صحيفة المثقف

جمالية التكرار في ديوان "قَليلكِ لا كثيرهُنَّ" ليحيى السماوي

yahia alsamawiتحقق ظاهرة التکرار في النصّ الأدبي الجانبين المهمين: الجانب اللفظي والجانب المعنوي. يخلق التكرار في الجانب اللفظي جواً موسيقياً متناسقاً، كما يودّي في الجانب المعنوي إلى التوكيد في المعنى وإبرازه فى معرض الوضوح والبيان.

إن التكرار عنصر من عناصر البلاغة اهتم به الشعراء العرب المعاصرون اهتماماً بالغاً، ومن بينهم الشاعر العراقي المقيم في استراليا يحيى السماوي الذي نشر ديوانه بعنوان "قليلكِ .. لا كثيرهُنّ" وفيه مايتعلق بزوجته الفاضلة وهموم وطنه الأصلي الذي لم ينفك مصدر آهاته ونفثاته وآلامه وذكرياته...

تهدف هذه المقالة إلى تحليل التكرار والأسلوبية الجماليّة وأنماطه في ديوان يحيى السماوي التي تمثلت في تكرار الألفاظ "تكرار الكلمة المفردة، الكلمات الطبيعة، المقابلات والضمائر"، وتكرار العبارات "تكرار الجملة المستقلة، تكرار عنوان القصائد، تكرار الأساليب المتنوعة، تكرار التركيب الاستفهامي والندائي " مستعيناً بالمنهج الوصفي- التحليلي. ومن النتائج التي توصلنا إليها أنّ الديوان يعكس هموم الشاعر والآلام الصادقة على نفسيته في فراق العراق خلال جمالية التكرار الذي شكّلت لُحمة الديوان. فثمّة تناغم واضح بين أسلوب التكرار ومحتواه.

الكلمات الأساسية: يحيى السماوي، قليلكِ...لا كثيرهُنّ، الشعر العربي المعاصر، أسلوب التكرار.

 

1. المقدمة

إن الموسيقى عنصر أساسي من عناصر الشعر منذ قديم الزمن. كما قال سيد قطب في تعريف الشعر: «الإيقاع المنغم المقسم في الشعر يجعله مصاحباً للتعبير الجسدي بالرقص عن الانفعلات الحسية، كما يجعله أقدر على تلبية التعبير الوجداني بالغناء»(قطب،2003م: 62). «لايوجد شعر بدون موسيقى، يتجلّى فيه جوهره وجوّه الزاخر بالنغم. والموسيقى تؤثّر في أعصاب السامعين ومشاعرهم بقواها الخفيّة التي تشبه قوى السحر ... حتّى إذا فزعت موسيقى الشعر مسامعنا أخذت زمر إحساساتنا ومشاعرنا تتجانس معها وتتشاكل» (ضيف،1999م: 28).

فالموسيقى في الشعر ليست حلية خارجية تضاف إليه، وإنما هي وسيلة من أقوى وسائل الإيحاء، وأقدرها على التعبير عن كل ما هو عميق وخفي في النفس مما لا يستطيع الكلام أن يعبر عنه(عشري زايد،2008م: 154). فإنّ للموسيقى وظيفة خاصة تتجلى لنا فيها المعاني وأحاسيس الشاعر. يقسم النقاد والباحثون الموسيقى على قسمين: الأول: الموسيقى الخارجية التي تتشكّل من الوزن، والقافية، وتجمع الحروف . الثاني: الموسيقى الداخلية وهي التي تتجلى في صور مختلفة كالتكرار والمحسنات اللفظية.

بما أنّ خاصية التکرار من الخصوصيات الجمالية التي أضفت علی القصائد الحداثية إيقاعاً تکاملياً تفاعلياً في تحقيق النغم الموسيقي الذي غاب عن القصائد الحداثية؛ وإن التکرار يکون عنصراً جوهرياً في تماسک القصيدة وتفعيلها إيقاعياً فلابد أن يتغلغل في ثناياها وبواطنها النفسية والدلالية (شرتح 2011م: 157). هذا البحث محاولة هادفة إلى دراسة جمالية التكرار في ديوان" قَليلكِ … لا كثيرهُنَّ" ليحيى السماوي بالاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي ضمن الإجابة عن السؤالين التاليين:

1. ما هي أهمّ السمات البارزة لأسلوب التكرار في ديوان يحيى السماوي؟

2. ما هي أهمّ المؤثرات الفکرية والإجتماعية وراء أسلوب التكرار الشعري ليحيى السماوي؟

 

2. الدراسات السابقة

لقد كُتبت حول يحيى السماوي كتب ومقالات عديدة قيّمة نخصّ منها بالذكر:

1. كتاب «موحيات الخطاب الشعري دراسة فی شعر يحيی السماوي» لعصام شرتح. وهو يسعى إلى فتح مغاليق تجربة السماوي الشعرية والدخول إلى أعماقها من خلال التتبع الدقيق للنصوص الشعرية.

2. كتاب «آفاق الشعرية دراسة في شعر يحيى السماوي» لعصام شرتح. وهو يسعى إلى تبصير القرّاء بتجربة شعرية متميزة وصوت شاعري عظيم من العراق الشقيق.

3. كتاب «تجليات الحنين في تكريم الشاعر يحيى السماوي» في مجلدين لماجد الغرباوي. يشتمل الكتاب على عدة أبواب: دراسات نقدية، مقالات ورؤى وانطباعات، حوار مفتوح مع الشاعر اشتمل 80 سؤالا منوعاً... .

4. كتاب «تجربة العشق والإغتراب فی ديوان قليلک لاکثيرهنّ» للدكتور محمد جاهين بدوي. يدرس الكاتبُ المحاور الرؤيوية العامة في الديوان منها: تجربة عشق الوطن وتجربة العشق الأنثوي. كما يقول بدوي: هذه المحاولة تكشف عن رؤيته الشعرية وأبعاد تجربته النفسية. بينما نقوم بتحليل التكرار وأسلوبيته الجماليّة وأنماطه في ديوان السماوي.

5. مقال لرسول بلاوي ومرضية آباد بعنوان «استدعاء شخصية الإمام الحسين "ع " في شعر يحيى السماوي» هذ البحث يرصد استدعاء شخصية الإمام الحسين ودلالتها في تجربة الشاعر.

6. مقال ليحيى معروف وبهنام باقري بعنوان «عناصر الموسيقي في ديوان نقوش على جذع نخلة ليحيى السماوي» هذا المقال يدرس الموسيقى الداخلية والخارجية. ومقال آخر لمرضية آباد ورسول بلاوي بعنوان «دلالات الألوان في شعر يحيى السماوي» في مجلة إضاءات نقدية، هذا المقال يتناول الألوان ودلالاتها في شعر السماوي.

7. هناك مقالات عديدة حول جمالية التكرار في شعر العربي المعاصر منها: مقال لجهانكير أميري وفاروق نعمتي بعنوان «أسلوبية التكرار في التعبير عن شعور الاغتراب"شعر سيد قطب نموذجا"» هذا البحث يدرس أسلوبية التكرار الكثيف في شعر سيد قطب.

لا شك أن كل البحوث والدراسات التي تمّت حول الديوان تكون ذات قيمة وفائدة تمهد الطريق للباحثين كما استفدنا منها نحن واعتمدنا عليها في إعداد هذه المقالة، لكن لم تفرد دراسة مستقلة تدرس أهم ظواهر التكرار في ديوانه هذا. فتحاول هذه المقالة أن تكشف جماليات مظهر من مظاهر الموسيقى الداخلية الذي اتسم به شعر يحيى السماوي ألا وهو التكرار بأشكاله المتنوعة ومستوياته المتعددة في ديوان "قليلكِ... لاكثيرهُنّ"، من تكرار الألفاظ، والمتقابلات، والجمل والتراكيب المتنوعة، .... وإبراز دور جماليته في البنية الإيقاعية والدلالية في الديوان.

تأتي أهمية هذه الدراسة من خلال محاولة قراءة النص الشعري عند يحيى السماوي، لتكشف عن دوافع الشاعر وراء اختيار أسلوب التكرار كأسلوب متميز متسلط على ديوانه " قَليلكِ … لا كثيرهُنَّ"

 

3. الإطار النظري

3-1. الأسلوبية(Stylistics)

إنّ مصطلح الأسلوبية لم يظهر إلا في بداية القرن العشرين مع ظهور الدراسات اللغوية الحديثة(خفاجي الآخرون،1992: 11). أصبح مصطلح "الأسلوبية" يطلق على منهج تحليلي للأعمال الأدبية، يقترح استبدال "الذاتية" و"الإنطباعية" في النقد التقليدي بتحليل "موضوعي" أو "علمي" للأسلوب في النصوص الأدبية(المصدر نفسه:12).تبحث الأسلوبية عن الخصائص الفنية الجمالية التي تميز النص عن آخر أو الكاتب عن كاتب آخر من خلال اللغة التي استخدمها وتحاول الإجابة عن هذا السؤال: كيف يكتب الكاتب نصاً من خلال اللغة؟ وهي بوجه عام تدرس النص وتقرؤه من خلال لغته وما تعرضه من خيارات أسلوبية على شتى مستوياتها: نحوياً ولفظياً وصوتياً وشكلياً (المسدي،1984: 36).

يقول بالی: إن الأسلوبية علم دراسة العوامل المؤثرة في اللغة ولهذا توسع في المفهوم فشمل كل ما يتعلق باللغة من تكرار الأصوات والصيغ والكلمات والتراكيب وتداخل مع علم الأصوات والصرف واللفاظة والدلالات والتراكيب (بلوچی،2004: 5). بما أن التكرار من أهم المكونات التي يقوم عليها يحيى السماوي خلال نصّه الشعري، ليكشف به من دلالات نفسية عميقة. نرى أنّه من الأنسب أن نتطرّق في البداية إلى التكرار وجماليته كحقل من الحقول المعرفية في إطار الدراسات الأسلوبية.

 

3-1-1. التکرار

إن التكرار إحدی الأدوات الأسلوبية والآليات التعبيرية التي باستطاعتها كشف أغوار النص، وبواسطتها نتعمق في ما وراء ذاته، واستجلاء مختلف الأحاسيس والمشاعر، الحبيبة في نفس المبدع، إنه إحدى المرايا العاكسة لكثافة الشعور المتراكم زمنيا عند الذات المبدعة، يتجمع في بؤرة واحدة ليؤدي أغراضا عديدة (حني،2012م: 9). وهو بعبارة أخری إلحاح علی جهة هامة في العبارة يُعنى الشاعر بها أکثر من عنايته بسواها، ليسلط الضوء علی نقطة حساسة فيها مرتبطة بدلالات نفسية عميقة (الملائکة، 1997م: 276). إذن التکرار من الوسائل اللغوية التي يمکن أن تؤدي في القصيدة دوراً تعبيرياً واضحاً، فتکرار لفظة ما، أو عبارة ما، يوحي بشکلٍ أولي بسيطرة هذا العنصر المکرر وإلحاحه علی فکر الشاعر أو شعوره أو لا شعوره، ومن ثمَّ فهو لا يفتأ ينبثق في أفق رؤياه من لحظة لأخری، وقد عرفت القصيدة العربية منذ أقدم عصورها هذه الوسيلة الإيحائية (عشري زايد، 2008م: 58).

التكرار يؤدي إلى أن يولد من جديد عند شعراء القصائد الحرّة لما يحتوي عليه من إمكانيات تعبيرية يستطيع أن يغني المعنى إلى درجة الأصالة، وذلك إن استطاع الشاعر أن يسيطر عليه سيطرة كاملة ويستخدمه في موضعه دون أن ينزلق به في اللفظية المبتذلة(الملائكة،1977م: 263-264). كان ذلك كلّه من أجل خصائص إيجابية للشعر الحرّ في النزوع إلى الواقع وإلى الاستقلال والنفور من النموذج، والهرب من التناظر وإيثار المضمون(المصدر نفسه: 56-65). فتمكن أسلوب التكرار من هذا المنطلق، بصورة عامة، من أن يهدف إلى استكشاف المشاعر وإلى إبراز الإيقاع الدرامي(عيد،1985م: 60).

من هنا يمكن القول إن بنية التكرار في القصيدة الحديثة أصبحت تشكل نظاماً خاصاً داخل كيان القصيدة، يقوم هذا النظام على أسس نابعة من صميم التجربة ومستوى عمقها وثرائها، وقدرتها على اختيار الشكل المناسب الذي يوفر لبنية التکرار أكبر فرصة ممكنة لتحقيق التأثير، من خلال فعاليته التي تتجاوز حدود الإمكانات النحوية واللغوية الصرف، لتصبح أداة موسيقية ودلالية في آن معاً (عبيد، 2001م: 188).

 

3-1-2. جمالية التكرار

والحقيقة أن التكرار أسلوب يتحصن بمختلف القدرات التعبيرية التي من شأنه توافرها في أي أسلوب تعبيري آخر، فهو يغني المعنى ويرفعه إلى مرتبة الأصالة. التي تزيد قوته وترسخ في فكر المتلقي يمنحها ثقلا معنويا، وأداء متميزا مشحونا بالعمق والتوالد الفكري (حني،2012م: 9). من المعاني ما يکون للتشوق والاستعذاب في التغزل أو النسيب، وما يكون على سبيل التنويه بالمذكور والإشارة إليه في المدح، وما يكون تفخيماً لاسم الممدوح في القلوب والأسماع، وما يكون على سبيل التقرير والتوبيخ، وما يدور على سبيل التعظيم للمحكي، وما يدور على جهة الوعيد والتهديد إن كان عتاباً موجعاً، وما يكون على وجه التوجع في الرثاء، وما يكون على سبيل الإستغاثة، أو على سبيل الشهرة، أو التوضيع، أو الازدراء، والتهكم والقصص و... هو التكرار(القيرواني،د.ت،ج2: 74-76).

الظاهر أنّ الدلالة الشعورية هي أهمّ دلالة وأصعبها يحملها اللفظ المكرر في الشعر الحديث لأنّ تكراره يهدف إلى استكشاف المشاعر الدفينة وإلى الإبانة عن دلالات داخلية ويعدّ التكرار أحد المنافذ التي تفرغ هذه المشاعر المكبوتة. من ثمّ يجيء التكرار في سياق شعوري كثيف يبلغ أحياناً درجة المأساة(الملائكة،1977م: 287). فإن دور التكرار فيها متعدد، وإن كان الهدف منه فى جميع مواضعه، يؤدى إلى تأكيد المعاني، وإبرازها فى معرض الوضوح والبيان (إبراهيم، 1992م: 322). التکرار يحقق للنصّ جانبين مهمين: الأول: يتمثل في الحالة الشعورية التي يضع – من خلالها الشاعر نفسه – المتلقي في جو مماثل لما هو عليه، والثاني: الفائدة الموسيقية، بحيث يحقق التكرار إيقاعاً موسيقياً جميلاً، ويجعل العبارة قابلة للنمو والتطبيق، وبهذا يحقق التكرار وظيفته، كإحدى الأدوات الجمالية التي تساعد الشاعر على تشكيل موقفه وتصويره؛ لأنّ الصورة الشعرية على أهميتها ليست العامل الوحيد في هذا التشكيل(شرتح،2011م: 163).

 

3-2. السيرة الذاتية ليحيى السماوي

هو يحيی عباس عبود السماوي، وُلِد بمدينة السماوة بالعراق في السادس عشر من مارس 1949 م، يُعتبر من روّاد الشعر العربي الحديث، امتلک ناصية الشعر في وقتٍ مبکر. تخّرج في کلية الآداب جامعة المستنصرية عام 1974 م، ثمّ عمل بالتدريس والصحافة والإعلام، استهدف بالملاحقة والحصار من قبل البعثيين في النظام الصدامي حتی فرّ إلی السعودية سنة 1991م، واستقرّ بها في جدة حتی سنة 1997م يعمل بالتدريس والصحافة، ثم انتقل مهاجراً إلی استراليا ؛ وبها يقيم حتی کتابة هذه السطور (الغرباوي،2010م: 155). أصدر السماوي لحد الآن أکثر من واحد وعشرين ديواناً شعرياً وكتابين نثريين کديوان "قليلك... لاكثيرهنّ".

 

3-2-1. ديوان "قليلك... لاكثيرهن"

قليلُك... لا كثيرهنّ هو الديوان قبل الأخير في سياق الإصدارات الشعرية زمنيّاً ليحيى السماوي في منفاه. والديوان من حيث الشكل والقالب الفني يضمّ إحدى وعشرين قصيدة، منها الإهداء، فهو عبارة عن قصيدة مستقلة، وهذه القصائد تتراوح بين الشكلين: التقليدي الأصيل ذي الشطرين والتفعيليّ، وإن غلب الشكل التفعيليّ من الناحية الكمية، فقد استغرق هذا الشكل ستّ عشرة قصيدة، واستغرق الشكل الأصيل خمس قصائد طوالاً، كما تراوحت رؤية الشاعر في هذا الديوان بين تجربة عشق الحبيبة/الوطن، والحبيبة المرأة، وتجربة معاناة النفي والإغتراب، مصطبغة كل تلك النماذج بغنائية عذبة، ووجدانية رقراقة تفيض بها تضاعيف قصائد عامة (المصدر نفسه: 157). سنحاول خلال هذه المقالة عرض أهمّ أنماط التكرار وتتبع أثارها الجمالية في ديوان"قليلك ..لاكثيرهنّ".

 

4. القسم التحليلي

4-1. تكرار الألفاظ

تمتلک الألفاظ المفردة – من قبل أن توضع في بناء لغوي – طاقات إيحائية خاصّة، يمكن إذا ما فطن إليها الشاعر ونجح في استغلالها أن تقوي من إيحاء الوسائل والأدوات الشعرية الأخرى وتثريه(عشري زايد،2008م: 51). يستخدم السماوي تكرار الألفاظ في الديوان بصورة مختلفة. الرسم التالي يتبين ذلك بصورة واضحة:

 

الرسم الأول: تكرار الألفاظ

4-1-1. الكلمة المكررة

وهو ما تطلق عليه نازك الملائكة اسم التكرار البسيط (الملائكة،1977م: 264). من تكرار الكلمة قوله: في قصيدة"جبل الوقار":(السماوي،2007م: 28-29)

غريبُ... والهوى مثلي غريبٌ         ورُبّ هوىً بمغترب عقابُ

كلانا جائع والزاد جمرٌ                   كلانا ظامىءٌ والماء صابُ

كلانا فيه من حزن سهولٌ               وأوديةٌ... ومن ضجرٍ هضابُ

كأنّ لقلبه عقلاً.. وقلباً                   لعقلٍ فهو سحٌ وانسيابُ

نحس بمدى سيطرة الغربة على نفسه وفكره حتى يكرّر هذه الألفاظ "غريب، الهوى، كلانا، قلب، عقل". لأنّ تكرار هذه الكلمات ينبعث من أعماقه فهو لايسأم تكرارها. التكرار هو الوسيلة الأساسية التي يستطيع السماوي أن يبيّن لنا مدى علاقته النفسية بالعراق وحنينه إليها. يلعب السماوي مع الكلمات بصورة تثير عواطف المتلقي ك(كأنّ لقلبه عقلاً وقلباً لعقل).

يقول السماوي في قصيدة"يحدث في خيالي"

سيدة النساء يا مسرفة الدلالِ/ لاتأخذي بما يقول عاشقٌ/ في لحظة انفعالِ/ سيدة النساء يا مسرفة الظنون/ سيدة النساء... (المصدر نفسه: صص53-61)

يمكن القول أن نعتبر تكرار "سيدة النساء" تعبيراً عن حبيبته أم الشيماء أو وطنه، لأنّ الشاعر يمزج بينهما حيث لايستطيع القراء تمييزهما في الديوان، على أية حال تكرار هذه الألفاظ يدلّ على حبّه الخالص والحالات النفسية الحزينة في منفاه تجاه الحبيبة/ الوطن. كما تتكرر كلمة"خيالي" حتّى نهاية القصيدة ثلاث عشرة مرة.

كما يقول في قصيدة "كأنّي أطالب بالمستحيل":

وأن لايؤول العراق/ وأن لا يعود العراقُ/ سرير الطواغيت.... (المصدر نفسه:72-73)

كلمة "العراق" من أبرز الكلمات التي يستخدمها الشاعر في قصائده مباشرة ورمزية من خلال الألفاظ ك"نخل، فرات و...". هو كرّر لفظة "العراق" ليكشف عن حنين كامن في صدره ويدلّ على سيطرة العراق على مشاعره وشدة حنين الشاعر إلى بلده.

يقول في قصيدة "طرقنا بابكم فأجاب صمت":

أما لبعيد هودجكم قدومُ؟         يتيم بعدكم قلبي... يتيمُ (المصدر نفسه:33).

تكرار كلمة "يتيم"في هذا البيت يدلّ على وحدة الشاعر في منفاه وغربته من وطنه. فاستخدام السماوي تكرار اللفظة المفردة خلال الديوان كثيراً يؤدي إلى الوحدة الموضوعية والعضويّة في القصائد. تتجلى لنا صورة حزينة وصادقة من شعوره في فراق وطنه العراق التي يعبّر عنها خلال هذا الأسلوب. ويجسد نفثاته وآلامه وذكرياته تجاه العراق التي يؤدي إثارة المتلقي في بناء مستقبل البلد.

فهو من خلال التکرار يستطيع تأکيد فکرته المسيطرة علی أفكاره وشعوره، ويؤدي الى تشکيل الموسيقی الداخلية في القصيدة التي تتناسق مع غاياته. كما قال الدكتور عصام شرتح: لقد امتازت قصائد السماوي بجمالية اختيار الكلمة لتكون في موضعها المناسب لها؛ فالتكرار في قصائده ليس عشوائيا أو اعتباطي الرؤية أو التشكيل؛ وإنما هي مهندسة منسجمة؛ منسقة في موضعها الملائم لها؛ وهذه الخصيصة هي التي تجعله الشاعر الجمالي أو لنقل الشاعر الفنان القادر على إصابة الهدف الشعري من وراء اختيار تكرار الكلمة في السياق الذي ترد فيه، هو الذي يجعل نصوصه عالية المستوى؛ قادرة على استقطاب القراء بأسلوبها الجمالي، وحنكتها التصويرية، وملمحها العاطفي المثير(شرتح،2011م: 41).

 

4-1-2. تكرار الضمائر

ومن الأساليب اللغوية في ديوان يحيى السماوي والملفتة للنظر، أنّه كثيرا ما كان يستخدم ضمير المتكلّم في التعبير عن ذاته. يقول في قصيدة "أربعة أرغفة من تنور القلب":

أملؤها بكوثر الأماني/ وبالتسابيح التي/ تفيض من قلبي على لساني/ بنيتُ في خيالي/ مئذنةً.../ وملعباً طفلاً../ وطرزتُ الصحارى بالينابيع التي تجول/ في غابات برتقالِ.../ وعندما غفوتُ تحت شُرفة ابتهالي/ شعرتُ أن خيمتي حديقةٌ/ وأنّني سحابة/ رسمتُ بالإشارةْ/ نسجتُ للكوّة في الجدار/ من هدب المُنى ستارةْ/ وقبل أن أنام في كوخي على وسادةٍ حجارةْ/ دوّنتُ في دفتر عمري هذه العبارةْ ... (السماوي،2007م: 95-96 ). كما يقول في قصيدة "خُسر":

الوطن استراح مني../ وأنا استرحتُ.../ لأنّني/ منذ تمرّدتُ عليه/ متُّ (المصدر نفسه: 98)

اعتمد السماوي في هذه الابيات على تكرار ضمير المتكلم ليعكس إلحاح الشاعر للتأكيد على تفرده وتميزه حتى في فراق وطنه. لأنّه يعبّر بضمير المتكلم عمّا يختلج من المعاني عند الأديب. فيركز السماوي عليه لبيان حقده النفسي تجاه الطغاة ومحتلي وطنه الذي مازال مصدر آلامه ومأساته. تكرار الضمير في الأبيات يمنحها تتابعاً شكلياً.يكمننا أن نستنتج أنّ الشاعر في خياله هو الفاعل والمسيطر فيمكنه أن يفعل ما يريد.

 

4-1-3. تكرار كلمات الطبيعة

من أهمّ خصائص هذا الديوان لجوء الشاعر إلى تكرار كلمات طبيعة العراق حيث يقرأ القراء قصائده كأنّه في طبيعة العراق. على سبيل المثال يملأ الشاعر قصيدة "يحدث في خيالي" من هذه الكلمات:

هل يزعل العصفور من سماحة البيدر؟/ والزهر من الربيع؟/ والنسر من الأعالي؟/ يحدث أن أقيم جسر الودّ/ بين الشاة والذئب/ وبين الضبع والغزالِ/ بيننا نهران من ضحك/ ومن بكاءْ/ وحقل ياسمين/ تشكو سواقيه احتراق الماءْ (السماوي،2007م: 53-62).

يجسد السماوي طبيعة العراق من خلال تكرار الكلمات ك ""العُشب، الجبال، العصفور، سماحة البيدر، الزهر، الربيع، النسر، حديقة، السهول الخضر، بستان البرتقال، ذئاب، النوق العصافيرية، الغزلان، جِمال، ابحار، الموج، رمال، الطيور، الجراد، بساتين الفراتين، الحقول، الشاة، الصقر، الضبع، الطواويس، نهران، حقل ياسمين، سواقيه و...". ويظهر في قوله متغنيا بالطبيعة العراقية عبر هذه الألفاظ التي تدلّ علي حبّه تجاه الوطن. كما تتكرّر في قصيدة "حين تكونين معي" الكلمات " الربيع، الورد، الضفاف، المياه، العشب، الطير، الأشجار، الأمطار، البحار، لؤلؤ و... . نرى في هذه القصيدة أمله إلى المستقبل. وفي قصيدة"غيثان: تكرار الكمات كـ " طائر العشب، غصن اليباب، الذباب، بساتين، الذئاب..." يرجع إلى رومانسية الشاعر. كما يقول الدكتور يحيى معروف "لو تصفحنا المجاميع الشعرية لشاعرنا يحيى السماوي، لوجدنا مجموعة ضخمة من قصائده مليئة بالحبّ والهيام، حيث يمكننا أن نسميه شاعر الحبّ والرومنسية"(معروف،1433: 4).فقد اعتمد السماوي على الإستعارة التشخيصية للكشف عن أحاسيسه بما حوله من الطبيعة، فتفجر هذه التصاوير في أعماقه من الحقد على المحتل الذي ينسّق بين أفكارا وأحاسيسه المضطربة وتناغماً بين الصور الشعرية والموسيقى. لأنّ الشعر لا يكون الا بالنسيج والتأليف بين الفكرة والعاطفة والصورة والموسيقى اللفظية (عجلان،1989م: 142).

تكرار التشخيص يرسم لوحات إستعارية جميلة مختلفة في أشعاره الرومانسية. فيضفي السماوي على هذه الاستعارات المكنية الصفات البشرية. نلاحظ كيف يتمثّل السماوي تجليات همومه في مظاهر الطبيعة؛ وهذا يدلُّ علی التناسب بين مضمون القصائد وصور الطبيعة التي تشير إلى ظلم الطغاة. قال علي عشري زايد: "حيث كان من نزعات الرومانسيين الواضحة الهرب إلى الطبيعة، والامتزاج بها فراراً من فساد المجتمع وما يموج به من ظلم وشرور، وكثيراً ما كانوا يجعلون الطبيعة تشاركهم عواطفهم الخاصة، فيسقطون عليها أحاسيسهم، ويشخصون مظاهرها المختلفة"(عشري زايد،2008م: 76).

 

4-1-4. تكرار المقابلات

ميسم من أبرز المياسم الأسلوبية التي تميز شعر السماوي بصفة عامة، وتعدّ محوراً تشكيلياً مهماً ترتكز عليه آلياته وطرائقه التعبيرية في هذا الديوان بنوع خاصّ، ألا وهو ميسم "المقابلة" بوصفها مسلكاً تعبيرياً وعنصراً تشكيلياً أثيراً يوظّفه الشاعر – في براعة واقتدار فنيين – لينقل إلينا مدى ما يعتمل بوجدانه من إحساس حادٍّ وعميق بالمفارقات في شتى صورها، ومتنوّع مجاليها (الغرباوي، 2010م: 180). على سبيل المثال في قصيدة "ستسافرين غداً":

"ريثما تخضرُ صحرائي/ بوقع خطى إيابك"/ إنّي ليغنيني قليلُك عن كثير الأُخريات (السماوي،2007: 23).

كما في قصيدة "يحدث في خيالي":

وأسرج الخضرة في القفار/ حتى تستحيل جنّة أرضيّة/ضاحكة السلالِ../ يحدث أن أقيم جسر الودّ/ بين الشاة والذئب/ وبين الصقر والعصفور/ بين الضبع والغزالِ/ بين ضفاف الأرض والسماءْ/ جسر من اليقينْ.../ وبيننا نهران من ضحك/ ومن بكاءْ/ وحقل ياسمينْ/ تشكو سواقيه احتراق الماءْ (المصدر نفسه: 59).

يرتبط بين معاني المقابلات ويجعلها متلاحقة متواترة، ويكون تكرار المقابلات من أبرز خصائص هذا الديوان الذي يُثير شعبه على الثورة ضد المحتلين. كما يعبّر عن التوتر النفسي والشعوري الذي يعانيه السماوي ويولّد الإيقاع في أشعاره إلى جانب التوكيد في المعنى.

ويجمع الشاعر بين هذه المتقابلات على أساس الإنزياح. لأنّ "رصد ظواهر الإنحراف في النصّ يمكن أن تعين على قراءته قراءة استبطانية جوانية تبتعد عن القراءة السطحية والهامشية، وبهذا تكون ظاهرة الانحراف ذات أبعاد دلالية وإيحائية تثير الدهشة والمفاجأة، ولذلك يصبح حضوره في النص قادرًا على جعل لغته لغة متوهجة ومثيرة تستطيع أن تمارس سلطةًعلى القارئ من خلال عنصر المفاجأة والغرابة. كما يعكس قدرة كبيرة عند المبدع على استخدام وتفجير طاقاتها وتوسيع دلالاتها وتوليد تراكيب جديدة لم تكن دارجة أو شائعة في الاستعمال"(محمد الزيود،2007م: 4). فقد استطاع تكرار ظاهرة الانزياح تقديم إمكانيات دلالية متنوعة ليحقق مزيداً من الجمالية وإثراء القصيدة من النواحي الايحائية. يدلّ على عمق أفكار السماوي لتغيير أوضاع المجتمع بأشكال متنوعة.

 

4-2. تكرار العبارات

هذا النمط من التكرار موجود بكثرة في القصائد المعاصرة، ويكون بتكرار عبارة بأكملها في جسد القصيدة. وإذا جاء هذا النمط في بداية القصيدة ونهايتها فإنّه يساعد على تقوية الإحساس بوحدتها، لأنّه يعمل على الرجوع إلى النقطة التي بدأ منها. كما تقول دهنون أمل نقلاً عن محمد لطفي اليوسفي «إنّها تمكّن القصيدة من العودة إلى لحظة البدء أي لحظة الولادة»(أمل،2008: 8). قسمنا تكرار الجملة إلى قسمين: اولاً: تكرار الجملة بأكملها: تكرار الجملة المستقلة في القصائد وتكرار العنوان في القصائد، ثانياً: تكرار التراكيب المتنوعة. والرسم التالي يبين ذلك بصورة واضحة:

 

الرسم الثاني: تكرار العبارات

4-2-1. تكرار الجملة بأكملها

4-2-1-1. تكرار الجملة المستقلة

يقول السماوي في قصيدة "تضاريس قلب":

لكي أكون مؤهلاً للحبّ/ في الزمن الجديد/ كيما أكون مؤهلاً للعشق/ والصبّ التقيا (السماوي،2007م: 12-14).

يدلّ التكرار لجملة " أكون مؤهلاً " على أنّه مازال يعشق وطنه وليس لحبّه بديلٌ. كما يقول السماوي في قصيدة "تماهي":

بينك والعراقْ/ تماثل .../ كلاكما يسكن قلبي نسغ احتراقْ.../ وها أنا بينكما*** بينك والفرات/ آصرة.../ كلاكما يسيل من عينيّ/ كلاكما صيّرني أمنية قتيلة/ كلاكما مئذنةٌ حاصرها الغُزاة../ ها أنا بينكما*** بينك والفرات/ قرابةٌ.../ كلاكما ينام في ذاكرة العشب/ كلاكما أثكله الطغاة والغزاة/ ها أنا بينكما*** ... (المصدر نفسه: 15-19).

كرّر السماوي في هذه القصيدة جملة "ها أنا بينكما" ثلاث مرات حيث يختم كل مقطع بتكرار الجملة وهي الترکيب الغالب على نحو لافت في القصيدة. إنّ تكرار هذه العبارات يعبّر عن حجم الآلام التي يعيشها السماوي في منفاه. تولّد جمالية التكرار في هذه الأبيات إيقاعاً وجرساً خاصاً يتلاءم مع مضامين القصائد. ينظر السماوي الى وطنه كمعشوقة ويجمع بينهما في الديوان.

كما قال محمد جاهين بدوي: "تأتي تجربة عشق الوطن في مقدمة طيوف المشهد في "قليلك... لاكثيرهنّ" تلك التجربة التي يتماهى فيها الوطن مع الحبيبة، ويتشكّل عبر رسومها، ويتبدّى في قسماتها، وتغدو الحبيبة كذلك من بعض وجوهها، وفي بعض تجلياتها الروحيّة وطناً للنفس، وسكناً للفؤاد، وإنّهما ليتماهيانِ، ويغدو أحدهما معرضاً تتجلّى على صفحته صورة الآخر في تواشج رؤيويّ حميم حتى يصيرا في مخيلة الشاعر شيئاً واحداً، ما ذاك إلا لحنينه المحرِّق إليه، وشدة إحساسه باغترابه عن ذاك الوطن"(بدوی، 2010: 158).

 

4-2-1-2. تكرار العنوان في القصائد

العنوان رسالة لغوية – بالمفهوم السيميائي - تعرّف بتلك الهوية وتحدّد مضمونها، وتجذب القارئ إليها، وتغريه بقراءتها، وهو الظاهر الذي يدلّ على باطن النصّ ومحتواه(رحيم،2008م: 10). العنوان أكبر ما في القصيدة، إذ له الصّدارة ويبرز متميزاً بشكله وحجمه، فهو لافتة دلالية ذات طاقات مكتنزة، ومدخل أوّلِيّ لا بدّ منه لقراءة النصّ(المصدر نفسه:9-10). تكون عنوان القصائد في شعر يحيى السماوي بمثابة المرآة الصافية التي تعكس أفكار الشاعر ويكون ذا علاقة وطيدة مع نفسية الشاعر بحيث تجسّد لنا مضمون القصيدة قبل قراءتها خلال الإيحاءات السيميائية. يقوم الشاعر بتكرار عناوين القصائد بصورة مكررة. والجدول التالي يتبين ذلك بصورة واضحة:

 

الجدول1: تواتر العنوان في ديوان"قليلك...لاكثيرهن"

عنوان القصائد      عدد تواترعنوان فی القصيدة

ستسافرين غداً؟               2

يا جبل الوقار                 2

في آخر العمر               8

يحدث في خيالي           5

كأنّي أطالب بالمستحيل   3

أين ستهربين من حبّي   3

حين تكونين معي         6

مثلث السلطة             2  

طرقنا بابكم فأجاب صمتٌ 2

ماعدتِ سرّاً               2

ياصاحبي                 2

جنون                     2

 

على سبيل المثال في قصيدة "آخر العمر":

في آخر العمر/ اكتشفتُ أنني غريرُ.../ في آخر العمر اكتشفت/ أنني الزاهد../ والمسرف.../ والصعلوكُ.../ واكتشفتُ أنّ زورقي/ أكبر من أن/ تستيطع حمله البحور.../ في آخر العمر اكتشفتُ/ أنّ كلّ وردةٍ حديقةٌ كاملةٌ/ كلّ كوخٍ وطنٌ/ في آخر اكتشفتُ/ أنّ قلباً دونما حبيبةٍ/ مبخرةٌ ليس بها بخورُ.../ في آخر العمر اكتشفت/ أنّ لي طفولة ضائعة/ جاء بها حبّك/ في آخر العمر اكتشفت/ أنني سادنك الناسك.. والخفير/ أركض في روضكِ/ في آخر العمر اكتشفتُ/ أنني طفلك يا سيدتي الطفلة/ طفلٌ عاشقٌ... (السماوي،2007: 37-42).

يتبين السماوي لنا ما يختلج في نفسيته صريحاً حتى يرسم في خياله لوحات تشكيلية من الوطن والعمر وطفولته. يؤكد فكره مستعيناً بالتكرار حيث يستهل كل مقطع بتكرار عنوان قصيدة "في آخر العمر اكتشفتُ". يمتزج بين العناوين وقصائده؛ لأنّ تكرار العنوان عنصر فعَّال في تكوين أشعار السماوي، فهو يهتم بالعنوان حيث يجعله النقطة "المركزية"، التي تتمحور حوله القصيدة. كما فعل في قصيدة " آخر العمر"، الذي يكرر العنوان فيها ثمان مرات.

فالشيء الذي له دور محوري في الفهم العميق لأشعار السماوي هو العنوان. فثمّة تلاؤم واضح بين عنوان القصائد ومحتواها. كما قال الغرباوي نقلا عن جاسم خلف الياس: عند تتبعنا العناوين في شعر السماوي وجدنا صحة ما ذهبنا إليه، إذ أن ثنائية الوطن والمنفى قد انعكست في اغلب العناوين تعبيراً عن الإحساس بالغربة عن الذات والمكان(الغرباوي،2010م: 45).

 

4-2-2. تكرار التراكيب المتنوعة

كما ذكرنا ظاهرة التکرار من الظواهر الأسلوبية الهامّة في الشعر العربي المعاصر ولها دلالات معنوية تتخطى وجودها اللغوي. لكن التكرار فضلاً عن كونه خصيصة أساسية في بنية النص الشعري]فإن له[ دوراً دلالياً علی مستوى الصيغة والتركيب المتنوعة فهو أحد الأضواء اللاشعورية التي يسلطها الشعر على أعماق الشاعر فيضيئها (راضي جعفر،1999م: 99). نرى هذه التراكيب في ديوان يحيى السماوي بصورة مختلفة ولافتة. نقصد بتكرار التراكيب المتنوعة، تكرار الأبيات في أسلوب النحوي الواحد.

 

4-2-2-1. تكرار أسلوب: الجار والمجرور + فعل المضاع + ....

يستفيد السماوي في قصيدة "إهداء" من هذا الأسلوب:

 

للطفل يحبو فوق أرصفة الكلام                         للطفل + يحبو + فوق أرصفة الكلامْ

للأمّ تحضنهُ.. تزقّ مكارم الأخلاق../ للصبح يغسل بالضياء الدرب من وحل الظلامْ/ للريح ينسج من حرير نسيمه بُرد المسرّة للأنامْ/ للريح قادت للثرى العطشان قافلة الغمامْ../ للحدائق تزدحم الخنادق../ للمستبدّ اختار أن يلقي السياط إلى الضرامْ/ للمارق انتبذ الخطيئة... (السماوي،2007م: 5-9).

تؤدي جمالية تكرار هذا التركيب دورا فنياً إيقاعيّاً في انسجام أبيات القصيدة من بدايتها إلى نهايتها. وتتجلّى لنا براعة الشاعر وعبقريته في بيان الحالة الشعورية المسيطرة على ذاته.

4-2-2-2. تكرار أسلوب" فعل مضارع + أن فعل مضارع + في + اسم

يستخدم السماوي هذا الأسلوب في قصيدة "يحدث في خيالي":

يحدث أن أشيّد في خيالي يحدث + أن أشيد + في خيالي

يحدث أن أجعل من عينيك/ يحدث أن أزرع في خيالي/ يحدث أن أنسج في خيالي/ يحدث أن أجعل من يديك في خيالي سوراً/ يحدث أن أسوق نحو بيتك/ يحدث أن تسافري يومين عني/ يحدث أن تزفّك البحار لي/ يحدث أن أكتب في خيالي/ يحدث أن يُجلسني خيالي/ يحدث أن أطهر الحقول من كلّ الجراد البشريّ في بساتين الفراتين/ يحدث أن أقيم جسر الودِّ/ يحدث أن أموت في خيالي/ يحدث أن أفيق من خيالي (المصدر نفسه: 53-63).

يكرر السماوي هذا التركيب في كلّ المقطع بمعانٍ جديدة ولكن كلّها تدور في النهاية حول محور واحد هو همومه تجاه الوطن. ويضفي على القصيدة انتظاماً خاصّاً لا يسأم القراء في قراءتها ويتلاءم مع نفسية الشاعر.

يستخدم الشاعر في قصيدة "حين تكونين معي" أسلوبين:

4-2-2-3. فعل المضارع + الفاعل + الجار والمجرور

يفرش الربيع لي سريره...                         فعل المضارع + الفاعل + الجار والمجرور

فينثر الورد على وسادتي/ تنسج الضفاف لي شذاه/ يظفر الصباح لي ضُحاه أرجوجة.../ يجلس الطير إلى مائدتي.../ تكشف الفصول عن أسرارها (المصدر نفسه:112-116).

4-2-2-3-1. كما يتكرر أسلوب: فعل المضارع + الجار والمجرور + الفاعل

يهرب من فصولنا الخريف   ...                   فعل المضارع + الجار المجرور + الفاعل

يسيل من ربابتي اللحن/ تفيق من سباتها الأمطار/ تخرج لي لؤلؤها البحار (المصدر نفسه: 112-116)

يكون السماوي في هذه القصيدة متفائلا إلى مستقبل العراق ويرسم هذه التفاؤل خلال تكرار لوحات تشكيلية يسجّل حنينه الزائد إلى العراق ويتذكّر جمال رؤيته في الخيال. كما يعتمد السماوي علی تكرار تركيب الجملة الفعلية التي تبدأ بالفعل المضارع. هذا يعبّر عن شدة حنين الشاعر إلى وطنه الذي جعل الزمن زمناً خيالياً لايخرج عن دائرة الحزن المستمرة. لأنّ الفعل المضارع يدلّ على التجدد والاستمرار.

فتكرار التراكيب طوال القصائد قد ولّد انسجاماً دلالياً وإيقاعياً بين المقاطع وحقق توازناً موسيقياً. ويوحي في طياته أبعاداً إيحائية تؤثر في المتلقي. تسهم في إيقاظ الوعيّ في نفوس الجماهير ضدّ المحتلين. شاهدنا أن يخلق تکرار التراکيب انسجاماً منظماً بين مقاطع القصائد المغزى الذي شكّل النواة الرئيسة للتراكيب ومضمونها هو تجسيد الحالة النفسيّة للشاعر إثر غُربته عن الوطن.

 

4-2-2-4. تركيب الاستفهام

ومن التكرار الاستهلالي تكرار اسم الإستفهام السؤال في بداية الأبيات، إذ يسهم في شحن الخطاب الشعري بقوة إيحائية وفتح المجال الدلالي أمام القارئ وتستدرجه إلى إكمال النص، وتجبره على الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الخطاب وبذلك يستكمل النص عند الإجابة عنها(حني،2012م: 15). الاستفهام أسلوب من الأساليب الإنشائية الطلبية التي يستخدمها السماوي في الديوان ليعبّر عن أفكاره. على سبيل المثال في قصيدة "يا صاحبي":

هل للغصونِ من الجذورِ هروبُ ؟/ أطيارُهُ … ونخيلهُ مصلوبُ/" قومي هموُ قتلوا أُميمَ أخي" ولا/ ذنبٌ سوى أنَّ القتيلَ قريبُ/ مالي أبثّكَ يا نديمَ قريحتي/ شجَني وفيكَ من الهُمومِ سُهُوبُ ؟/ هل نحن إلا أمةٌ مغلوبةٌ/ رأتِ المَشورةَ ما يقولُ مُريبُ ؟/ ما نفعُ توحيدِ اللسانِ لأمةٍ/ إنْ لمْ تُوحّدْ أذْرعٌ وقلوبُ؟/ هي أمةٌ أعداؤها منها ... متى/ طارَ الجناحُ وبعضُهُ معطوبُ ؟/ من أين يأتينا الأمانُ و"بعضنا "/ لِعدوّنا والطامعينَ ربيبُ؟ هل نحن إلا أمةٌ مغلوبةٌ/ فإلى مَن/ يشكو العاشقُ المغلوبُ؟/ لا بدّ من غَرَقِ السفينِ إذا انبرى/ لقيادها "المنبوذُ" و"المجذوبُ" (السماوي،2007م: 82-92).

في هذا القصيدة يرتقي حزن الشاعر إلى ذروته؛ لأنّ يعتقد لن ينصره أحدٌ ويتبلور كلّ ما يعانيه من ألم في أسلوب الاستفهام إلى الشاعر احمد الصالح. لأنّ القصيدة تشير إلى الجرائم التي شوهت الوجه الناصع للمقاومة الوطنية المشروعة ويتضمن البيت الشهير:

قومي همو قتلوا أميم أخي         فأذا رميت اصابني سهمي

البيت اشارة إلى جريمة احتلال الكويت من قبل صدام. كما القصيدة تدلّ على جريمة دك المدن العراقية بساكنيها والتي تقوم بها قوات الأحتلال تحت ذريعة البحث عن بعض الأرهابيين. ويشير إلى زعيم عربي مفرط النرجسية وضع خطة ارهابية لأغتيال قائد عربي كان قد جند نفسه لخدمة الأمتين العربية والأسلامية .

كثيرا ما تكون بعض القيادات العربية السبب الجوهري لدمار شعوبها واحتلال أوطانها ولعل النظام العراقي السابق خير مثال(المصدر نفسه: 92). كثرة استخدام الاستفهام تجسد الرؤية الفكرية وهمومه الاجتماعية؛ لأنّه يعتقد "سيفُهُ معضوبُ" ولا ناصر له. ويعبر عن ظلم الحكام العرب وجورهم لهذا الشعب الذين يخضعون للأجنبي المستغل للأرض والشعب.

يستهل السماوي قصيدة "طرقنا بابكم فأجاب صمت" بسؤال كما نرى في النماذج التالية:

أما لبعيد هودجكم قدوم؟/ فيا أحبابنا هل من جديد؟

عاتبني فمي: أيجوز قتلي     على عطش.. وفي عيد أصوم؟

أ تغني الطير عن غصن منقوش     لتغنينا عن الوصل "الرسوم"؟ (المصدر نفسه: 63-68).

إنَّ كثرة التركيب الاستفهامي في الديوان يدلّ على الصراعات النفسية، التي يعاني منها الشاعر في المنفى؛ لأنّ الملمح الأسلوبي في هذا التكرار ان هذا الاستفهام التقريري لا يراد منه جواب جاء لتأكيد المعنى. أضفت هذه الأسئلة الطاقة الايحائية وتثير المتلقي للتأمل في مضمون القصيدة.

 

4-2-2-5. تركيب النداء

النداء أسلوب من الاساليب الإنشائية الطلبية، وفيه يتمّ تنبيه المنادى، وحمله على الإلتفات (المخزومي، 1986م: 289). فقد استخدم السماوي أسلوب النداء في ديوانه لبيان همومه في المنفى. على سبيل المثال يقول فی قصيدة "طرقنا بابكم فأجاب صمت":

ويا أحبابنا ما طول عمر     لنفس لا ترام ولا ترومُ؟

و يا أحبابنا هل كان يذكو     بغير حريقة الرّند السليمُ؟

ويا أحبابنا لو كان يُجدي       عتابٌ لانبرى قلبٌ هضيمُ

فيا أحباب باقي العمر هلاّ     تضاحك ليلنا منكم نجومُ (السماوي،2007م: 65-70)

من خلال هذه الأبيات يتجلى لنا أنّ السماوي اعتمد على تكرار الجملة الندائية التي يوحي واقعيته النفسية في فراق وطنه. لأنّه ينادي أحبته الذين خلفوا في قلبه بصمات حبّهم وذكرياتهم الجميلة. قوله في قصيدة "سؤال":

أغربُ ما قرأتُ في مدافن الأمواتْ/ شاهدةٌ خُطَّ عليها :/ أيّها الأحياء في المدائن السُباتْ/ أما مللتم لُعبة الحياةْ؟(المصدر نفسه: 99).

يريد أن ينبه شعوب العراق لأوضاع مجتمعهم وصحوتهم وإرشادهم إلى دروب الصواب. ينبع أسلوب النداء من عمق تحسر السماوي إلى أرضه بعد مرور السنين. كما قال شرتح: إنّ شعرية السماوي متجذرة في عمق الرؤية/ وحرارة التجربة المتقدة عاطفياً، إذ تستمد وميضها من جراح الغربة، والصبابة والشوق العارم الذي لن ينقضي موجه الحارق طيلة الحياة فهو دائماً في توهج وحنين دائم إلى العراق.(شرتح،2011: 467). فالمنادى في هذا الديوان دلالة نفسية على الآلام التي حلت بالشاعر في المنفى ويعبّر عن حنين الشاعر إلى العراق.

 

5. النتائج

التكرار ظاهرة اسلوبية بارزة في ديوان "قليلك... لا كثيرهنّ" ليحيى السماوي الذي ليس عشوائياً بل منتظما. يظهر التكرار في ديوانه بأشكال متنوعة في الألفاظ، الضمائر، كلمات الطبيعة، المتقابلات والجمل كلّ شكل من هذه الأشكال له أبعاده الإيقاعية التي تدلّ على هموم الشاعر تجاه وطنه العراق. تؤدي جمالية التكرار الى إثراء قصيدته من حيث الإيقاع الموسيقي وإثارة المعاني الإيحائية في أشعاره، الّذي جعل قصيدته متماسكة متصفة بالوحدة العضوية.

كلمة "العراق" من أبرز الكلمات التي يستخدمها الشاعر في قصائده مباشرة، لبيان مدى علاقته النفسية بالعراق وحنينه. ركز يحيى السماوي في ديوانه على ضميري المتكلم ليعكس إلحاح الشاعر للتأكيد على تفرده وتميزه حتى في منفاه. كما خلع يحيى السماوي علي كلمات الطبيعة الصفات البشرية على سبيل التشخيص. فالتشخيص يرسم لوحات إستعارية جميلة في أشعاره الرومانسية ووظّف أسلوب التشخيص في الاستعارة المكنية حتى يتقاسم آلامه وأشجانه مع عالم الطبيعة ليخفف من مأساته. تدلّ الكلمات المكررة كـ (حقل ياسمين، بستان برتقال، الزهرة، زهرة الريحان و...) في هذا الديوان على الأمل وتفاؤل السماوي بمستقبل وطنه العراق. ويجمع الشاعر بين المتقابلات على أساس الإنزياح. كما تتكرر العبارات بأنماطها المتنوعة. يؤدي تكرار العبارة إلى الانسجام المنظم بين المقاطع ويحقق انسجاما موسيقياً. ويوحي في طياته أبعاداً إيحائية تؤثر في المتلقي. تسهم في إيقاظ الوعيّ في نفوس الجماهير ضدّ المحتلين. ويجسد الحالة النفسيّة للشاعر إثر غُربته عن الوطن.

من الناحية الفکرية والاجتماعية فامتزج السماوي بين عشق حبيبته والوطن. عالج في شعره مشکلات کيانية يعانيها في منفاه وينبغي أن أشير، أنَّ التكرار في شعر السماوي، تکون في خدمة الفکرة التي تدور حول محور واحد هو همومه الوطنيّة. وفي کلِّ عندما يتحدَّث السماوي عن الوطن، يحسُّ القراء بأنَّ الشاعر يقوي حس الغربة واغتراب العراق في شعره. هذا يدلّ على أنَّ حبَّه للوطن في الدرجة الأولی، يظهر القضايا الوطنية في مضامين أشعاره، أنَّه ينقل هذا الحسَّ من ذاته إلی نفس المتلقِّي. في أغلب الأحيان يبلور السماوي رؤيته الفكرية والاجتماعية حول فراق عن الوطن والدعوة إلی الثورة والرفض في شعره. يدعو الشعوب العربية من خلال أسلوب التكرار کجزءٍ من المجتمع العربي إلی الوعي تجاه الطُغاة والعتاة والأباطرة . أظهر براعته في استخدام أسلوب التكرار، حيث كان قادرا على حمل مشاعره ونقلها إلى المتلقي. وأسلوبه قوي محكم يخلو من الركاكة.

 

بقلم : طالب الدكتوراه نور الدين بروين / إشراف الدكتور يحيى معروف / جامعة رازي / إيران 

 

...............

6. المصادر والمراجع

1. ابراهيم، عبدالعظيم المطعني(1992): خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية، الطبعة الأولى. بيروت: مكتبة وهبة.

2. ابن رشيق القيرواني، أبو علي الحسن(د.ت): العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، تحقيق وتعليق على الحواشي محمد محيي الدين عبدالحميد، بيروت: دارالجيل.

3. بدوي، محمد جاهين(2010): تجربة العشق والاغتراب فی ديوان قليلک لاکثيرهنّ، دارالينابيع.

4. راضي جعفر، محمد(1994):الإغتراب في الشعر العراقي المعاصر مرحلة الروّاد، دمشق: اتحاد الكتاب العرب.

5. السماوي، يحيى(2007): ديوان قليلك... لاكثيرهنّ، جدّة: عبدالمقصود محمد سعيد خوجه، الطبعة الثانية.

6. ضيف، شوقي(1999): فصول الشعر ونقده، مصر: دار المعارف.

7. عبدالنور، جبور(1984): المعجم الأدبی، بيروت: دارالعلم للملايين.

8. عبيد، محمد صابر (2001). القصيدة العربية الحديثة بين البنية الدلالية والبنية الإيقاعية، دمشق، اتحاد کتاب العرب.

9. عجلان، عباس بيومي (1989): عناصر الإبداع الفني في شعر الأعشى. الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية.

10. عشري زايد، علي (2008). عن بناء القصيدة العربية الحديثة، القاهرة، مکتبة الآداب، الطبعة الخامسة.

11. عيد، رجاء(1985): لغة الشعر، قراءة في الشعر العربي الحديث، الاسكندرية: منشأة المعارف.

12. الغرباوي، ماجد(2010): تجليات الحنين في تكريم الشاعر يحيى السماوي، الجزء الأول. دمشق: دارالينابيع، الطبعة الأولى.

13. ----، --- (2010): تجليات الحنين في تكريم الشاعر يحيى السماوي، الجزء الثاني، دمشق: دارالينابيع، الطبعة الأولى.

14. قطب، سيد (1993). النقد الادبي «اصوله ومناهجه» الطبعة السادسة، بيروت: دار الشرق.

15. المخزومي، مهدي (1964): في النحو العربي نقد وتوجيه، بيروت: منشورات المكتبة العصرية.

16. المسدي، عبدالسلام (1982): الأسلوبية والأسلوب، تونس: الدار العربية للكتاب.

17. الملائكة، نازك(1977): قضايا الشعر المعاصر، الطبعة السادسة، بيروت: دارللملايين.

 

المقالات والرسائل

18. أمال، دهنون (2008):جماليات التكرار في القصيدة المعاصر، الجزائر: جامعة محمد خيضر. جامعة كلية الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية، العدد لثاني والثالث.

19. حني، عبدالطيف(2012): نسيج التكرار بين الجمالية والوظيفة في شعر الشهدا ء الجزائريين ديوان الشهيد الربيع بوشامة نموذجا.مجلة علوم اللغة العربية وآدابها، دورية أكاديمية محكمة متخصصة تصدر عن كلية الآداب واللغات-جامعة الوادي، العدد الرابع، صص6-20.

20. رحيم، عبدالقادر(2008): العنوان في النص الابداعي"أهميته وأنواعه"، الجزائر: جامعة محمد خيضر. جامعة كلية الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية، العددان الثاني والثالث.

21. علي، عبدالرضا (1989). الإيقاع الداخلي في قصيدة الحرب، بحث مقدم إلی مهرجان المربد العاشر.

22. محمد الزيود، عبدالباسط (2007): من دلالات الانزياح التركيبي وجمالياته في قصيدة "الصقر" لأدنيس. مجلة جامعة دمشق، المجلد23، العدد الأول.صص159-188.

23. معروف، يحيى(1423هـ): دراسة وتحليل للمضامين الشعرية للشاعر العراقي يحيى السماوي، مجلة اللغة العربية وآدابها، السنة الثامنة، العدد الرابع عشر، صص127-153.

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم