صحيفة المثقف

ضمن أي إطار يمكن ترجمة المصطلح القانوني؟ / بقلم: جان راد يمسكي

haseeb elyasانه السؤال القانوني الذي طرحناه عند تعليم اللغة الفرنسية القانونية للمتخصصين في القانون مـن جهــة والى طلبة علم اللغة التطبيقي من جهة اخرى. حيث تدخل المشكلات الخاصة بالنصوص القانونية في كل مستويات اللغة . وغالبا ما يقتبس علماء اللغة من اثنين من مجالاتها وهما: مجال الاسلوب والنحو ومجال المفاهيم الخاصة التي يتم التعبير عنها بمفردا ت متخصصة. الا ان بعض التحليلات تؤكد على وجود مجال ثالث وهو ما يتعلق بالنظام القواعدي. فاذا ما ظهرت مجالات القواعد والنحو والاسلوب بانها لغوية وموجودة بطريقة مشابهة نوعا ما في كل نوع من انواع الترجمة فان المجال المعجمي يبدو انه يتضمن سمات خاصة ومتخصصة باللغة القانونية . ولذلك فان من الملائم ان نطرح سؤالا ليعكس لنا معرفة خصوصية المصطلح القانوني عما اذا كانت هنالك خصوصية فعلية . فالمصطلح القانوني باعتباره علامة لغوية يأخذ مصدره بصورة عامة من النصوص التشريعية والتنظيمية في الفقه القانوني وفي العقود. ومن ناحية اخرى، تقدم مصادر معينة سمات خاصة وتبدو ثلاثة منها ملائمة جداً: تمتلك النصوص القانونية عادة سمة معيارية قابلة للتغير طبقا للزمان (التعديل) .فقد اكد القانوني ريمي كابرياك على الخطاب القانوني وعلى المفردات القانونية. وتحدث ديسين حول خصوصيات اللغة القانونية ومشكلات ترجمتها.في حين قدّم السيد فان هيز تحليلا للغة التشريع ولكن اكد على ان وظيفتها محدّدة بنظام قانوني معين. ولهذا السبب نجد ان امام المترجم القانوني ثلاث عقبات رئيسة يجب ان يأخذها بنظر الاعتبار : أولا وقبل كل شي يؤدي اختيار المصطلح القانوني الى اثار قانونية ثم ان المصطلح القانوني يمكن ان يصبح وبصورة مفاجئة قديماً او باطلاً بسبب التغيرات في التشريعات. واخيرا فان ترجمة مصطلح قانوني باللغة الاجنبية لا يعني اقل من نقل نظام قانوني من لغة الى اخرى. ولذلك يمكننا العودة الى السؤال الذي طرحناه في البداية والعمل على تعديله أو توسيعه بحيث يكون على الشكل ألآتي: ضمن أي أطار يمكن نقل مصطلح قانوني من نظام قانوني الى نظام قانوني اخر؟ تتجاوز الاجابة عن هذا السؤال وبكل وضوح اطار المساهمة الحالية. وهنا نقترح توضيح جوانب لغوية وترجمانية للمشكلة وذلك باعطاء أمثلة لاختيارات اصطلاحية استعملها المترجم عندما قام بترجمة نصوص قانونية فرنسية الى لغة اخرى (هنا نشير الى اللغة الجيكية). فقد لاحظ المترجم وجود اربعة نماذج من حالات مختلفة تمت مواجهتها : الناحية القانونية من ناحية التسلسل الزمني ومن ناحية التطوير وبعد ذلك الصياغة المختصرة للمشكلة والمتمثلة بالتأكيد على ان الخطاب القانوني هو كلام ابداعي ويعمل على اثبات وجود ما تم طرحه وهو ما يتم التعبير فيه عن اغراض متعددة. وبناء على ذلك, نجد ان الصياغتين الاخيرتين تمثلان خصوصيات اكد عليها جان كلود غيمار حيث قال ان المعيار القانوني لا يتوقف عن التطوروالتغيير. ولهذا نجد ان تطبيقه يكون ضمن اطار ضيق في الدولة التي اوجدته. ولذلك لا يمكن تطبيقه خارج الرقعة الجغرافية للدولة التي اصدرته. وفي الحقيقة فان القانون ولغته ليس لهما بصورة عامة اية قوة قانونية خارج الحدود الوطنية للدولة. ولهذا يتوجب على المترجم ان يطرح سؤالا ليعرف فيما اذا كان النص باللغة الاجنبية قد تمت بلورته لاهداف معلوماتية وعما سيكون له أثار قانونية في الاصل وفي الحالة الثانية فان مهمة المترجم هي الوصول الى حدود ممكنة من الناحية النظرية . ويؤكد جان كلود غيمار على ان وجود الاتفاقيات الدولية يثبت ان هذه العملية ممكنة. ولكن يتساءل المؤلف في الوقت نفسه عما اذا كان التكافؤ الوظيفي للترجمة القانونية سوف يكون نتاجاً لارادة (سياسية) توافقية حول شروط الوفاق الذي هو نتيجة لعملية فنية. ولهذا السبب نجد ان جان كلود غيمار يؤكد ان المشكلة الحقيقية للترجمة القانونية لا تكمن في حقيقة اننا أمام لغتين مختلفتين وانما أمام نظامين قانونيين مختلفين وهذا الأمر يصبح واضحاً عندما يستعمل كل من هذين النظامين لغة واحدة وهكذا نقول ان (الدال) الانكليزي يعتبر جزءً من مصطلحين مختلفين طبقا للموقع الذي سوف نضع فيه النظام القانوني البريطاني الامريكي. وهكذا قدم لنا غيمار امثلة عديدة لهذه الظاهرة. ومن جهته قام ميشيل توماشيك باعطاء تحليل مقتضب للمشكلة . ضمن أي أطـار يمكن القيام بالترجمـة القانونية؟ .

1 يشير مصطلح في لغة الاصل الى مصطلح واحد في لغة الهدف الا ان اتساع معناه أمر مختلف.

2 يشير مصطلح لغة الاصل الى عدة مصطلحات في لغة الهدف.

3 يشيرالى مصطلحات عديدة في لغة الهدف.

4 لا يشير مصطلح لغة الاصل الى أي مصطلح في لغة الهدف .

 

1- يشير مصطلح لغة الاصل الى مصطلح واحد نوعا ما في لغة الهدف الا أن أتساعه يعتبر مختلفا:

تبقى المجموعة ألاولى وبكل وضوح أقل اهمية بالنسبة للترجمة لانه ليس للمترجم سوى ان يختار واحدا فقط. ولكن على العكس من ذل، نجد ان المتلقي للترجمة أو الذي ترسل اليه يجب ان يأخذ بالحسبان حقيقة أن هنالك هوة واختلاف بين المصطلح المترجم والمصطلح الموجود في لغته الخاصة ومن الممكن ان نأخذ عنواناً توضيحياَ كمثال في القانون التجاري هنالك ايضا مصطلح ( الشركة المغفلة ) تترجم عادة باشكال مختلفة هنا نجد ان المشكلة تتعلق بنظام الشركات الذي ربما يكون موجوداً في فرنسا ولا وجود له في دولة اخرى التي فيها انظمة شركات مختلفة. وهنا يجد المترجم مشكلة في ترجمة ذلك ومعرفة هذه الشركة وأسسها ورأس مالها والى تفاصيل أخرى متعددة. فعند الترجمة من الفرنسية الى الجيكية نجد هنالك اختلافات كبيرة بين الشركة المغفلة الفرنسية ( وما يعادلها باللغة الجيكية) .

ويضاف الى ذلك ترجمة التفاصيل المتعلقة بنظام الشركات. حيث هنالك اختلاف ايضا في مصطلح رأس مال الشركة بحيث تمت ترجمته لمصطلح أخر طبقا للنظام القانوني الخاص بالشركات. وهنا نجد ان الترجمة القانونية تشير الى حقيقة قانونية ولغوية في أن واحد . ومن ناحية اخرى، نجد استحداث نوع جديد من الشركات التجارية في فرنسا تعرف بالشركة المساهمة البسيطة والتي لا وجود لها في نظام الشركات في القانون الجيكي. ويقع هذا التصنيف ضمن المجموعة الرابعة وهو من مشكلة ترجماتية توضح سمة خاصة للغة القانونية والتي توضحها ايضا اختصارات المصطلحات. وهكذا ينبغي على المترجم ان يكون على بيّنه من النظام القانوني الذي يترجم اليه أي ان يكون على بينة من نظامين قانونيين مختلفين.

2- يشير مصطلح من لغة الاصل الى عدة مصطلحات في لغة الهدف: تبقى المجموعة الثانية مهمة جداً من وجهة نظر المترجم لان ألامر يعود اليه في اختيار المرادف المصطلحي الدقيق في لغة الهدف. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : بمساعدة أية معايير يتوجب عليه ان يقوم باختياره؟ .

سوف نذكر الان اربعة امثلة تبين لنا عدة اجابات ممكنة لهذا السؤال. هنالك مصطلح في اللغة الجيكية له مرادفات في اللغة الفرنسية وهنالك ايضا تعبيران اثنان يشيران الى مفهومين اثنين هما (الحكم والقرار) هنا أن مشكلة معيار الاختيار تكمن في الفقه القانوني الفرنسي الذي بموجبه نستعمل كلمة الحكم أو القرار وذلك حسب السياق القانوني. وبناء على ذلك, ينبغي على المترجم ان يكون على بّينة من الوضع القانوني للمؤسسة التي نحن في صددها ليستطيع ترجمة ذلك بدقة. وهنالك مثال اخر يتعلق بمجال ألالية التشريعية فان مصطلح مشروع القانون يأتي من الحكومة وهنالك اقتراح القانون الذي يأتي من البرلمان. ففي هذه الحالة على المترجم اللجوء والاحتكام الى السياق القانوني لحسم الامر واختيار المناسب في الترجمة . وهكذا نجد ان السياق هو الذي يملي على المترجم اختيار المرادف الدقيق ما لم يمكن معه أي تكملة ربما تؤدي الى تغير معناه . أما المثال الاخير الذي تقدمه فانه مأخوذ من القانون الجنائي حيث هنالك مصطلح الجناية وهنا نجد اختلافات عديدة بين المصطلحين وكذلك الحال بالنسبة للعقوبة الموجبة للجنحة . ولذلك نجد أن الجنحة تتخذ معنى في اللغة الفرنسية يختلف عما هو عليه في لغة أخرى. وفي هذه الحالة يكون اختيار المترجم غير المتخصص في القانون الجنائي الفرنسي والجيكي تعسفياً. وفي هذه الحالة يجب على المترجم ان تكون لديه علامات شكلية تعمل على توجيه اختياره طبقا لمعرفته للنظامين القانونيين واتباع السياق القانوني الدقيق.

3-   تشير عدة مصطلحات في لغة الاصل الى عدة مصطلحات في لغة الهدف: ان الوضع الذي نجد فيه عدة مصطلحات شبه مترادفة تشير الى لغتين مختلفتين لا يمكن ان تكون واردة في مجال الاختصاص الواحد وهنا يمكننا ان نورد مثلا مليئا بالعناصر فأن هنالك مصطلحات فرنسية مثل (الميثاق والاتفاقية والمعاهدة وعقد اتفاقية).

نلاحظ ان هذه المصطلحات ربما لا تجد مرادفها الدقيق في لغات أخرى وانما يمكن ان نجدها بأنها مترادفة. والذي يحكم على ذلك رجل القانون. ولذلك يجب على الترجمة ان تحترم التقليد العام و الأسماء الرسمية للوثائق. لذا يتوجب على المترجم ان يقوم ببحث اصطلاحي دقيق لمعرفة المرادف الصحيح لأي مصطلح ثم استعماله. فعلى سبيل المثال نجد ان مصطلح (عقد البيع) مهم جداً من ناحية المنظور الدلالي حيث من الممكن أن يعطي معنى اخر مختلفاً في مفهومه بلغة أخرى. أن مثل هذا المصطلح الفرنسي اذا ما تمت ترجمته حرفياً الى اللغة الجيكية سوف يكون (عقد شراء) اما باللغة الايطالية فسوف يكون (عقد بيع وشراء) . وفي جميع الاحوال يمثل هذا العقد نفسه المضمون الاصلي وهو عبارة عن عقد تم ابرامه بين بائع ومشتري. ومن ناحية أخرى، ربما يتضمن مصطلح الميثاق معنى سلبياً في لغة ما بحيث انه يعني (معاهدة تم ابرامها) بين الاعداء. ومن هذا المنطلق يمكن ان نحكم على تعابير مثل (حلف وارشو) (وحلف شمال الاطلسي) وهما الحلفان المعروفان خلال سنوات الحرب الباردة ولكن بعد دخول جمهورية الجيك الى حلف شمال الاطلسي بدأت تستعمل مصطلح التحالف وليس الحلف .

4-   لا يشير مصطلح لغة الاصل الى أي مصطلح في لغة الهدف: تعتبر حالة وجود مفاهيم لا وجود لها في لغة الهدف أمراً وارداً في المجال القانوني. ففي هذه الحالة، يتوجب على المترجم القانوني اللجوء الى الشرح والتفسير لتوضيح ذلك المصطلح الذي لا وجود له في لغة الهدف أو اللجوء الى لغة اشتقاقية أو اللجوء الى النسخ. وربما يمكن اللجوء الى الترجمة الحرفية لتعبير معقّد. وعليه يمكن تجنب المصطلح الموجود أصلا في لغة الهدف لتجنب الارباك. وهنالك بعض المصطلحات المستعملة ربما تكون مقبولة في دولة ولكنها غامضة وغير مفهومة في دولة أخرى أو ان هنالك مصطلحا أخر يختلف في مفهومه عن هذا المصطلح. ويمكن ان نقول الشي نفسه حول مصطلح (محكمة المنازعات) ومصطلح المساعدين في المحكمة ومصطلح المهلة ومصطلح المحامي العام ومصطلح المدعي العام و هذه المصطلحات لها مفاهيم ربما مختلفة من دولة الى أخرى بمفهومها ومدلولاتها .

 

استنتاج

. لايمكن ان تكون المصطلحات القانونية قابلة للترجمة من لغة الى أخرى بنسبة 100% بسبب الاختلافات الموجودة بين الانظمة القانونية. وبسبب هذه الاختلاف في الانظمة يوجد التنافر والتعارض الذي يمكن ان يؤدي الى اختلافات في الترجمة ومن الممكن أن تكون هنالك اختلافات جزئية أو كلية وهنالك مصطلحات موجودة في لغة الاصل ولا وجود لها في لغة الهدف. فالمعرفة الجيدة للنظامين القانونيين والسياق يجعل الترجمة القانونية دقيقة وأمينة .

وبسبب هذا التنافر أو التعارض الجزئي او الكلي نلاحظ أن بعض المصطلحات لا تشير بصورة كلية الى مرادفها الاجنبي في حين ان مصطلحات أخرى تبقى في لغة الاصل . وهكذا فان معرفة جيدة لنظامين قانونيين وسياق قانوني تجعل الترجمة القانونية ممكنة شريطة ان يكون متلقي الترجمة على ادراك واع بان النص الذي بين يديه يتضمن مصطلحات تعود الى نظام قانوني اجنبي . ومن ناحية اخرى، نلاحظ ان المشكلة تبدأ بالتبدد عندما نقوم بالترجمة القانونية من الفرنسية الى الالمانية لان المصطلحات متشابهة في النظامين القانونيين وفي اللغتين ايضا الا ان ذلك لا يمكن تطبيقه على النظام القانوني الجيكي مثلاً .

 

ترجمة الدكتور حسيب الياس حديد

....................

Jan Radmsky: Dans quelle mesure est-il possible de traduire un terme juridique ? Université Brunensis ,L25,2004

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم