صحيفة المثقف

الحل: حكومة تكنوقراط لا فرق فيها بين علماني ومتدين

yahia alsamawiقد يكون مسمى "الثورة الشعبية البيضاء" ملائما لطوفان التظاهرات الجماهيرية السلمية التي عمّت العراق، مطالبةً بوضع حدٍّ لظاهرة الفساد السياسي والمالي والمؤسساتي التي باتت السمة الأكثر وضوحا للنظام الجديد منذ عام 2003، وهي التظاهرات التي حملت المرجعية الدينية الرشيدة على مطالبة القيادة السياسية بضرب بؤر الفساد ومحاسبة رموزها أيّا كانت أحزابهم ومذاهبهم .

اللافت للإنتباه، أنّ رموز الفساد وكبار اللصوص، تسابقوا للإعلان عن تأييدهم للقرارات التي اتخذها رئيس الوزراء د . حيدر العبادي، في محاولة منهم لتبرئة ذممهم مما سرقوا واختلسوا وأهدروا من المال العام، وما استولوا عليه من أملاك الدولة بشكل وآخر من أشكال المكر والإحتيال، وفي المقدمة من هؤلاء : رؤساء وقادة الكتل والأحزاب السياسية الإسلاموية تحديدا، مما يوجب على السيد رئيس الوزراء البدء بإخضاع هؤلاء للتحقيق، وبخاصة حزب الدعوة والمجلس الإسلامي لكونهما الجهتين الأكثر نفوذا في الحكم منذ عام 2003 .

البرلمان ـ وهو بؤرة ضمت الكثير من الفاسدين ـ أعلن هو الآخر بلسان رئيسه عن تأييده لحزمة الإصلاحات، لكنه طالب بالإبقاء على مسألة " التوافق السياسي " ما يعني أنه يريد الإبقاء على المحاصصة.

وإذ يلوح في الأفق ما ينبئ عن أن السيد حيدر العبادي بصدد ترشيق أعضاء حكومته، فإنّ تقليل الأعضاء لن يؤدي الى الهدف المنشود ما لم يحسِن اختيار أعضاء حكومته بعيدا عن المحاصصة والتوافق السياسي، فالمرحلة تتطلب حكومة تقنوقراط، يتسم أعضاؤها بالكفاءة والنزاهة وبالماضي الوطني بغضّ النظر عن انتمائهم الحزبي والأيديولوجي، علمانيين كانوا أو متدينين، شيوعيين أو إسلاميين .

فهل سنرى سارقي المال العام ورموز الفساد في قفص المحاكمة، في ظل حكومة تكنوقراط لا فرق فيها بين متدين وعلماني، يجمع أعضاءها حب العراق والكفاءة والإخلاص والنزاهة ؟

نريد حكومة عادلة، توزع البيوت على المعدمين، وتشيد المدارس والمعامل والمستشفيات، لا حكومة توزع الطبيخ في عاشوراء، ويشيد أعضاؤها قصورهم في الأراضي التي امتلكوها بغير وجه حق على ضفاف دجلة، ومن غير ذلك، سيزداد طوفان التظاهرات الجماهيرية، وقد يكتسح السدود .

الغد هو الفيصل .

 

يحيى السماوي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم