صحيفة المثقف

مع عبداللـه العلايلي "الشيخ الأحمر"

كان عبداللـه العلايلي صاحب مواقف يسارية جذرية مختلفة واجتهادات فقهية كثيرة، وشارك في تأسيس وانشاء عدد من الأحزاب اللبنانية، كالحزب التقدمي الاشتراكي . وعرف أيضاً بمواقفه المؤيدة لحركة السلم العالمية التي كانت ناشطة في زمانه، حتى وصف بـ"الشيخ الأحمر".

 

ساهم العلايلي في اشاعة ونشر العلم والعقلانية، داعياً الى تحرير الاسلام، بوصفه دين النظرة والعقل، من الجمود والخرافة.  وشدّد على حرية التديّن من منطلق أنه لا اكراه في الدين، وأن الدين ما يدين به الفرد لا ما يدين به المجتمع، وكذلك فأن الدين أمر وجداني محض لا علاقة له بشؤون الحياة الجارية على نواميس الطبيعة، ولهذا اصطدم برجال الدين المتعصبين والمتشددين الذين قصروا التعليم ـ كما أشارـ على العلوم الدينية وبعض مبادئ الحساب، وأغلقوا باب الاجتهاد، فأشاعوا بذلك مناخات الضعف والجبرية بين صفوف الأمة.

 

عبداللـه العلايلي مجدد فكري في عينيه نظرة نقدية، وقد وصفه الباحث علي سرور بأنه صاحب مشروع معرفي تنويري، وهذا المشروع واحد من المشاريع التي تقدم بها المتنورون في المشرق العربي وغربه، ولكن لم  تجد لها أذاناً صاغية ولا اهتماماً تستحقه من القابضين على مقاليد الحكم.

 

ومن أشهر الكتب الابداعية والفكرية التي وضعها عبداللـه العلايلي : "أين الخطأ ؟، مقدمة للدرس لغة العرب، سمو المعنى في سمو الذات، دستور العرب القومي، مدخل الى التفسير، الكون والفساد الاجتماعيان، رحلة الخلد، المصري ذلك المجهول، المعجم الكبير، المرجع، العرب في المفترق الكبير، مقدمات لفهم التاريخ العربي، مشاهد وقصص من أيام النبوة، تاريخ الحسين " وغير ذلك.

 

في كتاباته يثير عبداللـه العلايلي قضايا خطيرة مثيرة للجدل، فيخطو في حواره مع المعطيات والمسائل المطروحة بوضوح وجرأة كبيرين، ولشد ما يتناولها بعمق مقرون باجتهاد وريادة في اجلاء ما يعتقده بدون مواربة . وفي كتابه " دستور العرب القومي" يتطرق العلايلي الى أحد اسس بناء المجتمعات وهو القومية، اضافة الى مشروعه التنويري النقدي الذي يتضمن العديد من الجوانب المشرقة.

 

أما في كتابه " أين الخطأ" فيسارع عبداللـه العلايلي الى ابراز اشكاليته الفلسفية الكبرى : أين الخطأ في الفكر العربي الاسلامي المعاصر، بل أين الخطأ في كل فكر؟ فيجيب: " ليس محافظة التقليد مع الخطأ، ليس خروجاً عن التصحيح الذي يحقق المعرفة" . في حين ان كتابه " المرجع " الذي صدر سنة 1963 ترك حدثاً لغوياً وأثار اهتمام المثقفين اللبنانيين والعرب.

 

ختاماً، عبداللـه العلايلي علامة مميزة في الأدب الحديث والفكر التجديدي والتنويري الشمولي، وهب حياته لصناعة الكلمة والتزم هموم شعبه وقضايا وطنه وأمته ودخل في ذمة الأرث الابداعي والنقدي لحركة الحداثة المعاصرة.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1222 الاحد 08/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم