صحيفة المثقف

المعبد المخادع والجماهير المنتفضة

safaa alhindiسبق ونبّهنا وحذّرنا في اكثر من مقالة وأكثر من مرة المجتمع والشعب العراقي الكريم كما نبّه وحذّر مَن هم أكثر منّا معرفة وحكمة الى ضرورة ان تعي الجماهير ما يُحاك ضدها من مخططات ومؤامرات وخدع سياسية ودينية خاصة الآن في هذه الفترة فترة انتفاضة وتظاهر الجماهير المطالبة بالحقوق الوطنية والانسانية حيث مازالت الكرة في ملعب الجماهير العراقية وهي المسيطرة على الملعب. في محاولة لأيقاف التظاهرات والتقليل من شأنها الاستراتيجي الذي أربكهم جميعا أعاد المعبد ووعّاظ السلطان تفعيل خدعة قديمة سبق له وحاكها ضدّ الجماهير العراقية الثائرة.

الخدعة من لسان ممثل المعبد ومن منبره في كربلاء ملفّعة بلبوس الدين والطاعة (من المنطق ان يمنح المسؤولون فرصة لأثبات حسن نواياهم في السير بالعملية الأصلاحية الى الأمام من دون ان يخشى من زجّ البلد في الفوضى وتعطيل مصالح الناس والدخول في مهاترات التي لا جدوى منها). تذكيرا للجماهير العراقية المنتفضة، لأمتصاص الغضب الجماهيري واأنهاء التظاهرات سبق لهؤلاء كهنة المعبد ان أفتوا ضد تظاهرات 2011 وحينها طلب الكهنة الآخرين من الشعب العراقي إعطاء الحكومة فرصة اخرى، وفعلا أُعطِيَت الحكومة السابقة مهلة مائة يوم حسب مقترح أحدى العمائم السياسية ثم أردفوها بمائة يوم اخرى، وخرج هذا الرمز بعدها متظاهرا هو وأنصاره يشكر الحكومة على تنفيذها المطالب علما لم تنفّذ الحكومة السابقة أي مطلب من مطالب الجماهير وسُيّست وميّعت القضية وكأن شيئا لم يكن.

المطلوب الآن من الشعب العراقي بصورة عامة والجماهير المنتفضة المتظاهرة بشكل أخص ان تدرك ما يريده الكهنة (ما ورائية) هذا الخدعة المكشوفة، والتي تعني حقن الشعب وتخديره مرة اخرى كما خدعوه وكذبوا عليه وخدّروه في المرة السابقة وان لاينخدع وتنطلي عليه المؤامرة، وعلى الجماهير ان تعرف وتفهم أن هذا جزءا من مشروع التضليل الاعلامي وهو مشروع منظّم ومخطط له يهدف إلى تشويش الأذهان والتأثير على العقول كما يؤثر على العواطف والمخيلة وبذر الشك والفتن وخلق الاضطراب وهدم المعنويات. وهو يعمل على جميع المستويات بدءا من أصحاب القرار وحتى المواطنين العاديين.

لازال المعبد حامي الساسة والسياسة في العراق منذ السقوط 2003 والى الآن يسعى جاهدا الى خلق حالة من التوازن عدم تخلّي الجميع ساسة ومجتمع عن الأجواء التي تتماشا مع مصالحه وأهدافه ولاتخرج عن أرادته وتطلّعاته، وصار كل الرموز السياسية والاجتماعية الاخرى مسلّمة بهذا الامر. فعندما يواجه الواقع الاجتماعي او السياسي أية أزمة فهذا يعني ويدعو وبالبديهة مؤسسة المعبد الى التدخل الفوري وبأي شكل كان ليس بهدف أعادة الامور الى نصابها الطبيعي بل تدخّل يهدف الى الكسب الذاتي الوجاهتي الذي يعود عليها بالمنفعة الشخصية او من اجل الحفاظ على مكانتها المرموقة في المجتمع حتى لو كان بالخداع والطرق الملتوية، وحتى لو كانت النتائج تعود على المجتمع بالضرر والتلف، وهو الحال والواقع الذي عاشه ويعيشه المجتمع العراقي منذ 2003 والى حدّ الآن. منذ كتابة دستور (بريمر) وتحشيد المعبد المجتمع العراقي ودفعه لأنتخاب الدستور والموافقة عليه. الدستور الذي أسس وجذّر لكل مفسدة وكل فاسد في حكومة العراق. مازال المعبد مستمرا يدعم ساسة الفساد وحمايتهم من أي تهديد سواء اكان التهديد (انتخابي) او خطر جماهيري (فعلي) قد يطيح بهم او يؤثر على العملية السياسية العراقية (المصنوعة) برمتها. وقد رأينا الكثير من الامثلة والتجارب التي دلّت ودلّلت على ذلك. في هذه المرحلة مرحلة التظاهرات التي تُشكل خطرا وتهديدا حقيقيا يهددهم جميعا بالزوال لابد للمعبد اذا أراد انقاذ الموقف (الموقف السياسي) وليس (الاجتماعي) ان يتصرّف بأسرع وقت ويحتوي الأزمة. لكنه لم يستطع رغم محاولاته انتهاز الفرصة وركوب الموجة، ورغم تصريحات الترغيب والترهيب وفتاوي التكفير التي تصدر من هنا وهناك من رموز اخرى منضوية وتابعة لمؤسسة المعبد فأطلق على لسان ممثله هذه الخدعة معتبرا انها بادرة حل وسطية ووقتية. لكن وعي الجماهير العراقية وتفهّمها وأدراكها أوسع وأكبر من ان تنطلي عليه مرة اخرى هذه الخدعة ويدرك أنها ليست اكثر من خدعة كسابقاتها من الخدع.

 

صفاء الهندي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم