صحيفة المثقف

الحياة امرأة..!

yasamyna hasybiلم يكن يخيفه الموت بعيدًا عنها

بل كان يخشى الحياة من دونها

 


 

الحياة امرأة..! / ياسمينة حسيبي

 

كرامة

حاول أن يعبر إليها من خلال ابتسامتها.. لكن دون جدوى!

يبدو أمامها كطفل وُلد في ظروف غير مناسبة، لا يفهم كيف أصبحتْ تتقن لغة اللاّمبالاة الفاخرة!

لا يعرف..

بأنّ تلك المرأة التي استنفذتِ الطريق مشيًا صوبه قد تصدّعت روحها وتعنكبتِ المرارة في أحاسيسها!

لا يعرف..

بأن ذلك البهاء الذي يبدو على وجهها الآن.. ليس حبًّا ولا شوقًا،

إنما هي كرامتها التي ظلت لسنوات تتجمّل بها بينما كان يوزع قلبهُ على الأخريات!

 

الحبُّ.. حربٌ

كلّما تواعدَ معها، تأتي مصحوبة بالفراق..

تظل لساعاتٍ تقشّر الوقت أمامه وتُموّه صرير قلبها بضحكات مصطنعة.

يعرف تمامًا أنها تحاصره بالخواء المزدحم بداخلها..

وتُهَرّب أحاسيسها بطريقة غير مشروعة إلى القطب الشمالي.

لم يكن يخيفه الموت بعيدًا عنها بل كان يخشى الحياة من دونها

يدرك بحدس العاشق..

أنّ أشرس حروبه هي تلك التي سينازل فيها الحبّ.. دون أسلحة!

 

إرهاب

بعض الارهابِ: قوام امرأة..

أو نظرة لا تتوانى في تفجير كل أحاسيسك برفّة رمش؛

تقتل فـيكَ كل البراءاتِ الوديعةْ!

بعض الارهاب: ابتسامة..

إنْ لم ترديكَ صريعا على التوّ، تفضى بكَ الى سرداب طويل من القلق والإنتظار.

هكذا فكّر وهو يراها تمرّ أمامه وتترك قلبه أشْلاءَ على الرصيف!

 

وفاة قلب

لا تعرف عنه سوى عيناه اللّتان كانتا تُحاصرانها بعذوبة!

غريب قادم من مجهول يجرّ وراءه سماءً بلون الورد.

ظلّ طويلا يراوغ أحاسيسها بتمرّس عاشق..

وحين همّتْ بسحبِ طرف سمائه صوبها.. حلّق بعيدًا فانكسر ظلها على الارض؛

تُوفيّ قلبها فجأة..

وأصبحت روحها رمادًا ثمّ اختلطتْ بالترابْ!

 

بلا أمل

قالت له: كثيرٌ أنتَ.. كزحامٍ في الصحراء لكني لا أجد مبررًا واحدًا لحمل قلبٍ أنتَ لــستَ بداخله..

أرى ابتسامتك التي تشبه اعتذار الحب فأتساءل بيني وبين نفسي:

ما معنى أن أعشق بلا أمل؟

فأجابها بمكر:

معناه أن الحب تساقط على قلبــكِ دون توقّعات وأنّ شفتايَ تهطلان من عينيكِ دون أن تُزهر وردة واحدة على فمكِ!

 

خرج ولم يعد

كلّما رفع يده اليمنى عن قلبه ينطق بالحكمة ثم ما يلبث أن يعود إلى الجنون!

واقف في طابور الحلُم وقلبه يركض صوبها حافياً!

هو الذي حين أكرمته السماء بلقائها، أصيب بالخرس وابتلعته نظرتها دون أن ينتْبه!

دعته لمشاهدة فيلم، فضاع في قاعة السينما ليصبح بعدها بطلاً لفيلم "خرج ولم يعد"!

 

احتراق

ختمتْ قلبه بنظرة..

ثمّ قالت بثقة: سأحيط عمركَ بعُمري وأتبنّى الإشراقة في عينيكَ!

وكَقطعة من القمر أضاءت عتمة وجهه وفرَشت له قطن قلبها الأبيض لسنوات.

وبينما هو يرتَع في جنّتها، فتح الموت أبوابه فجأة وسحَلها بعيدًا عنه..

احترقت روحه وقضمتِ الذئاب دواخله!!

ومنذُها.. تخلَّى عن نفسه وأقسم أن يُمارس الموت بعينين مفتوحتين!

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم