صحيفة المثقف

بايدن والكذب المفضوح !

صرح نائب الرئيس الامريكي بايدن، أن التوترات والصراعات الطائفية في العراق تهدد المصلحة القومية الامريكية، وتهدد بقطع أمدادات الطاقة، بمعنى هي تهديد للأقتصاد الامريكي، هذا الكلام يوحي أن امريكا غير راضية عما يجري من أرهاب وعنف وتوترات طائفية تريد المجموعات الارهابية نشرها في العراق، وفي جميع دول المنطقة، نحن نرى عكس ما يقول بايدن أن الطائفية والارهاب المنتشر في المنطقة مبرمج لمصلحة امريكا واسرائيل .

في تقديري أن كلام بايدن هذا كذب مفضوح وفيه مغالطة كبيرة، وهذا هو منهج السياسة الامريكية كذب وخداع وعدم مصداقية، أقول كلامي هذا ليس من باب التحامل، بل بناء على تجارب عشناها مع الامريكان، لا أحد يستطيع أن ينكر أن  امريكا هي طرف في خلق الفتن الطائفية في المنطقة، ولا يمكن نسيان دورها الخبيث الذي لعبته في العراق أيام الأحتلال البغيض، عندما كانت ترعى الارهاب الطائفي، مقابل عدم التعرض لقطعاتها العسكرية، واكثر من هذا كان الكثير من أبناء الشعب العراقي يعرف أن قوات الأحتلال تقوم أحيانا بتوفير الحماية للأنتحاريين وللسيارات المفخخة، لغرض أيصال الأنتحاريين أوسيارات الموت المفخخة لمناطق محددة يريدها الامريكان، لتحقيق غايات سياسية، بل أن بعض المطلوبين من قيادات الأرهاب يعملون عند الامريكان بأجور عالية، وبعضهم يعمل داخل مؤسسات الدولة تحت المظلة الامريكية، ولا يزال البعض منهم متخفي داخل بعض المؤسسات، ومهمتهم تخريب الاقتصاد، أوتعويق تقديم الخدمات، أو تسهيل الأختراقات الأمنية، والشعب العراقي يعرف الدور الامريكي القذر هذا، ورغم هذا الجهد التخريبي المدعوم امريكيا واقليميا، استطاع الشعب أن يعبر ويتجاوزالمرحلة بصبر وأناة من أجل الحفاظ على وحدة الشعب العراقي، ومن أجل سلامة العملية السياسية الجديدة والمحافظة عليها من الأنهيار .

بايدن يعلن تخوفه من تأثير التوترات الطائفية في العراق على المصلحة القومية الامريكية، ونحن بدورنا نسأل بايدن من الذي يصنع ويدعم هذه التوترات الطائفية والعنف والقتل العشوائي في العراق ؟

 الكل يعرف أن هذه التوترات والارهاب تنشره أذرع امريكا والصهيونية في العراق وفي جميع دول المنطقة التي يُشم منها روح المقاومة ! لأجل أضعافها وتفتيتها، لماذا لا يتخوف بايدن مما يجري في هذه الدول من أرهاب وتمييز طائفي ؟

 لماذا لا يتخوف بايدن مما يجري من توترات طائفية في سوريا مثلا ؟

أرى أن دعوة بايدن هذه تخفي وراءها شيئا مبيتا للعراق ! سيما وأن الشعب العراقي لم ينس بايدن ومشروعه الذي طرحه أيام الأحتلال لتقسيم العراق الى ثلاث ولايات او أقاليم على أساس طائفي وقومي خدمة لأسرائيل، وتنفيذا لمشروع اللوبي الصهيوني الجديد لدول الشرق الاوسط، لتقسيمها الى دويلات صغيرة ممزقة بحيث لا تشكل خطرا على أسرائيل، تصريح بايدن في هذا الوقت بالذات، والمنطقة بأجمعها تشهد صراعات طائفية عنيفة بدعم أذرع امريكا في المنطقة وهي السعودية وقطر وتركيا، أستشف منه أن بايدن يبيت شيئا مدبرا للعراق، قد يبغي من ورائه تغيير المعادلة السياسية لصالح الجهات السياسية المحسوبة على السعودية وقطر وتركيا، ليوحي أن التوترات الطائفية في العراق التي تهدد الأمن القومي الامريكي حسب زعمه، لن تنتهي الا بأستلام هذه الجهات السياسية لمصدر القرار في العراق،  وقد صرح بذلك أحمد العلواني عضو مجلس النواب العراقي من ساحة ما يسمى (الأعتصامات ) في الانبار، وأكد ذلك أيضا (المعتصمون )في الموصل والانبار والفلوجة، هؤلاء الطائفيون المرتبطون بأجندة خارجية سعودية او قطرية او تركية، لا يروق لهم أن يروا أبناء الشعب العراقي بكل ألوانه وأطيافه يعيشون متحابين متعاونين لبناء بلدهم بعيدا عن النعرات الطائفية اوالقومية، لأن أسيادهم الذين يغذونهم بالمال والسلاح والدعم الاعلامي الكبير لا يرضون بذلك، يريدون أن تكون المعادلة السياسية بأيدي عملائهم من السياسيين، ويسعون على الأقل تأسيس أقليم طائفي مستقل عن العراق في المنطقة الغربية، يديره محور الشر من خارج الحدود، وبذلك يتحقق مشروع بايدن الصهيوني لتقسيم العراق الذي أراد تطبيقه في بداية الأحتلال الامريكي للعراق .

الارهاب والطائفية صناعة لها منتجون ومصدرون، الصناع معروفون وكذلك المصدرون، والفكر التكفيري الذي تتبناه السعودية ومنظومة دول الشر الاخرى برعاية امريكية صهيونية، هو المنهج الفكري لجميع الارهابيين والطائفيين في الساحة، نسأل بايدن، هل هو يجهل هذه الحقائق ؟

الواقع يقول أن أمريكا وحلفاؤها هم من يصنع الارهاب ويصدره ويرعاه ويدعمه، خدمة للحركة اليهودية العالمية التي سلاحها ( المال والبغاء والقتل المقنن )، امريكا تدعم بشكل مباشر، او غير مباشر من خلال الدول التي تدور في فلكها وتقع تحت نفوذها، قد يصادف أن تتقاطع مصلحة امريكا أو أسرائيل مع بعض توجهات خلايا الارهاب في هذه الدولة او تلك، حينئذ لا مانع من قتلهم لأنهم عندهم مجرد حشرات تستخدم لتنفيذ غايات واهداف تخدم امريكا واسرائيل، يتحكمون بهم من خلال أذرعهم في المنطقة .

أن ما يدعيه بايدن من تخوف امريكي من الصراعات الطائفية في العراق وتأثير ذلك على الاقتصاد الامريكي محض دعاية أعلامية، وكذب مفضوح، لأن امريكا لو أرادت فعلا القضاء على الارهاب والطائفية في بلد ما كالعراق مثلا، لأوعزت الى أذرعها التي ترعى وتدعم الارهاب، بالتوقف عن دعمه في العراق، لكن امريكا وأذرعها، مع بعض المجموعات السياسية العراقية التي تتلقى تعليماتها من خارج العراق، هي من يصنع الارهاب ويسوّق الطائفية، ولو كانت امريكا فعلا تريد أنهاء التوترات الطائفية في العراق، لأوعزت الى السعودية  وقطر وتركيا، وهم من يصنع الارهاب والطائفية في العراق، بالتوقف عن دعم الارهاب وأثارة النعرات الطائفية فيه، لأن هذه الدول هي أذرع امريكا واسرائيل في المنطقة، ومن المعلوم أن هذه الدول لن تقوم بأي فعل خارج الارادة الامريكية والصهيونية .

قد تكون امريكا عاجزة عن الوقوف بوجه اللوبي اليهودي الامريكي، وبوجه اسرائيل المستفيد الاول من أنتشار الطائفية والارهاب في المنطقة، لأن من مصلحة أسرائيل أن تشيع الطائفية والارهاب في دول العالم الاسلامي، خاصة في تلك الدول التي تشعر بخوف منها، في هذه الحالة يجب على بايدن أن كان يحمل شعور المواطنة الامريكية، أن يعلن عجز امريكا في مقاومة رغبات اللوبي  الصهيوني الامريكي - هذا في حالة أن لم يكن هو واحدا منهم - ويعلن عجز امريكا في كبح رغبات أسرائيل وصهاينة امريكا، وتصميمهم على نشر الطائفية والارهاب في دول الشرق الاوسط، حتى لو كانت هذه الرغبات الصهيونية تتقاطع مع مصالح امريكا، لأن مصلحة أسرائيل أهم من مصلحة امريكا عند الامريكان الصهاينة، لذا بدل أن يكذب بايدن بادعائه في مقاومة الارهاب والطائفية التي تنتشر في المنطقة، كأنتشار النار في الهشيم، عليه أن يضغط على السعودية وقطر وتركيا، لمنع هذه الحكومات التي تقع ضمن دائرة النفوذ الامريكي من دعم الارهاب والطائفية في بلدان المنطقة، وفي العراق خاصة على أعتبار أن أنتشار الطائفية والارهاب في العراق هو تهديد للمصالح القومية الامريكية حسب أدعاء بايدن، وهو يعرف أن الطائفية في العراق لن تنتهي الا بعد قطع الايادي التي تدعم الارهاب والطائفية من خارج الحدود، وكذلك قطع الايادي الداخلية التي تمتد لتصافح الايادي الممتدة من خارج العراق، هذه المعادلة يفهمها ويعرفها بايدن جيدا، لكنه يغالط نفسه، ويصرح ويكذب علنا كذبا مفضوحا .

بالمجمل لا ثقة للشعب العراقي بامريكا لأنه صاحب تجربة معها، وآخر موقف مشين لها، هو في  6 / 10 / 2013 عندما سمعنا تصريح بعض أعضاء اللوبي الصهيوني في الكونجرس الامريكي، وهم يهددون العراق بقطع المساعدات عنه، بحجة عدم تعاونه فيما يتعلق بقضية معسكر أشرف، والشعب العراقي يعرف جيدا من هم سكان معسكر أشرف، أنهم عملاء امريكا والصهيونية، ولهم مواقف مشينة مع الشعب العراقي، عندما أصطفوا مع صدام في ذبح الشعب العراقي، أضافة الى أنهم أجانب متواجدون على الارض العراقية بصفة غير شرعية، وقد تورطوا بجرائم ضد أبناء الشعب العراقي، ومارسوا الارهاب من الارض العراقية، فلابد أذن من التخلص منهم ومن شرهم، لأن وجودهم غير قانوني ويهدد مصلحة العراق الوطنية، هذا الموقف الامريكي الاخير هو أستمرار لمواقف سابقة، وهؤلاء هم الامريكان أنتصار للظالم على المظلوم، ولا تهمهم مصلحة الشعوب، بقدر ما يهمهم مصلحتهم ومصلحة الصهيونية، وليت بايدن يطل علينا ليعطي رأيه في هذه القضية التي يدافع فيها بعض أعضاء الكونجرس من اللوبي الصهيوني عن مجموعة أرهابية هم سكان معسكر أشرف .

أذن سيد بايدن أن كنت تريد حقا القضاء على الارهاب والطائفية توجه الى حلفائك من دول الشر في المنطقة، وامنعهم من دعم الارهاب والطائفية في العراق، لأنهم واقعون بالفعل تحت نفوذكم، وأنتم أسيادهم، وهم مسيرون من قبلكم، حينئذ ستؤمّن أستمرار تدفق النفط لبلادك، وتحافظ على المصلحة القومية الامريكية .

 لكني أقول بقناعة أنك عاجز عن فعل ذلك !

علي جابر الفتلاوي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم