صحيفة المثقف

الثقافة والمثقف

اذا اخذنا الثقافة على انها: (هي: جماع المعارف الإنساني) حسب قاموس (لاروس) وقاموس (روبير) الفرنسيين.

فانها في المجتمعات التقليدية، اي المجتمعات التي يسودها الثبات – التي علي نسق واحد ثابت لا يتغير– والتي تتزعمها وتقودها مجموعة من القيادات العشائرية اوالدينية اوالعرقية، تبقى الثقافة في هذه المجتمعات مشدودة الى الماضي بكل تجلياته - معتقداته وتصوراته وسلوكه– وهذا يعني انها تعيد انتاج نفسها في كل مرة تحاول فيها ان تتجدد، او تبعث من جديد، لهذا نراها ساكنة، محافظة على ذاتها.

اما الثقافة في المجتمعات الحية، ذات الروح النابضة بكل ما هو حي، مثل هذه المجتمعات قد نزعت عن نفسها ما هو ثابت وساكن وقار، وقد ابدلت زعامة وقيادة ما هو عشائري اوديني اوعرقي، بزعامات مجددة في نفسها وفي اعتقادها وتصوراتها ورؤاها وسلوكها، لكي يتسنى لها الخروج  من ربقة الماضي والدخول في الحاضر لاستشراف المستقبل، هذه  المجتمعات تكون الثقافة فيها ذات نزعة تجديدية،تعود الى الماضي لا لانه هو المثال ولكن لانها تريد دراسته لابراز ما فيه من دروس وعبر، وايضا كي لا تعيد انتاج السيء منه مرة اخرى، وتنظر الى الحاضر بمنظور المستقبل الذي يحاول التغيير والتجديد .

تاسيسا على هذا، فالمثقف هو الشخص المنتج، المبدع، والمفكر، الذي يبدع وينتج  أعمالاً ثقافية في مجال فلسفة العلوم والإنسانيات،الآداب والفنون، لهذا عليه ان يمتلك رؤية عقلية  للمجتع والعالم على السواء، وهذه الرؤية يجب ان يعبر عنها بلغة، واسلوب فيهما جمالية في ابسط صورها على اقل تقدير، للتاثير على جمهور واسع، والتاثير هذا ياتي من خلال الحوار البناء، لا الحوار التعليمي، الذي يصدر من الابراج العاجية .

المثقف والحالة هذه وجوده بوجود مجتمعه، لا يمكن ان يظل بعيدا عما يدور في مجتمعه، وعليه ان يتبادل الاراء مع هذا المجتمع دون ان ينسى دوره الريادي في قيادته، وتطوير معارفه الانسانية نحو الافضل .

وهو له الدور الكبير في وضع الحلول لكل ازماتنا، سياسية كانت ام اجتماعية، وحتى اقتصادية ايضا، ودوره هذا ياتي من خلال خلق وعي ثقافي حضاري  بتلك الازمات ، وبناء فهم واع لها،  وخلق الوعي وبناء الفهم يجب ان يصحبة بناء المجتمع المدني، فبدونه لا يمكن للمثقف ان ياخذ دوره كاملا في خلق الوعي وفي الفهم الصحيح.

ان الثقافة لها دور كبير فيما هو سياسي واجتماعي واقتصادي، لانها – الثقافة – تخلق في المجتمع توجها نحو التغيير، والتقدم، وكذلك تقوده نحو التطور .

ان الثقافة في المجتمعات الحية لا المجتمعات التقليدية، هي التي بيدها مفاتيح الحل، الحل في ان تكون او لا تكون،الثقافة التي تقود مجتمعها نحو المستقبل برؤى وتصورات خلاقة، حية، نابضة بالحياة.

والمعارف الانسانية في الادب والفنون والسياسة .. الخ يجب ان تنزع عن نفسها لبوسها القديم – بكل ما تعنية كلمة لبوس – وتنشد المستقبل، لتبني لا ان تعيد ما سبق بناءه، لتنتج، لا ان تعود وتنتج نفسها مرة اخرى، وكأن السنين لم تمر .

المطلوب ان نجدد في كل شيء،في كل معارفنا الانسانية، في الادب وفي الفنون، وفي السياسة، والاقتصاد، والتكنلوجيا، في كل شيء ان تبقى الحياة فينا نابضة تتنفس ما هو جديد.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم