صحيفة المثقف

الاقتصاد في خدمة الوجود

reebar habonالاعتقادات تجسد على تباينها، ماهية الصراعات لأجل تقاسم النفوذ المادي، لكن يمكن فهمها وفق فلسفة الاختلاف، جوهره الذي يضمن التعايش السلمي، وغايته في الحد من الحروب والأزمات، ومقاصدها لأجل وضع الحلول التي تؤسس لمنفعة متبادلة ومشتركة والتي يؤسسها المعرفيون في مجتمعاتهم عبر تنظيماته الاجتماعية

لترسيخ القيمة الموضوعية للجماعات التي تنشأ وتتوالد ضمن حالة من التلاقح الفكري والذي ينسجم مع ما ...يسمى بالحضارة، بعيداً عن الخروقات الكارثية الناجمة عن العنف وترويجه، وفقاً لذلك يمكن فهم النضال الحقيقي للإنسان المعرفي إلى جانب المرأة المعرفية في تنمية بذور التعايش لتحقيق المزيد من الابتكارات بشكل دائم والذي وفق السياق الموضوعي يمكن على ضوءه استيعاب تطلعات المعرفيين-نحو الحياة القويمة، وهذا ما أدركه المعرفي -ألبرت أنيشتاين -حين احتج على الذين قاموا بالإستفادة من مبتكراته بتحويلها لغاز سام فتك بحياة الأبرياء، فالعقلانية التي تبيح للإنسان استعمال مبتكراته لأجل الرقي هي الكفيلة بترسيخ ماهية الحياة في تحقيق المعايير الأخلاقية التي ترفض إنهاء الموجودات بصورة مدمرة، فيجب تحقيق الحياة الإنسانية التي ترتقي بالعلم الموضوعي الذي أساسه تحقيق المنفعة التي نظر إليها -ستوارت ميل – خياراً لخير العموم وتوريث ثقافة السلام بدلاً عن ثقافة السلطة الإقصائية، حيث لم يستسلم المعرفيون لممارسات أرباب الاقتصاد الجشعين والقائم على الاحتكار والاستغلال، فكان طموحهم قائماً على ترسيخ قيم الحياة عبر نظرية اقتصادية تتعاطى التوزيع والتكافؤ بشكل ينهي مختلف الأزمات العالمية ويحول من تسعيرها وخروجها من دائرتها الأساسية لبقاع أخرى، حيث لا بد من تحريك عجلة الاقتصاد لخلق الرفاهية وإنهاء الفوضى وسد الفجوات للحد من التلوث والفقر والبطالة والوقوف حول الامراض السارية الناجمة عن الفقر والمجاعات والحروب التي يصنعها البشر وفق صيرورة تحفظ للمجتمعات ثقافاتها وقيمها، الأمر الذي يحول أن تنفرد ثقافة بأخرى منعاً لطمس الجذور

وما الأقتصاد سوى وسيلة لنشر المحاولات في إنجاز أكثر المشاريع الإنمائية فائدة والتي تستطيع تحقيق احتياجات الشعوب واستثمار مساحات أرضها لينعكس المردود بصورة أقوى وأفضل ونحو خير عام

وبالنظر لمسألة نزوع البشر إلى العدوانية وفقاً لاتجاه يتبناه بعض الفلاسفة، يرى المعرفيون أن المسألة تتجاوز نزوع الأفراد إلى العنف، بقدر ما أنه لم تكن هنالك طرائق جادة وحقيقية لتربية النفوس على مذهب النظام، فالإنسان الذي يربي نفسه على الشره الدائم، لابد وأن يخلق لنفسه مذهب الشره، حيث أضفيت الشرعية على القتل والفساد والتطرف، وهو لبوس تقنَّع به الإنسان السلطوي، والمراد به تحصيل الأشياء والسيطرة على الموارد بالعنف، وكذلك تمرس الإنسان في تمويه رغباته ضمن قالب مثالي، ولاشك أن الأديان في مسارها السياسي وتباين تأثرها بطبيعة تصرفات معتنقيها جعلت المجتمعات في حالة من التناقض والتشتت والفوضى والجمود والتي سببتها الكوارث والأزمات الاقتصادية والمالية التي أفرزتها الرأسمالية عبر مراحل احتكارها التاريخية والذي وقفت ضده مظاهر التمرد الفكرية والمتجلية بكفاح المعرفيين الطويل ضد محاكم التفتيش في كافة اماكن تواجدهم، فللمعرفيين تجارب كلية شاملة تداولوها عبر توارث وتلاقح حضاري مستمد من واقع شعوبهم ورزوحها تحت نير التحالفات الحربية تارة وصد الخطر المشترك تارة أخرى وفوق تلك الحدود المرسومة بفعل الحروب والهجرات يكمن الفعل المعرفي المنتج الذي يعلو فوق كل رابطة عرقية أو لغوية أو ...دينية فيما إن تم تبنيها في عصرنا الراهن

إنها الرابطة الأسمى التي تجمع المعرفيين بعضهم ببعض، وهي الرابطة العقلية وليست الدموية تلك من أفضت للحروب والنزاعات، كون الرابطة العقلية رابطة اختيارية تختارها النخبة المدركة التي تتمتع بخصائص تميزها وتتمايز بها عن غيرها من الفئات الأقل إحاطة بالفكر والأدب والفن والابتكار الهادف

لأن الرابطة التي تجمع كل المفكرين والمبتكرين والأدباء والفنانين، تسمو بوجودية الإنسان ولا تجيد التشبه الأعمى بالأفكار العنصرية ولا تولي أدنى اهتمام بما يقتل العقل الموهوب ويقلص من انتشارية المنجز

إنها الرابطة المنتجة للإبداع والجمال والخير الذي لا ينضب، وتنشد الحب الذي هو الممهد الأساسي لتبلور الفعل الإنساني الذي يعم فضله على الوجود بأسره

 

...نحو مذهب الاقتصاد في خدمة الوجود

ذاك الاقتصاد القوي الذي يساهم في إرساء الامن والسلام في الأماكن المستعرة إثر الحروب والنزاعات المسلحة، ذاك الاقتصاد الذي ينتصر لتطلعات الشعوب نحو الحرية والسلام

لقد أربكت صفقات بيع الأسلحة والمخدرات وتصدير الازمات الحياة الإنسانية برمتها، حيث لم تسلم من دواعي الكارثة حتى المجتمعات المتمدنة (أوروبا) فالأزمة السورية مثالاً خلقت أعقد صراع مسلح على وجه العالم وتم تصديرها لأماكن مختلفة بدء من الجوار وانتقالها عبر موجات النزوج والهجرة لمختلف البلدان الأوروبية، الامر الذي يخلق أزمات مختلفة لتلك الدول الراعية لها إزاء حالة التصادم الاقتصادي بين أرباب المال، ومن هنا كان دعوتنا لوحدة المعرفيين والمعرفيات في العالم، ضرورة ملحة لتحقيق النهضة الإنسانية الواعدة بمستقبل أفضل للوجود

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم