صحيفة المثقف

آخرْ كَلامْ

faraj yaseen كانتْ نملةُ صفراء جريئة، تخرجُ من مساكن النمل مع الفجر، وتدخلُ بيتَ ذلك الرجل الثري، قبلَ أن يستيقظَ الخدمُ والسيدُ، والسيدة والأبناء. تطوفُ في أرجاء البيت، بين حجراتهِ وغرفاته ومجازاته ومطابخه وخزائنه وفرشه وتحافياته وكراجاته ؛ تُمعنُ وتدقّق، وتُنصت إلى الأحاديث والمكالمات الهاتفيةِ، وتراقبُ وقائعَ المجاملاتِ والخيانات والشذوذ والأكاذيب؛ مُسجّلةً في لوحٍ ذاكرتها قصةَ الثراءِ والبذخِ والرفاهية.

بعدَ عودتها إلى مساكنِ قومِها سالمةً في ضحى كلّ يوم ؛ تُزمّرُ لهم فينَسلّون من مكان ما تحتَ فسائلِ نخلة عجوز في حديقةِ ذلك البيت؛ فتبدأ تحدِثَهم عن كلّ ما شاهدَتهُ وخبرته وتأثرتّ به.

عندَ انقضاء زورتِها الأخيرة، دعتْ إلى اجتماع عاجلٍ، مستأذنةً شيوخ المستعمرة وأعيانِها، فألقتْ فيهم خطاباَ طويلا قالتْ في آخرِ كلماته :

- نحمدُ اللهَ لأنّه لمْ يخلقْ لنا عُقولا كعقولِ البشر!

 

فرج ياسين

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم