صحيفة المثقف

"سبايكر" جريمة إعدام جماعي بشعة سيخلدها التاريخ

wedad farhanكيف لقائد ان يخون القسم ويساهم في قتل جنوده؟ وكيف وكيف وكيف؟

ان هول مصيبة الاعدام قد تفوق أحيانا هول الكوارث الطبيعية بحجة الأقدار والمكتوب في اللوح والجبين و و و . مصيبة الاعدام فاقت كل الصور الموجعة والمفجعة التي مرت من أمامنا في يوم أو في لحظة ما.

أعرف جدا ماذا تعني كلمة الاعدام لأنني عشتتها بتفاصيلها الدقيقة في مقتبل العمر، وأحمد الله أن العمر مضى وأصبحت ورقة مصفرة فاقدة أهليتها كانت موقوتة بزلزلة مقروءة حسب ما أخبرتني والدتي أم زوجي رحمها الله، فالزلزلة هي من أفسد فعلها وأخرجته على قارعة الطريق من دون ذنب.

العراق المصاب بفاجعة الاعدام اللاإنساني واللاأخلاقي والمبتورة عنه كل قواعد القيم.. يجعلني أنزف ألما وحزنا وأذرف دمعا عن سماع القصص التي كان حجمها أكبر بكثير من حجم مؤلفات أفلام الرعب والخوف والموت.

شباب العراق الذين نذروا أرواحهم في سبيل الوطن.. يعدمون مجموعة تلو أخرى، يصفون كسعف النخيل متراصين ليعدموا بيد أوباش لا رحمة في قلوبهم ولا رحمن رحيم.

كيف لوالدة تنتظر نبض قلبها في العودة الى عينيها لتكتحل بسلامته.. وأخرى لتشكوه ألم الانتظار.. وأخرى تراقب الزقاق ذهابا وايابا عسى أن يطل عليها زوجها، أو والدها، أو أخيها، وربما تنتظر حبيبها.

بتوجس وانتظار اللاإنتظار تتوقف عقارب الوقت، وتعلن التكنلوجيا والحداثة الألكترونية أخبارا وصورا ومقاطع فيديوهات تقتل أمل اللقاء المرتقب، واذا كانت استحالة انتظارها ياتي به اليها.

لا اعرف ماذا نطقت، بل ربما أصمتها هول منظر جثمان ولدها وهو مسجي على التراب، وهل لنا أن نتصور والدة أخرى وهي ترى بأم عينيها جثمان فلذة كبدها تلاطمه أمواج دجلة والفرات يغتسلان بدمه ويتعطران بدمعها.

هي فاجعة سبايكر... هي مصيبة الاعدام الجماعي التي راح ضحيتها فلذة أكبادنا من شباب العراق، لم يخرج منها الا واحدا كشاهد عيان، خرج من أتونها، ويبدو أنه خرج فقط ... ليرويها لنا.

قصة من عشرات القصص الحقيقية بل ربما المئات .

 

وداد فرحان

رئيسة تحرير صحيفة بانوراما

سيدني - استراليا

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم