صحيفة المثقف

"مَلْقَطْ عَ مَنْشَرْ هَـ اْلبَحِرْ" لجرمانوس جرمانوس في قصيدته كهرباء

وأقرأُ في "ملقط ع منشر هـ البحر" ـ مطبعة القارح ـ زغرتا والصفحات عددها 112 والغلاف بريشة الفنّان سايد بو محرز، وأعلمُ أنّ جرمانوس حاضراً يذكر الشاعرَ جوزف حرب صاحب المحبرة وإذا غاب ناب عنه ديوانُه الجديد وذكرَ جوزف حرب فالأهداء له: "بهدي كتابي لَـ جوزف حرب: لمّا انكسَرْ فيِّي قزاز الفَي، وْكانت الغربة مَحْبَره وصَيْف ونَعَسْ، وشْوَي ... شفتَكْ عَم تْطرِّز نِقَطْ هـ الذاكره، وْتْرِدّ شال المَيْ".

 

وأقرأُ أنّ الزمن بدأ أثره القاسي والمؤلم يظهر على وجه الشاعر على نحو أكثر سطوعاً حيث الشعور بالفقدان و"الفزع" الذي يتكرّر: "بِفْزعْ تِجي عَ أُوضتي شي يوم عصفوره وِتْنَقْود الصوره" ص44 و"بفزع صرت يا محبره لا يطولوا، وينزل شتي ع الذاكره، بيتبلّلوا" ص 47 وحيث الشعور بالرحيل وقد ذاق طعمه بعيداً عن لبنان في أستراليا وحيث الحزن والإنكسار.

 

2160-shwkatوالديوان تتوزّعه أربعة فصول: "مهباج الشتي" و"يا ريت مرّه بينزلوا" و"برواز العشب" و"بريد السنونو" وفي كلّ فصل يحلّق الشعر ومن علوّ يرى إلى الجبال والقرى والحقول والفلاّحين والرعاة والذئاب والطيور والزهور والأهل والأحبّة والأصدقاء والنهر والبحر وينشد إنشاداً بليغاً تتنافس فيه الصور بلا نهاية وكلّ صورة مكتملة بذاتها ومنها عطر الربيع وإمّا منها شمس الصيف وإمّا رياح الخريف وإمّا أمطار الشتاء ودائماً بحبّ مع مسحة دينيّة مسيحيّة خالصة ووفاء، ومن الصور باقات ورود وزهور لمن اعتادتهم العيون وأدمنتهم ومنهم الشاعر أنطوان السبعلاني: "مْبارح بِكفّو بَصّر الدوري، شافْ قرميد الوطن مَكسورْ، شاف الدرس مهجور، والعين رَكْوِه ع القلبْ بِتْفور" ص27 ومن الصور يخرج "زورقْ": "البحّارْ عصفورْ، البحر هَـ السهل أزرقْ، إلو جناح، وْترك مَمْرَق، بيعدّ ليرات القمحْ عَ مهل، ومنشان ما يغرق بيصير راس السنبلة زَورقْ" ص75 وتغدو بعض الصور: " ... وجّي قفصْ من عتمْ قضبان البكي" ص13 و"ودمعي ع جِلْجلْة الرمل مصلوبْ" ص91.

 

وليس ما سبق اختيارات إنّما انتقاء كيفما اتّفق، وكيفما تنتقي ستعثر على خزنة ـ "نحّات القش": فاتِتْ بِعيني وبْرة الصِبّير، ما شفْتها وْلا عْرفت إنّي بْكيت، وكانْ صيفْ جْوَانحي فْتافيت، وكانْ بالدَيْر المعتّق طيرْ عم ينْحت القشّ الصبحْ تا يسجّل ولادو بِمدرسة السَطحْ، وْبدّو يكحّل قَشتو بالفَيْ وشْوي بدّو ميّ، نِزل الطير شالا وْرِجع ع الديرْ" ص60.

 

نعم يا جرمانوس: "تا يسجّل ولادو بمدرسة السطح" ونعم: "وبدّو يكحّل قشتو بالفي" هذا هو الشِعر العامّي الذي يجلس ويتربّع جرمانوس جرمانوس فيه وهو أيضاً غيض من فيض.

قال الشاعر سعيد عقل بالشاعر: "نحّات، زْميلو ذهب، وجايي من مقلع جديد، بيكتب بالضوّ وبالوجع. شاعر مرتين: شاعر من إمّو، وشاعر لأنّي حبّيتو".

وقال فيه الشاعر سمير خليفة "فلاّح السطر، إذا بيشلح قميصو بينقّط الشعر من كمّو".

وقال فيه الشاعر محسن أ يمين: "أخضر الظلّ هو أينما كان".

وقال الشاعر أسعد جوان: "في كنايس بقصيدتو بايتي بوديان الشمال وصلبانا داقّا جرحا بالسما وجرمانوس غاطط على أعلى صليب".

وقال الشاعر حبيب يونس: "جرمانوس الساكن في الوطن وخارج أرضه يعلّق أوسمة".

وقال الشاعر هنري زغيب: "قصيدتو جايي من نبع عالي".

وقال الشاعر وديع سعادة: "في شعره كهرباء".

 

وهاكم صفحة من "مكتبهْ": "أحْلى مَ عِندي فوق بالضيعه الزْغيره مَصْطبي عْليها العشب سجّادة عْصافير وخْيال صِفصافي متل شي سْرير وْزهره ع حرْفا طالعه متْل الصَبي وإيدَيْن رعيان الصبح بكّير عِملو خْزانات الْحَفافي مكتبه! أحلى مَ عندي: ذكْريات غْياب بْراس الجردْ شبّاكنا الأخضر! شاعر بإيديه الغطيطه كتاب يقْرا دمع عينَيه لِمْكسّر وْفي حلم يابِس داشر بْلا صْحابْ عَرْبَش عَ ضَهْر الباب لمسَكّر مِنْ كترْ ما خَتيَرْ العشب متل الشَّعر بِحواجب الباب! أحلى مَ عندي فوق بالضيعه يمام، مْضَوّا كأنو سطر قنديل الكلامْ مارِق عَبَايه الرّفْ ماشي ع خيط جْوانحو بالصفّ متل إصبع ما كَسَر بالمي بِلّورة رخامْ ولمّا المسا إقْرا بْشجرة الكفّ بْشوف بيّي رتّب حْقول المنامْ بْشوف الشمس طفله زْغيره والبحر بَيّا بعد ما جبْلها بْعلْبة الموج قْلامْ نَزَّل عنْ كْتافو الطريّه طِفلتو حتَّى تْروح تنامْ" ص66. 

 

الشعر غواية الشاعر جرمانوس جرمانوس، وما من شكّ أنّ الشعر العامّي اللبناني الشكل وجد في جرمانوس غواية في مرّة على هيئة "حطّاب الضباب" الإصدار الأوّل لجرمانوس وفي مرّة على هيئة "الريح إبره والشتي خيطان" الإصدار الثاني وفي مرّة على هيئة "ملقط ع منشر هـ البحر" الإصدار الجديد. وعند أفق البحر تشرق الشمس، أو في ليل البحر قمر.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1266 الخميس 24/12/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم