وجود اي دليل حجه على قتله، وهذا مخالفا لمنطق الفقهاء القاضي باستباحة دم المرتد، بل راح بعضهم يعد انكار ضرورة واحدة ارتدادا يستوجب القتل، مما ساهم في غرس روح الكراهية للاخر المختلف دينيا وعقيديا. كما تعرض الكتاب في طياته الى مسالة الفصل بين الدين والسياسة وما هو مفهوم الدولة الدينية. 

اما بالنسبة الى السنة النبوية فقد ارتكزت الدراسة الى منهج اخر يحد من اطلاق حجية مطلق السيرة، بعد فرز ما هو حجة فعلا من الروايات المتعلقة بايات الكتاب وما هو غير ذلك، على خلاف المنطق السائد في اعتبار حجية مطلق السيرة النبوية، الذي انتج لنا كثيرا من التشوهات في الخطاب والسلوك الدينيين، بسبب التسمك اللامدروس بمطلق الروايات بعيدا عن اشراطاتها الزمانية والمكانية. فبدت السيرة متعالية، خارج الزمن، بينما للسيرة دورها المحدد الواضح قرانيا. من هنا اعتمدت الدراسة على نفس ايات الكتاب الحكيم لفهم السيرة، وليس خارجا عنه. واعتمدت على منهج مستمد من نفس النصوص المقدسة، فاسس لفهم اخر، لا شك انه سيثير حفيظة التيارات الدينية المحافظة ويزعج رغباتهم الايديولوجية في الاستحواذ على مقدارت المحايث والمفارق، وقدم فهما يعكس الصورة الناصعة للدين والتي سرقتها الخطابات التعبوية اللممالئة للرغبات اللاديلوجية المتحيزة.

 وعندما ترفض الدراسة منطق العنف في تسوية الخلافات والمشاكل العالقة بين الاطراف، لا تنكر حق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في استخدام القوة حينما تعجز كل الطرق السلمية لاسترداد حقوقها. من هنا جاء التمييز بين العنف المرفوض وبين القوة التي تحفظ هيبة القانون وتساهم في استرداد الحقوق المشروعة.

وكتاب تحديات العنف جاء مكملا لكتاب التسامح ومنابع اللاتسامح، فرص التعايش بين الاديان والثقافات للكاتب ماجد الغرباوي، والذي صدر بطبعة جديدة في العام الماضي. وايضا هو الكتاب الرابع عشر ضمن اعمال الكاتب المطبوعة.

ويتسم الكتابان بالجرأة والشجاعة في مقاربة الاشكاليات، ويقدمان قراءة جديدة للنصوص الدينية تنسجم مع اهداف الرسالة السماوي والقيم الرفيعة. ويساهم الكتابان ايضا في تعميق الاواصر الانسانية وارساء دعائم المجتمع المدني الخالي من العنف، ونبذ الكراهية والتخلي عن ثقافة الموت. ويعتمدان على اسس جديدة في فهم الحقيقة واكتشاف ما يلفها من شرانق ايدولوجية تحجب الرؤية وتظلل الوعي.

 ***

 يوسف موسى 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم