صحيفة المثقف

لمن القدرة الحقيقية في هذا العالم؟

ryad alasadiبدأت علامات القدرة الهائلة للبشرية في التدمير في يوم الـ6 من أغسطس/ آب سنة 1945 م إذ قامت إحدى الطائرات الأمريكية (إينولا غاي)، بقيادة الطيار الكولونيل بول تيبيتس، بإلقاء القنبلة الذرية (قنبلة A) على مدينة "هيروشيما"، فدمرت 90% من مباني ومنشآت المدينة، وقتل أكثر من 80,000 شخص، كما جرح 90,000 آخرون، وبقي عشرات الآلاف بلا مأوى (عام 1945 م بلغ تعداد سكان المدينة 350,000 نسمة).

وبعدها بثلاثة أيام قامت الولايات المتحدة بإلقاء قنبلة أخرى على مدينة ناجازاكي. قتل على إثرها أكثر من 75,000 شخص. وعلى الرغم من أن اليابان كانت منهارة في الحرب إلا أن الولايات المتحدة ضربت مدينة ناغازاكي رغم استسلامها في أدق الوثائق لكي تظهر الأخيرة قدرتها على التدمير البشري.

ومهما بلغت قدرة البشر على الفعل في هذا العالم تبقى قدرة نسبية ومحدودة وهي لا شيء أمام قدرة الخالق العظيم سبحانه وتعالى. بل هي خردلة امام الأحداث الكبرى في الكون وعلى الأرض وفي الكون وفي تلك الانفجارات الشمسية الكبرى اذ تتجلى قدرات الله تعالى على نحو يذهل أي مخلوق. والقدير صيغة مبالغة من القدرة أو التقدير من حيث اللغة. وهي تستوجب منطقا على ضرورة العلم المطلق الإلهي. لكنها على المستوى البشري يمكن أن يتوافر شخص ما قادر على الفعل وهو جاهل أيضا. ولكن على المستوى الإلهي يمتنع هذا الأمر لارتباط القدرة الإلهية بالعلم والحكمة أيضا.

ويبقى الإنسان مهما بلغت قدراته محتاجا للرب العظيم في قدرته. فذكاء (اسحق نيوتن) لا يساوي شيئا في اكتشاف الجاذبية الأرضية امام خالق الجاذبية الذي رفع السماء بغير عمد ترونها. والقدرة الإلهية مطلقة وليس لها حدود يحتملها العقل البشري قدرة لانهاية لها حتى أكثر من هذا التعبير اللغوي البسيط. هو الله تعالى القادر على كلّ شيء. قادر على معرفة السر والعلن، في حين تفشل كل القدرات البشرية في الوصول الى السر مهما اوتيت من قدرات. وكلّ شيء هو في قبضة الله جلت قدرته، وما يعجز عنه البشر يتوجهون فطريا لله تعالى والى قدرته حتما

ومهما توغلنا علميا في الخلق وازدادت اكتشافاتنا لعمل الأشياء تظهر أشياء أخر اشدّ تعقيدا مما يستدعي الإقرار بعجزنا العلمي المتواصل. وهاهم اليابانيون يعكفون على صناعة اكبر برج حديدي في التاريخ ويهيمون بقدرات مهندسيهم ولكن سيأتي حتما يوما من يحطيم رقمهم القياسي، وسوف يسجل غينس رقما اخر جديدا. بيدأن قدرات الله تعالى لاحدّ لها وهي بين الكاف والنون. وعلى الرغم من كل الاكتشافات الكونية الهائلة يبقى اكتشاف عمل الدماغ الإنساني غامضا وعسيرا: هذا الجهاز الصغير الذي نسبّح به للخالق به صباح مساء. فهل يتعظ الملحدون والجاحدون أم أنهم يقفون حيارى أمام قدرات الخالق اللانهائية؟!

وتخضع القدرة الى مسألة الإرادة مثلما تخضع الإرادة الى القدرة ولكم حاول الفلاسفة القوميون والطبقيون العمل على الإرادة البشرية في محاولة لإظهار قدرات البشر على تحقيق الأهداف إلا انهم يعودون منكسرين امام إرادة الخالق العظيم وقدراته وسننه في الحياة الاجتماعية والحياة عموما.

هل تستطيع الإمساك بلحظة واحدة؟

يكتب أحد الأدباء رواية " لكي يقف الزمن" ولا ندري من يستطيع ذلك؟! معظم الناس تستغرقهم فكرة الزمن وحتى " البحث عن الزمن المفقود" أي زمن هذا؟ انه زمن الكتاب والشعراء. أما العلماء فتهمهم فكرة آلة الزمن.. وتجتهد سينما الخيال العلمي في اللعب على المستقبل والماضي في أعمالها لكنها تبقى بالرغم من كل الجهود الفكرية والفنية المبذولة محض دغدغة على تيار الزمن لذيذة. أما من يمسك بتلابيب الزمن فهي قدرة الله تعالى لا غيرها. في حين تجتهد القوى الشيطانية على اللعب على أوتار الزمن في محاولة لتزييف مكنوناته. تفشل هذه القوى دائما في أن تقدم للإنسان ما هو مقنع وحقيقي وراء سيرورة الزمان غالبا. ولذلك لا تشير غالبا سينما الخيال العلمي إلى القوى الحقيقية المحركة للزمان وهو الله تعالى. (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ) (الآية) يجري تمويه دائم على المستأخرين حتى يحولون الى محض خيال وهكذا يتم تشويه فكرة المستقبل عند بني البشر المتعلم. في حين أنها حقيقة قائمة وآتية حتما في القرآن الكريم ذَلِكَ (بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الآية) فواقع البعث القادم في العالم القادم لا يذكر في قصص وسينما الخيال العلمي في محاولة من ابليس دائمة لعدم التذكير به في حين أنه هو القضية الكبرى الشاغلة للعقول والنفوس التواقة لمعرفة ما هو آت. (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (الآية) فواقع العودة إلى الله تعالى قلما يشار له على مستوى الأدب والفن. في حين أن الأدب والفن أداتان مهمتان جدا في التذكير بسنن الله في خلقه وقدراته اللامتناهية التي تشير الى وجوده في كل لحظة وإلى علمه وحكمته سبحانه.

وهكذا يجري في الوقت نفسه التكتم على الأهوال التي تجري على البشرية في التعامل معهم وتتعدد الهولوكوستات (نسبة الى هولوكوست اليهود) ولا يهتم الا بهولوكوست واحد في حين تشير الوثائق الى تعدد ذلك وثمة فضاعات أكثر لابد للأدب والفن من التنويه عنها بوسائلما المختلفة. لكن مثل هذا الأمر لا يجري بسبب التعتيم الشيطاني على ما يجري من شناعات على البشر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم