صحيفة المثقف

الهاشمي وحساب اللحظات الحرجة

السعودية، الاردن، الكويت، والامارت الى حدّ ما – تبحث عن الهاشمي في مجال آخر يدخل من خلاله بقوة الى البرلمان القادم مسلحاً بكتلة برلمانية كبيرة العدد تستطيع القول بأنها تمثل الجزء الاكبر من السنة العرب .

البعثيون بدورهم، عجزوا عن ايجاد (رمز) يستطيع قيادتهم نحو اقتحام الانتخابات المقبلة  وتاليا المشاركة بالحكومة التي ستشكل بعد ذلك أو عرقلة اعمالها، ومن خلال ذلك يجري انتزاع الصلاحيات من رئاسة الوزراء واحدة تلو الاخرى وابقاء العراق بحالة شلل كي يجري بعد ها  التهيئة للقفزة التالية .

الحسابات ذاتها (الهاشمي والانظمة العربية المذكورة  وحزب البعث) اتفقت على ان ورقة العنف لم تعد وحدها هي المجدية في ارباك الساحة السياسية العراقية واستمرار اتخاذها  من ثم ورقة للمساومة، ومع ظهور ورقة التلويح بالمحكمة الدولية واحتمال اكتشاف او الاشارة لدعم تلك الدول لمايجري من عنف في العراق بما قد يجره ذلك من اشكالات مع المجتمع الدولي الحساس من موضوع الارهاب وداعميه، فضلت تلك القوى مجتمعة، استخدام مقولة ابي نؤاس (ودواني بالتي كانت هي الداء) اي اذا كانت الانتخابات ومترتباتها، هي الداء الذي حاولت تلك القوى القضاء عليه ولم تنجح رغم مابذلته من جهود، لذا ليصار الى استخدام الانتخابات ذاتها لاجهاض نتائجها أو اعادة خلط الاوراق والاصطفافات على نمط آخر .

تلك الخطوط الرئيسة التي توجتها زيارة بشار الاسد الى السعودية، وقد تسربت الاخبار عن نتائج  اجتماعهما،  انهما اتخذا قرارا في ضرورة التأثير في الانتخابات العراقية، ولأن المدة المطلوبة للتنفيذ  باتت  قصيرة حتى الموعد المقرر لاجراء تلك الانتخابات،  لذا ينبغي العمل على كسب الوقت كي يستكمل تجهيز الخطة المضادة وفرش الابسطة أمام الخطوات اللاحقة .

الثغرة للدخول الى تحقيق تلك الخطة كانت بسيطة ومتوفرة، صلاحيات الهاشمي، الذي كان قد أعد نفسه لهذه اللحظات الحرجة منذ ان استقال من الحزب الاسلامي، ومن ثم بنى حساباته على ثلاثة أسس : جمع كتلة تترواح بين 50الى 60 نائباً – العمل على استلام رئاسة الجمهورية – تعديل الدستور بما يحدّ من صلاحية رئاسة الوزراء لصالح رئاسة الجمهورية .

لم تكن مراهنة الهاشمي على انصاره من ناخبي الداخل العراقي كافية لجمع هذا العدد، لذا  لابد من مدّ النظر الى عراقيي الخارج الذين تتجمع كتلتهم الاكبر في كل من سوريا والاردن على التوالي، ثم الامارت ومصر وسواها .

كانت خطته توشك ان تجهض بعد ان اقر قانون الانتخابات الجديد نسبة  لاتتجاوز 5% من المقاعد لعراقيي المهجر، مايعني مجموع لايتجاوز الخمسة عشر نائبا  لايمكنهم ان يشكلوا فرقاً كبيرا حتى لو حصد الهاشمي تلك المقاعد جميعها .

قبل اسابيع قليلة ، كانت التصريحات المسربة من مصادر مقربة من  اوساط الهاشمي، تشير على ان البعثيين سينالون مايصل الى 40 مقعدا، ومع تأكيداتهم بتطويب  الهاشمي لقيادة  كتلتهم وفق ماخطط له مسبقا، عندها فلو حجمع الهاشمي 15 أو 20 مقعداً  من مجموع المقاعد، فسوف يتربع على كتلة كبيرة مقررة كما اسلفنا .

وعى تلك الصورة، كان لزاما على الهاشمي ان يتخذ النقض، كي يساوم في رفع مطالبه الى اقرار نسبة 15% لعراقيي الخارج اي حوالي46 نائبا من مجموع مقاعد مجلس النواب البالغة 310 مقعدا قبل التعديل الاخير الذي رفعها الى 323 نائبا في صفقة تسووية غير مباركة .

لقد نجح الهاشمي في كسب الوقت لترتيب الاوراق،واصبح بحكم المؤكد ان يتم تأجيل موعد الانتخابات القادمة لشهرين على الاقل، وهو وقت كاف لتثبيت دعائم تحالفاته الجديدة غير المعلنة ،ولاستكمال تلقي الدعم المالي الكبير الذي وعد به من قبل السعودية ودول الخليج مع تشكيل غرفة عمليات انتخابية تأخذ على عاتقها التحرك بقوة لاكتساب الانصار في الداخل والخارج والاستمرار في الهجوم الاعلامي على الحكومة التي ستصبح بعد انتهاء ولايتها الدستورية مجردة من القرار بحكم كونها حكومة تصريف اعمال .

  لكن الهاشمي في الوقت عينه، لم ينجح في ارساء دعائم خطته – اقله حتى الان -  اذ تشير الدلائل الى ان القوى الاخرى استعدت لاجهاض (فيتو) الهاشمي الثاني، وهي تهيء اوراقها للتصويت على رفض النقض واقرار القانون كما هو بتوفير اكثير 165 نائبا المطلوبة، عندها سيصبح القانون نافذاويلزم مجلس الرئاسة بتصديقه حسب الدستور .مايفعل، وبالتالي فالهدف الاساس من نقضه، كان كسب الوقت، وقد حصل على ذلك، لكن مايرسمه قد لايجد فرصة للتحقق ضمن ماسوف يقره القانون الجديد.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1245 الخميس 03/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم