صحيفة المثقف

دراسة نقدية لديوان (تصاويرك تستحم عارية ستائر مخملية) للشاعر كريم عبدالله

karim abdulahمع انبثاق حركة الحداثة الشعرية في العراق مطلع الخمسينيات حدث تغير كبير في الشعرية العراقية وطرحت تجارب كثيرة وظهرت أصوت كتبت الشعر الحر والنثر والنص المطلق والشذرة والومضة وحققت هذه ألأجيال من الشعراء العراقيين منجز كبير وظلت الساحة العراقية تستقطب التجارب المختلفة فبرز نخبة من كتاب قصيدة النثر الحداثوية منهم الشاعر كريم عبد الله الذي جسد مشروعه الشعري بمجاميع شعرية كان أخرها مجموعة عنوانها تصاويركِ .. تستحمُّ عاريةً وراءَ ستائرَ مخمليّة طرح فيها نصوص مثلت مراحل مر بها عبد الله وكانت نسج يحمل في طياته إرهاصات ودواخل تجرمها بطريقة شعرية حيث يقول في احد نصوص المجموعة

أيّتها العذبةُ كطيفِ يبتهجُ بأنفاسها .. / ستمرحينَ داخلَ أيقونةٍ تقلّي صقيعَ شتائي ../ وتهندسينَ عرشاً كانَ يتلوى بالأفول

إنسجي ملامحَ القُبلاتِ مطرّزةً على أهدابِ أنفاسي ../ حنّي كفوفَ الشِعر بنسماتِ ربيعٍ متوهّجٍ ../ وأنفذي منْ كؤوسِ هتافاتكِ غجريةً ترقصُ

خطاب يوجهه الشاعر إلى أمراء وبسرد فني يطلب منها نسج ملامح القبلات والتطريز على أهداب الأنفاس انه يكتب بطريقة رمزية كي يفتح باب التأويل عند المتلقي وكل ما ضاق المعنى عند الشاعر يوسع عند القارئ الذي يفضح المسكوت عنه أنها عملية مرسل ومرسل له وقد اعتمد الشاعر كريم عبد الله على بناء علاقة مع المتلقي من خلال الاشتغال التام بالرمز وهذا لم يجعله يفصح عن صناعة عوالم جمالية حيث يقول في نص ثاني

كلّ يومٍ تفيضُ عيوني بذكراكِ ../ لا يشيخُ الفؤاد وأنتِ تسبحينَ بالأوردة ../ تمنحينني دفءَ سنينٍ جفَّ فيها الوَفَر

تُصفّفينَ تصاويركَ في فجرٍ متهدّلٍ ../ تُضيءُ قناديلكِ ما هوَ موحشٌ في تدفقِ الأيام ../ كلّما تغنينَ في مجاهيلي تتلفتُ نصوصي

يصر الشاعر على وضع استعارات صعبة لا تنتمي الى مباشرة في الكتابة انه يعزف على وتر تحرك الذهنية وفي كثير من كتاباته نجد الخيال يعتمده كمادة اساسية وهو ما يمنح منتج البعد الفكري لان الخيال مهمويعتبر عنصر جمالي مهم في كل مادة إبداعية سواء قصة او شعر او رواية الخ هو اهم جانب على اعتبار انه يميز المبدع عن سوها فمن يملك الخيال غير المبدع الذي يحوله ويطره في مادته الإبداعية و هناك مدخلين من الخيال هما الخال المتعارف عليه مستهلك كل ادواته و خيال من بنات أفكار المبدع أي ما يعرف بالابتكار أي يخترع لنا خيال لا نعرفه كما يخترع لغة خاص تكون به وفي ما مضه كان الشاعر مقيد ليس بالوزن والقافية بل حتى الخيال فلا يمكن ان يقول شيء منافي للعقل يقول كريم عبد الله في نص ثاني

فــ أيّ الأبواب أقصـــــدها إذ

الأهلّة تتخفّى خلفَ رئاتٍ مثقوبة

منَ الزفير ……………./ وهذا القلقَ

المتعالي قصباً ينمو يعاندُ فطرةً شوّهها ولآة

الأمر المتخمينَ بـــ الخطايا …………/ فــ هلْ أموت في شِباكِ الخطايا الضاجّةِ بــ الأرتيابِ تمضغني قطاراتُ المنافي ……. ؟ !

فــ مثلي ذاهبٌ متجرّد منَ الأنا الصاهلة أنفضُ دمَ غربتي …./ على أرصفةِ الذنوبِ أعمّدُ بقيّةَ أيامي ……………….. / فــ لقدْ

نشاهد النقاط التي وضعها عبد الله في القصيدة كي يخلق تساؤلات في ذهن المتلقي ما أرد حين وضعها وقد ويجعل حيز من التفكير ان عملية التنقيط او هندسة القصيدة تكون جانب إبداعي مستقل في ذاته وربما يكون في يوم ما تولد قصائد عبارة عن نقاط فقط ونحن نعيش الان زمن ما بعد الحداثة اعتمد الشاعر في نصه على الشكل و المعنى ولعل التراكم الصوري في هذا المقطع الذي يظهر لنا من القراءة الأول يجعل هذا المقطع بمثابة عمل مستقل وحده ويخلق نوع من الحيرة في كثرة ما شتت الكاتب فهو لا يعمل بمركزية .

 

بقلم الناقد الاستاذ: عدي العبادي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم