صحيفة المثقف

ومضات

anwar ghaniالجزء الاول: الموت

الفصل الأول

 


 

ومضات / أنور غني الموسوي

 

أناشيد الشتاء تغرق في الضباب .

تترك في ذاكرة الشوارع نشوة لا تُنسى.

زواياه الباردة تحفل بالصمت،

فأتجمّد في حلمي كشجرة غابٍ قديمة .

*

الصوت ينحني،

يتلاشى في الفضاء العريض،

ليس للكلمة إلا أن تسقط في الوحل .

السفن البائسة تخترق أُذني .

تلك الأزاهير تبتعد،

تتقيّأ الألم السرمديّ .

توّرثه الأجيال و الحلم .

*

حكايات الحضارة تغرق في المحيط .

قيل حتى مياه البحر، بما فيها من أساور و تواريخ

قد إلتقمها الذباب في لحظة آسارة، فصارت معدته ينابيع دافئة .

*

قلب العالم يتقاعد كأرملة .

لا مكان لحلم الإنسان،

لا دفء و لا نشيد .

سنابل القمح تعرّي ساقيها،

تنحني خجلة فما في رؤوسها سوى الهواء الثقيل .

أجل، للمغيب ألف أغنية، لا يعرف عنها الفلاحون شيئا.

*

السنين ترتجف،

قد أكل قشرتها الأطفال،

فلم يبق للإنسان فسحة تسع إبتسامته .

كلا، من الكذب جدا إتهام الجسد بآثام الإنسانية،

فحبّ القمر غير محتاج لدم الطبيعة .

*

ليس لي ألا أن أحتضر .

و ليس للحضارة الغالية ألا أن تسأم كل قطرة صفراء في المحيط

للشمس إشراقة تجعل الشجر قصائد ساكنة لا تعرف شيئا عن الخلود.

هكذا تكذب الحضارة،

تتكاثر في أوردة غادرتها الاجراس،

تتمدد شارعا قديما، أثلجه قلّة السائرين .

*

هناك الابتسامة باردة .

ترتجف كنعامة تكاثر رأسها تحت الارض،

في أثذنيها ينبت الشوك و الجياع .

الدماء تملأ السواقي،

تلتهم عروق الأشجار،

فيتلاشى الحلم كبقرة هزيلة .

كلا، قلب الفلاح لا يعرف الكذب .

*

المدينة تسعل،

تتقيّأ الجمال،

تصنع من لعب الاطفال بنادق وأجساداً معتمة .

النساء تستطيل، تنتفخ بالصوت .

الحضارة تسعل،

تبتدع تاريخ الدموع،

كلا الجمال شيء اخر .

*

كل شيء يدور بلا رحمة،

حتى الأزهار أصبحت شاحبة،

الأرصفة تتقيّأ الموتى،

خلايا رأسها تعفنت،

في أحضانها يتفجّر الشيطان كقنبلة – هناك و ببرود – يقتل الشمس .

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم