صحيفة المثقف

فالنتاين عدو المرجعية

safaa alhindiلا أعلم مَن قائلها: (ليس الخطر ان يقوم الصراع بين الحق والباطل، لكن الخطر ان يفقد الناس الإحساس بالفرق بين الحق والباطل).

بصرف النظر، سواء اكان فالنتاين هذا (قسّيس نصراني) او وثني او غيره، رغم انه ثبت تاريخيا انه كان رجلا مصلحا ووقف بوجه الطغيان والانحراف. فإن يومه هذا (عيد الحب) هو يوم يرمز لقيم نبيلة مشاعر انسانية طيّبة، الرحمة والمحبّة والعطف والتسامح والاخاء، فما هو الضرر الممكن ان يتحصّل منه طالما هو دعوة لأعادة هذه المشاعر واحيائها بين الناس، ليبعث ويُحيي في النفوس مشاعر البهجة والسرور والامل من جديد؟. ولو صدق بأنه من البدع و الوثنية.. نتساءل، ألا يمكن للمجتمع الاسلامي استثماره على النحو والسلوك الاخلاقي والشرعي وأشاعته في المجتمع وتشذيبه وتهذيبه من السلوكيات والتصرّفات الشاذّة ان وجدت فيه؟. بالتأكيد سيكون الجواب ممكن جدا. فالفارق الوحيد بين المسلمين والنصارى بهذا الخصوص، هو أنهم النصارى جعلوا له يوما خاصّا للاحتفال به وتبادل التهاني فيه، بينما نحن المسلمين نعتبر هذه القيم من بديهيات أخلاقيات ديننا المفترضة في سلوكياتنا وتعاملنا اليومي.. ولاحاجة للاحتفال بها.

اذا لماذا يتم التعامل مع هذه المناسبة بـ (تشدّد و تطرّف) من قبل رموز المجتمع المسلم وقياداته ويتعاملون معه بمستوى يصل غاية في الهمجية؟ ويعتبرون فالنتاين (عدوّهم) إلا اذا كانوا يرون فيه لونا آخر من ألوان الحرية الاجتماعية التي قد يوحيها للمجتمع فتتنامى فيه وقد تهددهم في المستقبل، رغم ان هذا الاحتمال بعيد جدا عن مجتمع بهذه العقلية. او انها (التظاهرة) امتحان صغير آخر لاكتشاف ورؤية مدى طاعة المجتمع وأنصياعه لهم.

قبل يومَين، وتحت شعار (نعم نعم للحوزة) تظاهر المئات من شيب وشباب أهالي مدينة النجف (ونحن نعلم انها بتحريض وليست عفوية) تتقدّمهم صورة المرجع (الاعلى) وأقتحموا المحلّات التجارية التي تبيع الهدايا في المدينة وكسّروا وخرّبوا ونهبوا الممتلكات لأنها ببساطة تضع لعبة (دبدوب احمر) في واجهة المحال الذي هو من ضمن المواد التجارية التي تبيعها تلك المحلّات. بحجّة أنه يرمز بصورة او بأخرى الى (عيد الحب)، ويظهر ان هذا العيد في نظر راعي الحوزة هو (بدعة) و (كفر وإلحاد) ويسبّب ضررا للمجتمع العراقي، لذا يجب محاربته ومعاقبة المحتفلين به، والهجوم على المحال التي تبيع هدايا هذا العيد وتخريبها. ماهذه التفاهة، أي غباء وأستهانة وأي فراغ وأستخفاف وجهل هذا؟ انهم يرفضون ويحاربون حتى البسمة التي تبحث عنها الناس لمجرّد انها ارادة المرجعية!. ولانعرف، فليجيبنا العقلاء، هل يمكن لمجتمع من المجتمعات يتصف بهذه العقلية، عقلية (الإنقياد) بهذا المستوى من الجهل والعمى ان يتحرّر وينتفض لنفسه وحريته ذات يوم ضد الظلم والعبودية والإستغفال؟. كيف والمجتمع العراقي رغم الطرق على بابه ورغم التجارب المآسي والويلات التي خاضها طوال عقود من الزمن، ورغم محاولات توعيته وتنبيهه وتحذيره من قبل اخيار العراق الوطنيّين والطيّبين والشرفاء من هذا الخطر الذي نخره، لازال يرفض التحرّر من هذه التبعيّة والقيود البالية، العبودية والذلّة والخنوع والإنبطاح؟.

الذي نعرفه، عندما تمر أزمة بشعب من الشعوب او مجتمع من المجتمعات الحرّة، يتظاهر ضد رؤسائه وحكوماته وقياداته ورموزه، بصرف النظر كونها سياسية او روحية او اجتماعية، ويطالب بالحقوق والتغيير و وضع الحلول في الازمات وبكل المجالات، السياسية والاقتصادية والامنية.. الخ، وليس العكس. فالاولى بشعوبنا بناءا على هذا الاساس، التظاهر ضدها (المرجعية) ومطالبتها بالتغيير الجذري واعادة الحقوق المسلوبة والكرامة المنتهكة، لأنها هي السبب وهي مَن أسّست وجذّرت وشرعنت لهذه الحكومات الظالمة التي تعاقبت على حكمه، وليس التظاهر والتقاتل طاعة لها ضد نفسه.. التظاهر ضد السياسيين والبرلمانيين. التظاهر ضد هؤلاء الذين استخفّوا بكم وسلبوا حقوقكم وأهدروا دماءكم ودماء ابناءكم واخوتكم وابناء بلدكم. التظاهر ضد من سرق حقوق واموال النازحين، الناس العوائل النساء والاطفال المحرومة المشرّدة. التظاهر ضدّهم جميعهم وضد كل مَن تلطّخت يداه بدماءكم. كيف وأنتم برغم ما تعانونه من ضيم و وقع عليكم على وطنكم من ظلم وحيف وفقدان الاهل والولدان والاحبّة بسبب هؤلاء لكنكم مع ذلك لازلتم متمسّكين بهم وخانعين و طائعين لهم..؟.

 

التظاهرة:

https://www.youtube.com/watch?v=cxtEid-olVU&feature=youtu.be

 

صفاء الهندي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم