صحيفة المثقف

خبأْتكَ بعدَ لأيٍّ في فؤادي

karem merzaوكمْ أنـّتْ وما ألفتْ سبــــاتا

فشقَّ ربيعُها رحمَ المنـــــونِ

 


 

خبأْتكَ بعدَ لأيٍّ فـــــي فــؤادي / كريم مرزة الأسدي

من البحر الوافر

ما زالتْ المؤامرات العالمية والعربية، تدّكُ وتذبحُ أقدم وأعرق وأشهر عاصمة عربية وإسلامية.

 

أيَا بَغْدَادُ يَا حِلْمَـــــاً صَبُوْرَاً *** تُفَاخِرُ كُلِّ ذِي حِلْم ٍ رَزِيـــْـنِ

وَيَا بَغْدَادُ يــــَــــا أمَلَاً كَبِيـْـرَاً **** تَقُوْلُ لِعِزّةِ الْأيّامِ : كُوْنـِـي

أنِيْنِي يَا عِــرَاقُ مِنِ الْحَنِيــْـن ِ****  فَيَا لَهْفِي عَلَى مَرِّ السّـنِيْن ِ

وَيا عِزّي إذَا الْأيّامُ جَــارَتْ **** وَيَا أمَلَي إذَا خــَابَتْ ظِنُوْنِي ِ

خَبَأْتُكَ بَعَدَ لَأيٍّ فـِي فُؤَادِي *** وَإنْ تَاهَتْ شِمَالي عَـنْ يَمِيْنِي

فَمَهْلَاً أيُّهَا الشـّــــــادِي بِحَدْوٍ ***  لَقَدْ فَطـّرْتَ قَلْبَكَ بِالْحَنِيـْـنِ

وَلَوْ أجْرَيْتَهُ طَلْقَ التـّـحَدِّي *** لِأدْمَعْتَ السّوَاجِعَ فِي الْغُصُوْنِ

عَلَى وَطَن ٍ يُرَاقُ دَمَاً وَدَمْعـَــاً *** وَعَبَّ ثَرَاهُ بِالْخَيْر ِالثّمِيــْـنِ

سَلَامَاً أيًّهَا الْغَافِي سَلَامَــــــاً ***عَلَى ثَدْي ٍ مِنِ الْبُؤس ِالْهَتُوْنِ

 

أنِيْنِي يَا عِــرَاقُ مِنِ الْحَنِيــْـن ِ

فَيَا لَهْفِي عَلَى مَرِّ السّـــــنِيْن ِ

 

وَيا عِزّي إذَا الْأيّامُ جَـــــارَتْ

وَيَا أمَلَي إذَا خـــَـابَتْ ظِنُوْنِي ِ

 

خبأتكَ بعدَ لأيٍّ فـــــي فــؤادي

وإنْ تاهتْ شمالي عــــنْ يميني

 

ألملمُ في ليالي الوجدِ شــــجواً

ألا للّـه ِ للوطـــــنِ الحـزيـــــنِ

 

إذا فاضت شجونُكَ للأعـــــادي

فأين أصبُّ آهات ِ الشـــــجون

 

أعلـّلُ نفسي بالآمـــــالِ حتّى

حسبتُ النجمَ أقربَ منْ جفوني

 

تصابُ صبابةُ العشــاق ِ وهناً

وزدتَ العشقَ بعدَ الأربــــعين

 

إذا ما الوصلُ أوشكَ في التداني

تماطلني ومنْ حيــن ٍ لحيـــن ِ

 

متى يا موطني تهتزُّ لطفـــــــاً

وترفعُ جبهةَ الشرف ِ المصون ِ

 

فذكركَ في دمائي نوحُ بــــاك ٍ

يهدُّ الحيلَ كالــداء ِ الدفيــــــن ِ

 

أقول اليومَ أو مـــــــنْ بعد ِ يوم ٍ

ستفدي تُربكَ الغالي عيونـــــــي

 

هبوني في هوى وطني ذميمــــاً

وأني بعدهُ مســـــخ ُهبونـــــــــي

 

فإنْ جدَّ التطاولُ مـــــــنْ لبيبٍ

أطاولُ كـــلَّ عمـــلاق ٍ فطيـــن ِ

***

 

تركتُكَ يا عراقُ الرفــــــــعَ شأناً

فما بال الروي كسراً لنـــــــــونِ

 

وصارَ جناحُكَ الدامي مهيضـــــــاً

فكيفَ رضيتَ للعليـــــــــــا بدونِ

 

سلاماً أيُّهــــا الغـــافي سلاماً

على ثديٍّ من البؤس ِالهتـــونِ

 

ألمْ تذكرْ شموخَكَ والرواســـــــي

على التــــــاريخ ِ كالحقِّ المبينِ؟

 

تعانقُ دجلة ٌ بغدادَ لثمــــــــــــــاً

وترويها الحياةَ مــــــــن المعينِ

 

تحدّثها حديثَ المجدِ لمّــــــــــــا

تربّع عرشَها أسُدُ العريــــــــــن ِ

 

تشيّدها يدُ المنصورِ ِ حصنــــــاً

ويملؤها الرشيدُ بحور ِعيـــــــنِ

 

وحجَّ لدار ِ حكمتِها البرايــــــا

تنيرُ المشرقين ِ بلا قريــــنِ

 

تمدُّ يداً إلـــــــى الآفاق ِ تفضي

بفكر ِ العقل ِ أو شتّى الفنـــونِ

 

فقامتْ ترفد الدنيا عطـــــــــاءً

وتجمعُ لذّةَ  الدنيـــــــــا بديـن ِ

 

فتشبعُ منْ معاصيها (نديمـــــا)

لأرباب ِ الممالكِ والمجــــــونِ ِ(1)

 

وتزهدُ في زواياها فقيهــــــــــاً

وتوردُ ماءَها (حرَّ السجونِ ِ) (2)

 

وتهزأُ ُ منْ جبابرةٍ تعــــــــدّوا

فما كانوا سوى مــاء ٍ مهينِ

 

فهولاكو كتيمور ٍ ومـــــــــودٍ

لقدْ عبروا على زمن ٍ مشينِ

 

وكمْ أنـّتْ وما ألفتْ سبــــاتا

فشقَّ ربيعُها رحمَ المنـــــونِ

 

وينتفضُ الشموخُ بشاطئيـها

كبركان ٍتفجَّرَ مــــــن سكونِ

 

فقصّتْ ألفَ ليلِتها الغوانـــي

وفاحَ بطيبِها عطرُ القـــرونِ

 

أيا بغدادُ يا حلمــــــاً صبورا

تفاخرُ كلِّ ذي حلم ٍ رزيـــــن

 

ويا بغدادُ يــــــــا أملاً كبيــراً

تقولُ لعزّةِ الأيّــامِ : كونـــي

***

 

فلا لا تسألوا عنـّي وحالــــي

فعنْ ذكر ِ الأحبّةِ خبّرونــــي

 

عن الخلاّن هل جادوا بذكــر ٍ

وحنـّوا للفتى الزاكي الحنون؟

 

وعنْ دفءِ القلوبِ وحضنِ أمي

ووجهِ الطيبِ في عطف ٍولينِ

 

وعنْ أيّامِ مدرستي ولهــــوي

وأجوبتي على ريبِ الظنـــونِ

 

فأشدو بعدَ تدقيق ٍبزهــــــــــو ٍ

يقيناً ما أجبتُ سوى اليقــينِ

 

فهلْ أوراقـُها حفلتْ بفكــــــــر

كسيل ٍحط َّ منْ قلمي الأمــينِ ؟

 

فمنْ غسقٍ ٍلخيطِ الصبح ِتهواً

أسطـّرُ عسجداً فوقَ اللجيـــنِ

 

فمهلاً أيّها الشـــــــــادي بحدو

لقدْ فطـّرتَ قلبكَ بالحنيـــــــــنِ

 

ولو أجريتهُ طلقَ التـّـــــــحدي

لأدمعتَ السواجعَ في الغصونِ

 

على وطن ٍ يراقُ دماً ودمعـــاً

وعبَّ ثراهُ بالخير ِالثميــــــــنِ

 

سلاماً أيّها الغافي سلامــــــــاً

على ثدي ٍ منْ البؤس ِالهتونِ

 

......................

1 -(نديما) كناية عن أبي نؤاس لقوله "فإنّي قد شبعت من المعاصي" وقوله "إذن لاصطفاني دون كلّ نديم"

2-(حرّ السجون) كناية عن أبي العلاء المعري لقوله المشهور "تراني في الثلاثة من سجوني " وقوله " وردنا ماء دجلة خير ماء"

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم