صحيفة المثقف

حريق الماءْ

yasamyna hasybiرُفع قَـلم الشاعر عن ثلاثة:

عن وطن مجروح لا يعرف كيف يبْرأ،

عن شعب نائم لا يريد أن يستيقظ،

وعن قلب ضرير يهمى .. ولا حرج على القلب الضرير

 


 

حريق الماءْ ..! / ياسمينة حسيبي

 

بإذنكَ الشِّعرُ: حزن فاخر بامتيازْ

ليس بوُسْعه أن يرمّمَ خراب الروح!

فكم خذلتني القصائد حين آمنتُ بِوحْيِها

وسَحَـبَتني إلى الرّماد الحارق بخيطٍ رفيع ..

فيا للقوارير حين يقطعن أيديهِنّ بشفرة الشّعر

ويشتَهِين أصابع الموت المثلّجة!

قلتُ: تعالَ وامْسِكْ بنبضي الحافي ..

سأعيشُكَ وَلَوْ بعد قِـيامَتينْ،

نتقاسم قلبي كما يتقاسم الرغيف يتِيمَيْن

يـدُكَ مسروقة .. ووجهي يلسعهُ البرد!

نُدف الثلج البيضاء أصبحت جُرفا جليدياًّ

وأوسمة السّاسة سياط تسلخ الجلود،

وما بات في الغار من وحْيٍ يتنزّلْ ..

فكيف تبلغ "الأعراب" رُشدها الأخيرْ!؟

أنا وأنتَ ..

تنظرُني بعين القلبْ .. فأعشقكَ حدّ التعبْ

يتجفْجف ثوب الماءُ ..

فنقترف شهوة الحروب بالنّوايا الحسنة،

واللّيل يجوسُ وجوهَنا في وُضح النهار!

نقف على أُهْبَةِ الرّيحِ منْتصِبيْـنِ

نبصم بالأذى ..

حين يتسكّع الخراب في فناء أصابعنا!

فلا تلُمني على ذا العطش السّائل من عمري

ألوّح بروحي للماء .. لكنَّ الجروح قاحلة،

ودمي مخشوشبُ الرائحة!

تصرخ دواخلي:

" أيتها المرأة، من أين تغْرفين هذي الدموع،

وقد أغلقَ الوطن صنبور عيْنيْه دونكِ،

وأحرق رموشكِ بالثلج؟"

ربّــــــاهُ ..

أَتُهينُني الأرض وقد رفعتُها شأناً ..

وتَهَدّلَ فمي من الدّعاء لقمْحِها؟؟

ثمة هناك بلادٌ تُطلق الرصاص على عيونِها

شعراؤها يقضمون أرواحهم بالأسنانِ ..

ونساؤها يُمَكيِجْنَ الموت بالملح والصبرْ!!

وتقول:

ضَعي ما تبقى من العمر على منضدة الوقت...

عساكِ تستريحينْ!؟

وكيف لي أن أستريح وأنا المتعبة منّي ..

ومِن وطنٍ أدمنتُه في دمي

تصّاعد كالحلم ثم تسّاقط "قبائلاً" أمام ناظري،

قبائل تركض صوبي دون طريق ..

وتلاحقني بقتلاهاَ!

فليكنْ وجهي خيمة للأيتامِ،

وجِلدًا لمنْ يمنحني أسباب العيشِ في جسدي.

يدي تحتطب الرمال والقوافل محمّلة بالقهر

وأتساءل:

لمن هذه الرائحة الكريهة في بساتين الشّرقِ؟

 

وهذا النور المُبَقّع بمراهم أمريكية الصّنعْ؟

لا أحد

يسرق من عيني دمعة

بحجم " أُمَّة "

أو يدلف خلسة من نافذة روحي،

ويشدّني برمشه إلى هذي الأرض ..

هيهات أن اصبح شجرة لها من العمر ألفَ سنة!؟

أنا السّاكنة في غرفة عمري ..

أتدفّق في الحزن حتى آخِــري

وتنام الكلمات على شفاهي مُتْعبة.

يستنفذني الشِّعْر..

ما بين بدرٍ سيّابٍ -قطع الليل غريبًا-

وماغوطٍ - أجّلَ الفرح كالثأْر من جيل الى جيلْ-

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم