صحيفة المثقف

نزَقٌ معـتَّـق

saida taqiاحتسى فنجانه ببطء شديد ومتعمَّد.. لا يمكنك أن ترتشِف قهوة الصّباح على عجل. سيضيقُ اليومُ بما يحمِلُه من مشاريع، يُدرِكُ ذلك جيدا.. لكن ليس في الوُسعِ فنجان مرٌّ آخر بكل هذا الصّباح المعتّق. لم ينم جيداً.. ولا يذكرُ من خيالات الأمس إلا صوتها وهو يهمِسُ له "أحبُّكَ".. الذاكرة انتقائية.. لكن الفرح بدوره طيفٌ زائرٌ، يرتقب فراغ الأفق من أي رقيب للعتمة ليحلَّ ثمَّ يرتحِل.

لم يشاطرها الهمس ذاته، كان قد كفاها حبّ يومها بألف شهقة وشهقة، فلم يعُـدْ لانعطافات الأحرف الخمس وهي تتلوّى بِاسْم الحبِّ، أي جدوى.. كان يريدها أن تفكِّر على ذلك المنوال.. لكنه لم يكن في واقع الأمر يرتـدي تلك الأفكار كثيراً.. كان يحبُّ أن يكون عاريــاً أمـام نفـسه أكثر من اللازم، ويمـتـشـق خـزانـات أزيـائـه المخـتـلـفة وفـق أهـوائـه ومقاسات النزوات التي يبـدِعُها بـنزق.

عبَّ باقي رشفات البنّ المعتَّق.. لم يعُد في الوُسعِ فنجان آخر.. لقد أطلّ الصُّبح ونضا عنه استعارات الليلة الأخيرة.

 

سعيدة تاقي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم