صحيفة المثقف

نهاية العراق: في الانتخابات المقبلة!

وتسأل: لماذا لا يتصافى العراقيون وقد فجعوا بملايين الضحايا وخيرات بلدهم تكفي لضعفي سكانه؟

 وتتداخل الاجابات بين نوعية حكّامه وتدخل الجيران وأمريكا، ويغفل سبب رابع هو(الشعب) الذي جاء ببرلمان لا يمثلّه باستثناء قلّة غير مؤثرة..وتلك واحدة من رذائل الشعوب.

 

ومشكلة السياسيين أنهم لا يعيرون اهتماما للعوامل الاجتماعية والنفسية . فأحد أسباب فشل أمريكا بالعراق أن قادة البيت الأبيض كانوا يجهلون سيكولوجية العراقيين فتعاملوا معهم بغطرسة، بعد زهو انتصار، خسروا فيها حتى جميل ما صنعوه بتخليصهم من الدكتاتورية. والأمّر أن القادة العراقيين مصابون بنفس العلّة..فحين غمرتهم فرحة ساحة الفردوس تجاهلوا حقيقة تاريخية عراقية أن الفتنة تكون بدخول الأجنبي محررا! كان أم محتلا . وما ادركوا مقدمّا أن الديمقراطية والطائفية ضدان لا يأتلفان، ولا اعترفوا لاحقا أن أخطاءهم أوصلت العراقيين للقول بأن الدكتاتورية اصلح من الديمقراطية لحكم مجتمع فيه 146 دينا وقومية ومذهبا، وأن ظلم الدكتاتورية أرحم من دماء حنّى بها العراقيون باب الديمقراطية بألآف النذور من الصبايا والأطفال وما زالت تصيح هل من مزيد!

 

ولديّ يقين ان القادة السياسيين لا يتمتعون بالصحة النفسية ..ومن يدّعي أنه سليم نفسيا فليسمح بتطبيق اختباراتنا عليه وسنريه عقده وامراضه .فمن منهم يتمتع بالتسامح واحترام الرأي، سلوكا، وتفضيل مصلحة الناس والوطن على مصالح طائفته أو قوميته، ويضع الانسان هو القيمة العليا بغض النظر عن دينه وقوميته وطائفته؟. كلهم- بدرجات- مصابون بالتعصب العرقي أو المذهبي، أو مضطرين عليه اما لضمان كسب جماعته أو "لأن الدم يحن".لا احد منهم يجرؤ على الاعتراف بأخطائه وهو أهم شروط الصحة النفسية، والمصالحة الوطنية التي لن تتحقق الا بالمكاشفة فالاعتراف فالتوافق.معظمهم (راكب راسه)يسيرون عمليا باتجاهات متعاكسة ويعلنون لفظيا أنهم باتجاه واحد ولكن برؤى مختلفة.

 

اقبلوا صراحتنا أنكم، باستثناء قلّة طيبة، مسؤولون عن:

+ اشاعة قادة شيعة بين طائفتهم أن السنّة أقلية سيطرت على العراق ألف سنة وحان الوقت لنأخذ حقنا ونثأر لضحايانا.

+ اشاعة قادة سنّة بين طائفتهم أن الشيعة اعتبرونا اتباع صدام ويريدون تصفيتنا وعلينا الدفاع عن أنفسنا، والبطش بهم ان تمادوا وجعلوا استئصال البعثيين طائفيا.

+ اشاعة قادة كرد بين قوميتهم أنها الفرصة التاريخية لأن يتخلص شعبنا من ظلم الحكومات العربية، واقامة دولتنا.

 

كاد هؤلاء أن يوصلوا التطهير الطائفي لما وصل في البلقان، بل شهدت أحياء بغداد ما هو ابشع من الطريقة البلقانية، وما أطفا نار الفتنة سوى العراقيين الأصلاء وليس السياسيون، وبينهم من يذكيها سرّاالآن، وبينهم مدانون بجرائم احتراب سنتين زهقت فيها أرواح مائة ضحية باليوم لن يبرأوا من حصتهم فيها الى يوم القيامة.

 

قلّة من القادة السياسيين صدقوا في انتمائهم للعراق وانتصروا للمحرومين من خيراته، وكثرة منهم انتهى رصيدهم لأنهم اثروا وفسدو وشرعنوا فسادا وأصابوا بالاحباط وبالمزيد من الضرر من تحدى الموت وانتخبهم، وانشغلوا عنهم بلعبة تقاذف التهم والتهام المزيد من المال والأرض فيما الدم العراقي يسيل دون عمل مخلص لايقاف نزيفه.

 

ان "نهاية العراق" ستقررها الانتخابات المقبلة وليست أمريكا أو الجيران بل العراقيون أنفسهم .فان جاءوا بمن يتمتع بالوطنية والمواطنة والكفاءة فان "غودو" سيأتي بالأمان لعراق جميل يعيش به أهله متحابين كما كانوا، وان أعادوا المتعصبين والعصابيين، أو بقوا متفرجين على المشهد الانتخابي، فليهيأوا انفسهم لحروب بين دويلات ثلاث كانت تسمى "العراق"!

  

 ...........................

ملحوظة: ليست لي علاقة بأي حزب أو تكتل سياسي، أقولها لورود أسمي في نداءات وطنية.

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1223 الاثنين 09/11/2009)

 

 

 

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم