صحيفة المثقف

مقتطفات من رحلة قصيرة في بلد كبير

mohsin alafiأما وقد حَلَلْتُ بين أفيَائِك، فإن لي أ ن أصِفَكِ كما طلَبْتِ منّي حين كلَّمْتِنِي في سِرِّك، ولمَّا أصَابَنِي الذّهول وأنا أجوب رحابك الواسعة التي تستقطب القاصي والدّاني، أَنتِ بين أهلِك تلك الطيّبة الرائعة، وهم يزفُّونَك ملْفُوفَة بذَلك الثوب الطّاهر الذي يزيِّن قوامك، أنت فِطْرَة وجَدَتْ من يرْعى استِمْرَارَها ويصُون أصالتها، وهم أناس أخلصوا لرحابة المكان، وحياتهم جد وإخلاص لخدمة الجمال الذي يأسِر القلوب، وترحاب بمن أخلص للجمال فوهب للحياة جزءا من وقته للبحث عنه، لن يكون لهم عنوان بدونِكِ، وأنت بدونهم كزهر لا يحوم حوله النحل ولا الفَرَاش، هم بكرمهم زادوا المكان رحابة، وبحركاتهم وسكناتهم وهم حولك، خِلْتُكَ بينهم أي صديقي !!، كمن هو بين ذويه .

انبهرت لما وقفت قرب سفوح تلك الجبال المكللة بالثلوج،، تُرَاها أيادي رفعت لون البياض الذي يؤثث للسلام ! سلام طبع مُحَيَّا الأطفال وهم يتراشقون بحفنات من ثلج ناصع البياض، وضحكاتهم وصراخهم يملأ أرجاء المكان، وأنا أحدثك، وقفت مُطِلًّا من جنبات تلك الروابي، لأنقل إليكَ منظر الأودية بضفافها، وروعة خُضْرتها اليانعة الداعية للمرح والحبور، تَرَاءَتْ لِي كل كائنات المكان منْتَشِية وهي تتراقص على رائعة سانفونية الفصول الأربعة. وبين اختلاف المكان والزمان لاح لي منظر تلك البحار المتألقة بشواطئها، تُراها َمزْهٌوَّة بخُطَى زائريها الذين حجوا إليها من كل حدَب وصوب!!، لعلَّها تَعَوَّدَتْ أن تطْرَبَ لصَخَبِهم وحركاتهم وقهقهاتهم وهُم سُكارى من بهجتها، ووَجَدتُنِي في رحلة عبر الماضي لما حللت بين أرجاء تلك المآثر التي تشهد على تاريخ أمم وحضارات، أُمْعِن النظر في أقواس النصر المسماة: "الكَرَكَلَّا " ، أقواس ضاربة في أعماق الأرض وشاهدة على تاريخ ، كأنما هي أطلال من بناء أقامه مبدعوه ليبقى شاهدا على زمانهم، وباعثا على ما يبدي عظمتهم وعزتهم وقوَّتهم، وبين المَكَانٍ والمَكانٍ آثار وآثار، وعادات وتقاليد ...

كل ما تيسر لي ذكره، يجعل من هذه الربوع بلدا متنوع الثقافات، غني التراث متعدد العادات والتقاليد .......

هذا أنت بلدي المغرب مهد الحضارات، أنت ملاذي ومأواي، ومقصد كل مُتُيَّم بالجَمَال .هذا أنا ابْنُكَ يتحدث عنك، فما يكون حال الغريب وقد قصدك بحثا عما يريحه من كل عناء وتعب، ليجد فيك ما يأسر القلب ويحير العقل؟ .طبعا لن يكون حاله أفضل من حالي وهو يجوب رحابك، أنت شيء ملأ الدنيا عبقا، فشِيءَ للناس أن يظَلُّوا بين رِحَابك سُكَارى إلى أن يُغادِروا وهم يستَرِقُون النَّظر من نوافِذ مَرْكَباتهم، يُرْغِمُهم الإنتباه إلى الطَّريق عن الإمعان والتتمتع بما يسُرُّ النفس .

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم