صحيفة المثقف

اضواء على فيلم نصيرات لعلي رفيق

840-ibtsam1شاهد جمهور غفير من الجالية العراقية في لندن عرض الفيلم الوثائقي (نصيرات) للمخرج الفنان علي رفيق، بعد عرضه في اكثر الدول الاوربية حيث حظى باهتمام كبير من قبل جمهور المغتربين في اوربا وبريطانيا. وذلك برعاية رابطة المرأة العراقية ورابطة الانصار الشيوعيين ولجنة تنسيق التيار الديمقراطي ومنظمة الشيوعي العراقي .

840-ibtsam3كان الفيلم بمثابة ضوء على تجربة فريدة خاضها الشعب العراقي بمواجهة الدكتاتورية والبطش الصدامي البعثي الا وهي الكفاح المسلح والذي اتخذ من جبال العراق منطلقا ليقاتل بأسلحة بسيطة ولكن بايمان قوي، اعتى الانظمة واقساها، والتي زودت بأحدث الاسلحة ووسائل القتل من قبل امريكا. مع عملاءه من اعضاء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذين غدروا برفاقهم وتسببوا بقتل العديد من الانصار والنصيرات. ضاربين عرض الحائط كل القيم الانسانية والقبلية والاجتماعية والسياسية وحتى القومية الكردية وادعائهم بتمثيلها!

الفيلم حسب المخرج كان بمثابة تحية للمرأة العراقية الصامدة والشجاعة، التي وقفت مع اخيها الرجل متخطية كل الحواجز الاجتماعية الضيقة وحاجز الخوف الذي وضعه ازلام النظام في كل ركن من بلدنا.

تفاعل جمهور المشاهدين مع مشاهد الفيلم لدرجة الانفعال وبكاء البعض متأثرين بذكريات عبّر عنها الفيلم من خلال لقاءاته مع نصيرات الأمس اللاتي توزعن على دول الشتات. واشاد الجميع بجهود المخرج علي رفيق وكاتب السيناريو كريم كطافة، مع قلة او انعدام الامكانيات المادية والتقنية لتقديم فيلم مهم عرض صفحة مشرقة من نضال المرأة العراقية الشجاعة. "ان تشعل شمعة خير من ان تلعن الظلمات" فقد اضاء علي رفيق شمعة شجعتنا لنلقي ضوءا على تجربتة في حوار جانبي معه.

 

اضواء على فيلم نصيرات والأفلام الوثائقية في السينما العراقية

اولا تحية لك ومبروك نجاح فيلمك جماهيريا ونتمنى ان يعرض على جمهور اوسع عربي واجنبي. اود بداية ان اعرف رأيك في الفيلم الوثائقي العراقي وقد انتج العديد منها خاصة بعد عام 2003؟ كيف تراه مقارنة بالأفلام الوثائقية العالمية؟

- الفيلم الوثائقي جنس ابداعي سينمائي له شروطه التي تميزه عن الفيلم الروائي الواقعي او فيلم الخيال العلمي او التاريخي مثلا، لكنه منذ نشأته في عشرينيات القرن الماضي وخاصة بعد تجربة Kino Eye (السينما- العين" كينو-كلاز") للسوفييتي زيغا فيرتوف اندرجت تحت عنوانه العام: وثائقيات منها العلمي والتوجيهي والدعائي والتسجيلي والأخباري والريبورتاج ..الخ.

لكن التنظير للفيلم الوثائقي ميز بينه وبين ما تفرع عنه من الوثائقيات التي اتيت على ذكرها آنفا.

اذن يشترط جنس الوثائقي، على طرحه لموضوع يناقش قضية معينة واقعية وحياتية وينطوي على تقديم وجهة نظر فيها. اما الشكل فهو مفتوح على استخدام ما تكتنزه اللغة السينمائية من امكانات غير محدودة.

رأيي في الفيلم الوثائقي العراقي فهو، كالسينما العراقية، مازال غير واضح المعالم ومن الصعب القول اننا استوفينا الشروط سالفة الذكر، طبعا هناك نتاجات اقتربت منها ومن الخطأ التعميم. اما ما حصل بعد 2003، فنلاحظ وفرة الأنتاج، فقد التبس الفهم السائد للوثائقي لدى الكثير من صانعيه الذين استسهلوا التعامل معه. ولهذا عدة عوامل منها: توفر وسائل تقنية حديثة (الديجتال) وكثرة الطلب عليه من مهرجانات تكونت على عجل، يديرها ويحكّم فيها من لا علاقة له بالسينما اصلا. علاوة على زيادة الطلب على الأشرطة، ايا كانت، مهمتها ملء الوقت، لبرامج فضائيات انتشرت كالفطر.. فاختلط السينمائي بالتلفزيوني، فاخذ يطلق على الريبورتاج والتقارير الاخبارية وحتى الأفلام العائلية ( هوم فيديوHome video) بالوثائقي .. طبعا هذه الحالة لا تتعلق بالمنتج العراقي ام العربي حسب وانما سادت العالم.  

 

في لقاء تلفزيوني معك اكدت على المحلية والصدق في طرح القضايا الشعبية للوصول للعالمية..هل يكفي الموضوع وأهميته لإنجاح الفيلم، وثائقي كان او روائي؟

- نعم دائما أعطي للمصداقية في المنتج الأبداعي الأهمية القصوى ومعياري في هذا اننا لكي نكون عالميين، ينبغي علينا طرح الهّم المحلي بصدق. طبعا هذا لا يمنع من معالجتنا لقضايا انسانية شاملة.. لكنني استدل دائما بتجارب فنية لشعوب لم نكن نعرف قضاياها الا من خلال صدق مبدعيها.. الكولومبي ماركيز خير مثال. ومنتجو الافلام المستقلة الايرانية قدموا نتاجات تحاكي الواقع المعاش في قرى نائية لكن صدق المعالجة وسبر اغوار الواقع المحلي الذي لا يشبه غيره كل هذه العناصر قادتهم للعالم والذي فهمهم وأدرك معاناة انسانهم وتضامن معه.

اكيد السينما روائية كانت او وثائفية هي نافذة يطل منها العالم لمعرفة كنوز الشعوب الثقافية والحياتية..لكن الادوات والتقنية السينمائية في الطرح فنيا لهما دور كبير في ايصال الفكرة محلية كانت او غيرها..فلا يكفي الموضوع وأهميته لإنجاح العمل السينمائي او التلفزيوني اذا لم تتكامل شروط نجاحه من اخراج الى تصوير.

 840-ibtsam2

فيلم نصيرات هو الفيلم الاول في تسليط الضوء على مرحلة مهمة في تاريخ المعارضة العراقية اليسارية، بمعنى اوضح بتاريخ الحزب الشيوعي. ومشاركة المرأة فيها. لماذا تأخر انتاج هكذا فيلم وقد مرت عقود على حرب الانصار؟

- "ان يأتي متأخرا أفضل من أن لا يأتي ابدا". نعم كثيرة هي المفاصل في تاريخنا لم يجر توثيقها كما يجب.. وخاصة في لغة العصر.. لغة الصورة.. السينما.. ومن بين تلك المآثر في مسيرة شعبنا الكفاحية.. تلك التي أجترحتها المرأة العراقية التي خاضت غمار النضال في كل انتفاضات ووثبات شعبنا.. في ثورة العشرين وفي وثبة كانون 1948 وفي انتفاضة تشرين 1952 وفي الهبة الشعبية في 1956 وفي ثورة 14 تموز المجيدة 1958 والعديد من محطات لابد من استذكارها لأستخلاص التجربة الثرية في مشاركتها في العمل الوطني وفي حركة الانصار المسلحة 1979-1990( موضوع فيلمنا).

حملت المرأة العراقية الباسلة السلاح ضد دكتاتورية وفاشية النظام البائد وقدمت التضحيات والشهيدات الخالدات.. كل تلك الحركات لم توثق. ولأننا عقدنا العزم على توثيق الحركة الأنصارية سينمائيا.. وبعد عمل وجهد مضنيين لأكثر من سبع سنوات لانتاج سلسلة وثائقية استطعت اخراج الفيلم الاول منها عام 2012 بعنوان "سنوات الجمر والرماد" وهو وثائقي   68دقيقة، كرس للتعريف بالحركة. وفي 2014 اخرجت الفيلم الثاني "نصيرات" وثائقي (73 دقيقة) كرس لمشاركة المرأة العراقية في حركة الانصار الشيوعيين.. طبعا نسعى لمواصلة انتاج هذه السلسلة.. وهذا يتوقف على توفر التمويل اللازم لتحقيق ذلك.. اما سبب تأخر الأنتاج هو ببساطة غياب التمويل، عقدة السينما .

الفيلم من إنتاج (وحدة الإنتاج السينمائي الإنصاري) هل هي مؤسسة سينمائية؟ كيف كان دورها في انتاج هذا الفيلم؟ فحسب مارأيت ان امكانيات التصوير وتسجيل الصوت لم تكن بالمستوى المطلوب!

وحدة الأنتاج السينمائي الأنصاري أنبثقت من مجموعة انصارية عملت في الفيلم الأول كفريق عمل تصدى لتحقيق مهمة الانتاج، ارادت ان تخلق لنفسها كيانا انتاجيا يواصل العمل. وهذه المجموعة مستقلة تسعى لتوفير الارضية الانتاجية بايجاد قنوات تمويلية وتتصل بالاشخاص الذين يوافقون على دعم مشروعها ماديا ام معنويا.. والمجموعة متبرعة بعملها لا تتقاضى اية مكافأة مقابل جهدها. وآلت على نفسها العمل على تنفيذ ما تصبو اليه بالممكن وبامكانات اقل من الفقيرة بل شحيحة جدا.. وهذا ما يفسر الفقرالتقني في الانتاج كما شخص سؤالكم عن حق. طاقمنا الإنتاجي يدرك هذه المسألة لكنه في نفس الوقت يعرف ان البديل لذلك هو ان لا ننتج .. وتلك مجازفة و تحد أقدمنا عليها مع سبق الأصرار.. مع حسباننا لخساراتنا وهي كثيرة.

 

ما هي اكثر الصعوبات اعاقة في مراحل انجاز هذا الفيلم؟

- في كل مراحل الفيلم كانت اعاقة وصعوبات.. اولها ان الحدث الذي تصدينا له، بلا وثائق وفات عليه اكثر من ثلاثين عاما.. وابطاله استشهد الكثير منهم وكذلك الذين رحلوا.. فبدأنا من الوثيقة رقم صفر.. اعتمدنا اللقاء بالاحياء ليرووا لنا ما حدث. المشكلة انهم قد توزعتهم المنافي.. فلابد من الرحيل اليهم.. وبما توفر لنا من تمويل شحيح سافرنا الى بلدان شتات عديدة.. فكان العمود الفقري لجسم الفيلم حكاياتهم..لكننا أردنا معالجتها بلغة السينما.. فحولنا بوحهم الى دراما وتعاملنا معها بمعادل صوري، لخلق مقاربات لها، فأشتغلنا على المكان ورحلنا الى كردستان فصورنا الأمكنة والطبيعة الجبلية التي مارسوا فيها كفاحهم المسلح.. حيث كان صراعهم مع عدو شرس وطبيعة قاسية..وأستخدمنا ما توفر من فوتوغراف.. وهكذا صنعنا سينما ممكنة.

 

اعتقد اننا اكثر الشعوب عانينا من التعتيم وبالتالي قلة الاهتمام بالوثائق والتوثيق، بالرغم من كثرة الحروب التي عشناها والمصائب السياسية والاجتماعية. هل تعتقد خلف هذا الاهمال غايات سياسية؟

- الوثيقة عدا كونها تاريخ فهي تجربة ودروس وعبر.. للأسف نحن لا نحترم تاريخنا لأن من تصدى لقيادة بلداننا في الغالب يكون مرتهنا للأجنبي الذي همه طمس الجوانب المشرقة في مسيرة شعوبنا، وبنفس الوقت يبذل القادة قصارى جهدهم بتضخيم شخوصهم ويفرضون دكتاتوريتهم وبذلك يغيبون الآخر ويقتلون فيه عنصر الخلق والأبداع ويمعنون في اشاعة الأمية والجهل ويقمعون كل محاولات التقدم والاصلاح. وهذا ما يفسر ان كل مستبد يرتقي ناصية الحكم يكتب تاريخ امته من جديد.. (التاريخ يكتبه المنتصرون) اليست هذه المقولة هي التي تسود منذ الأزل.فيختفي القادة الصناديد وراء جهلهم يساعدهم في ذلك وعاظ السلاطين من عاملين في مجالات ثقافية من كتبة و حرفيين يبدعون في تلميع صورة اسيادهم .. لا اعرف هل هذه الاجابة تفسر تغييب الوثائق الحقيقية وليتوارى التاريخ خلف الزيف .

 

لاحظت خلال العرض، بعض النساء العراقيات بكين وهن يشاهدن الفيلم. كيف كان تقبل رفيقات الامس للتجربة؟

- صحيح ان فيلم "نصيرات" يوثق مساهمة المرأة العراقية في فعل قتالي ضمن حركة الانصار الشيوعيين العراقيين.. لكننا لم نركز على ذلك الفعل فقط .. فالمعارك والحياة القاسية التي عاشتها النصيرات لعشر سنوات، هي عمر الحركة، انطوت على حياة كاملة زاخرة بالمواقف الأنسانية واليومية والحياتية.. فالنصيرة عانت من مصاعب جمة بحكم تكوينها الفيسيولوجي وتعاملها مع نمط عسكري ذكوري ومحيط اجتماعي قروي متخلف وطبيعة بالغة القسوة.. وفي تلك الحياة مارست النصيرة الطبابة والاعلام والتدريس وربط التنظيم المحلي في عمق الوطن ونقل البريد الحزبي..الخ. وشهدت الحركة زيجات وولادات واستشهاد نصيرات.. كل هذه كانت عناوين بارزة في معمار مشاهد الفيلم وعرضها بأسلوب درامي.. يبدو انها حملت زخما عاطفيا لدى المتلقي فالبكاء من الجمهور لم يقتصر على النسوة فقط وانما الرجال ايضا.. ذلك تجلى في الحوار والنقاش الذي اعقب عروض الفيلم والذي كان يمتد لفترات زادت عن مدة عرض الفيلم نفسه.

كاتب السيناريو صديقي الروائي كريم كطافة وانا اثناء العمل وضعنا في حسباننا اعطاء المشاهد الفرصة ليكون مساهما في الفيلم.. كنا نريد ان يبدأ الفيلم بعد ان ينتهي عرضه وهذا الذي حصل فعلا.. وكما تقبل المتلقي الفيلم بهذه الروحية تقبله رفاق ورفيقات الأمس فقد أثار فيهم الفيلم ما هو مكبوت في دواخلهم، ساهموا مع الفيلم بالتصريح بما مسكوت عنه قسرا وما جرى التعتيم عليه.. فصاروا يضيفون حكايات واحداث لم يرّوها الفيلم. فصانعو الفيلم وانا منهم.. لم ندع اننا استطعنا ان نغطي كل ما جرى ..

 

لماذا لم يلقى تسجيل المعارك ومعاناة الانصار وتوثيقها الاذن الصاغية والاهتمام المطلوب؟ خاصة والحزب الشيوعي عانى من التعتيم على نشاطه ومعاناته. الم يجد في التسجيل فرصة لإيصال صوته للعالم؟ خاصة وكان من الممكن تهريب الافلام مع الهاربين من جحيم البعث في ذلك الوقت!

- هذا سؤال مهم وجوهري.. عاش الحزب الشيوعي في أغلب فترات عمره ظروف العمل السري ويكمن هنا سر بقاءه واستمراره وهو عميد الاحزاب العراقية.. وان قصاصات من ورق او وثيقة بسيطة او حتى كتاب نظري، كلها كانت السلطات المتعاقبة تعتبرها أدلة كافية لسجن اعضاء الحزب وتعذيبهم وحتى تصفيتهم واعدامهم ووفق مواد قانونية صريحة.. اذن بالرغم من اهتمام الحزب بالادبيات واصداره للصحف والدوريات السرية لكن رفاقه كانوا يحرصون على الحزب عبر اخفاء تلك الوثائق واتلافها لئلا تقع بيد جلاديهم. وبالمقابل كان الحزب يحرص على تسجيل وقائع تاريخه وارشفة وثائقه لكن بحرص شديد وباجراءات صيانية استثنائية.. وفي فترة الكفاح المسلح تضاعفت الخشية من الوثيقة..

لكن كان بالامكان ان تتم العناية بالتوثيق ودار حول هذا التوجه صراعا داخليا..مما جعل البعض يعمل على التوثيق بجهود فردية وبوسائل بدائية لشحة الامكانات المادية والتقنية ولعدم الاهتمام الجدي من هيئات الحزب المعنية.. انا نفسي التحقت بالكفاح المسلح ومعي كاميرا سينمائية (16ملم) وكمية بسيطة من الافلام الخام وصورت الاف الامتار من الاشرطة للمقرات والمفارز والحياة اليومية وبعض المعارك.. وساعد الحزب على ارسال تلك الاشرطة مع البريد الحزبي الى الخارج لتحميضها وطبعها والاحتفاظ بها في الارشيف وتواصلت هذه العملية لسنتين لكنها لم تستمر لأن كاميرتي استشهدت، ولم أحظ بهذا الشرف بالصدفة، في معارك بشت ئاشان الغادرة1983.. والمادة المصورة تمت مصادرتها من قبل مخابرات الدول التي كانت تخزن فيها. ولم يستطع الحزب استردادها حتى اليوم.

طبعا كانت هناك قنوات للحزب كان من خلالها يوصل صوته واستطاع طيلة سنوات النضال وبوثائق بسيطة منها البيانات وقوانين وممارسات الانظمة الجائرة نفسها، ان يحشد للتضامن الأممي مع شعبنا .  

 

باعتبارك كنت احد الانصار وعشت تلك التجربة بكل متاعبها ومرارة خيباتها. لو اعيد الزمن هل ستعيد التجربة كما هي؟ وبعيدا عن فن الاخراج، وما هو رأيك كسياسي في تلك التجربة اذا حسبت على الكفاح المسلح؟ هل كان للعاطفة الدور الاكبر في تبني حركة الانصار بلا دراسة ولا تخطيط؟ ومن هو برأيك المقصر او السبب في فشلها؟

- ليس هناك اكثر من الشيوعيين حبا للحياة والسلام.. فلسفتهم قائمة على الحرية وخلق ظروف الرفاه والسعادة للأنسان فهو اثمن رأسمال.. هذا حلمهم. لكنهم يعرفون ان الطريق لتحقيقه لابد له من عمل وكفاح دؤوب.. انهم لا يفسرون العالم فقط وانما يسعون الى تغييره. هذا ما قادهم الى ممارسة كل اساليب النضال. وفي الثمانينات كان الكفاح المسلح اسلوبا ثوريا رومانسيا لتحقيق التغيير. ولم يلتزمه الشيوعيون العراقيون الا بعد هجمة شرسة من الفاشية الدكتاتورية ضدهم وضد شعبهم. ومعروف عنهم تضحياتهم واخلاصهم لمبادئهم فمارسوا الدفاع عن انفسهم وعن شعبهم بالعنف الثوري مقابل عنف فاشي مقيت..

بالنسبة لي انا كنت ابن ذلك الظرف.. لم يكن لدينا في حركة الانصار وهما اننا نستطيع اسقاط النظام من مسافة تبعد اكثر من 600 كيلومتر عن العاصمة، لكننا أسسنا قواعد وحررنا مناطق كانت ملاذا لرفاقنا الذين يستطيعون التخلص من قمع النظام وكانت ايضا مواقع لوجودنا العلني داخل الوطن ومنها انطلق اعلامنا: اذاعتنا وصحفنا ومطبوعاتنا واليها عاد الكثيرون من الرفاق لأرض الوطن (وانا منهم) الذين اضطروا للهجرة خارجه واتخاذ تلك المواقع منطلقا لأعادة بناء الحزب في عمق الوطن..

اما السبب في فشلها هو الدكتاتورية الفاشية التي بعد فشل حروبها الخارجية العبثية، وجهت بطشها وماكنتها الحربية بما فيها الكيمياوية الى ابناء شعبها وقواه المسلحة.. اما من يعزي الفشل لقصور ذاتي للحركة فيجانب الصواب. ولابد من التأكيد الى ان الحزب اصدر وثيقة تقييم للحركة وافلامنا اشارت الى سلبيات رافقت الحركة. نعم كانت هناك نواقص واعتقد توفرت عندنا الشجاعة للاعتراف بها ومن يشاهد فيلمينا "سنوات الجمر والرماد " و" نصيرات" سيدرك ذلك.

 

في الاخير لابد من سؤال تقليدي ربما، ما هي مشاريعك الاتية؟ وهل تفكر بالتعاون مع جهة ثقافية بريطانية او عراقية لانجاز مشروع فيلم وثائقي او روائي؟

- الآتي في الغيب دائما لأننا ندرك ان مشاريعنا لا تتحقق نتيجة رغبتنا فقط.. ينبغي ان تتوفر مستلزمات انتاجية كبيرة هي ليست في متناول يدنا.. لا أعول على جهات بذاتهاعراقية كانت ام بريطانية.. لأنها جميعا لديها اجنداتها وشروطها والتي في الغالب لا تتلائم مع تفكيري. طبعا هناك مشاريع كثيرة أغلبها مؤجلة، منها وثائقية تم تصوير بعضها فعلا وهي تنتظر الأعمال التقنية وهي برسم الحصول على تمويل لإكمالها.. اما العمل الروائي فهو ما أطمح اليه فقد جئت الى السينما من المسرح ومارستها بعد انهاء دراستي العليا باختصاص محدد هو الأخراج السينمائي – الفيلم الروائي.

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم