صحيفة المثقف

جدلية العلاقة بين الفلسفة والعلم

emadadeen ibrahimهناك سؤال يدور في أذهان الكثيرين منذ زمن بعيد، ما طبيعة العلاقة بين الفلسفة والعلم؟ هل هي علاقة تكامل واتفاق أم علاقة صراع وصدام؟ الإجابة هي انه رغم اختلاف طبيعة الفلسفة عن العلم إلا أن العلاقة بينهما هي علاقة تكامل واتفاق، فكلاهما يمثلان مصدرين أساسيين من مصادر لمعرفة، ولاغني لإحداهما عن الأخر. ورغم ذلك غالبا ما يتم الخلط بين العلم والفلسفة وهذا خطا شائع. ويجب أن نوضح اختلاف طبيعة العلم عن الفلسفة لان التناول العلمي لقضية ما يختلف تماما عن التناول الفلسفي لها. ونشير إلي حقيقة تاريخية هامة وهي العلوم نشأت في أحضان الفلسفة وهذا وضح في مدرسة أيونيا عند الفلاسفة الطبيعيون الأوائل أمثال طاليس وغيرها هم كانوا يبحثون عن المصدر الأساسي والعنصر الجوهري الذي يقف وراء التغيرات التي تحدث في الكون. ورغم الاختلاف بين طبيعة العلم والفلسفة إلا انه يوجد بعض الفلاسفة حاول الخلط بينهما في محاولة لتغيير طبيعة الفلسفة لتتفق مع طبيعة العلم ومن هولاء (هيجل) الذي قال أن الأمر الذي عقدت عليه العزم هو المشاركة بجهدي في أن تقترب الفلسفة من هدفها وتتمكن من طرح الاسم الذي توصف به وهو حب العلم من اجل ان تصبح علما حقيقيا. ومما لاشك فيه أن من القواسم المشتركة بين العلم والفلسفة وصلات القربى هي أن تطور العلم هو تطور للفلسفة والعكس صحيح، فتطور الفكر الفلسفي ارتبط إلي حد كبير بتطور العلم. ولو رجعنا الي بعض محاورات أفلاطون لتحققنا من أن اكتشاف الفيثاغوريين لبعض الحقائق الرياضية قد كان أصلا من الأصول الهامة التي صدرت عنها نظرية أفلاطون في المثل. وكذلك فلسفة ديكارت مدينة بالكثير من أصولها لما وصل إليه العلم علي يد جاليليو. ورغم من هذه الصلات الوثيقة إلا أن هناك فروق واختلافات جوهرية بين الفلسفة والعلم لا نسطيع أن نغض الطرف عنها منها:

- يهدف العلم إلي وصف الظواهر وكيفية حدوثها، اما الفلسفة فهي تحاول تفسير ما وصل إليه العلم، إذ العلم وصفي والفلسفة تفسيرية.

- العلم موضوعي وتجريبي أما الفلسفة ذاتية شخصية.

- أيضا من أهم الفروق العلم امبريقي حدوده العالم المحسوس، أما الفلسفة فهي تتجاوز حدود العالم المحسوس إلي ماوراء العالم المحسوس.

- العلم جزئي أما الفلسفة فهي كلية تبحث عن العلل الأولي .

إذن العلاقة وثيقة والصلة حميمة بين الفلسفة والعلم والعلاقة توافقية وتكاملية رغم اختلاف طبيعة كل منهما عن الآخر، علينا أن نحترم هذا الاختلاف بين طبيعة العلم والفلسفة ولا نحاول أن نختزل أحداهما إلي الأخر، فهما بينهما اختلاف لكن لا يودي إلي التعارض والصدام، لان طبيعة العلاقة تكاملية يكمل كل منهما الأخر في النظر إلي الكون ولكن كل بمنظاره في الرؤية. فالفيلسوف صاحب رؤية شمولية كلية للكون، اما العالم فهو صاحب رؤية متخصصة جزئية، وليس أدل علي التكامل بينهما من فلسفة العلم التي تجمع بين العلم والفلسفة في إطار واحد .  

 

دكتور عماد الدين إبراهيم عبد الرازق

أستاذ الفلسفة المساعد بآداب بني سويف

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم