صحيفة المثقف

إستطيقا القبح: كل ما هو قبيح يمكن أن يكون جميلا

hamoda ismaeli(الشاعر يعرف كيف ينحط بالحياة، معتقدين بأنه يتقبل ذلك، غير أن هذا ليس هدفه، لأنه يستفيد جيدا من رحلته. يستخرج من القبح والتفاهة شكلا جديدا من السحر) .. بودلير

عندما نتحدث عن الإستطيقا كمصطلح فلسفي، فإننا نتحدث عن الإنتاج الفني: الفن باعتباره جمالا، كحضور مدهش. الإستطيقا عند الإغريق هي كل ما يترك إحساسا جميلا. لأجل هذا الكلمة الإغريقية "إستسيس" aisthesis (إحساس) تعني اشتقاقيا "علم الإحساس".

سوسيولوجياً يتضمن الجمال معنيين: المعنى الفيزيقي المتعلق بالجسد الإنساني بما في ذلك تمظهر (شكل) الأشياء، والمعنى الميتافيزيقي الذي ينتمي للحياة الباطنية (الجوهر). هذا المعنى الأخير (الميتافيزيقي) يعتبر واحدا من أهم المفاهيم الفلسفية منذ كانط لغاية هايدغر. هناك بعض التفاسير التي تقدم الجمال والقبح على اعتبار أنهما مفهومين أحدهما يقابل الآخر. لكن بافتراض أن القبح ليس ما هو عكس الجميل، فما هو إذن؟

القبح هو رؤية مغايرة، جانب آخر؛ كمثال امرأة جميلة بإيطاليا القرن السادس عشر ميلادي، ربما امرأة قبيحة بزمن الفراعنة. ما يعني أن القبح والجمال تعريفات سوسيولوجية مؤقتة، تتغير عبر الحقب الزمنية، وحسب مختلف المجتمعات البشرية بالعالم.

القبح مثل الجمال كذلك يتضمن معنيين: داخلي وخارجي. ولدينا مثل متداول يفسر جيدا هذه الفكرة، يقول : "الجمال قشرة خارجية، أما القبح فيتغلغل حتى العظام".

الآن، لو تقبلنا أن القبح ليس عكس ما هو جميل، هل يمكن أن نجد جمالا ضمن ما هو قبيح؟

ذلك هو مشروع بودلير، الشاعر الذي معه يمكن بعمق القبح أن تنبت بذور الجمال. مستلهما من إدغار ألان بو - أب الرعب - بهدف أن يصير مثل رامبو: بودلير يصبح ساحرا، يقوم بتحويل الحقد، القرف، الغضب، البؤس، إلى أزهار بمدينته الوغدة، باريس التي تنتج الشر. هنا بودلير يغني "أزهار الشر".

مع إدغار ألان بو، بودلير، فيرلان - الصديق الحميم لرامبو، المالنخوليا (الاكتئاب) ليست حالة نفسية سلبية، إنما أرض غامضة عجائبية : معرض للمجانين. وكما يقول جون غريغور : "من المهم إدراك أن قبحنا، مهما كان، يخفي بعض الجمال".

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم