صحيفة المثقف

الحيرة الامريكية

mohamad thamerمنذ الحادي عشر من أيلول 2001 طرح الكثير من الأفكار والمبادرات من اجل التصدي للتحديات الناشئة من العالم الإسلامي وحظيت ثلاثة جهود باهتمام خاص من أدارة بوش وفي الخطاب العام : الحرب العالمية ضد الإرهاب ، مبادرة الشراكة للشرق الأوسط للنهوض بالإصلاح الديمقراطي ، حملة الدبلوماسية العامة لتحسين صورة أمريكا .ولكن هذه الجهود غالبا ما تتصارع فيما بينها . فالحرب ضد الإرهاب تتطلب تعاون الأجهزة الأمنية التي تشكل العمود الفقري للأنظمة الاستبدادية الحاكمة في البلدان الإسلامية وهذا التعاون في الواقع يقوض كل من الطموحات الديمقراطية والجهد الرامي لتغيير المواقف السلبية تجاه الولايات المتحدة في العالم الإسلامي وتتعارض هذه المبادرة مع الأهداف الرئيسية لمبادرة الشراكة للشرق الأوسط ألا وهي الحث على الإصلاحات السياسية والانتخابات الحرة ولكن الانتخابات الحرة من المحتمل أن تأتي في الغالب بالاسلامين الأصوليين الى السلطة وهي نتيجة تتعارض مع إستراتيجية مكافحة الإرهاب التي تعد مختلف الجماعات الإسلامية مصدر تهديد واحد خطير بغض النظر عن الحوافر السياسية والعقائدية والاسترتيجية لتلك الجماعات وبالإضافة الى ذلك فأن أحدى المهام الرئيسية للدبلوماسية العامة هي التقليل من شأن رسالة المتطرفين من خلال تشجيع الأصوات المعتدلة ذات المصداقية ولكن هذه الأصوات تصدر من الأحزاب والمنظمات الإسلامية المعتدلة التي غالبا ما تخضع للملاحقة من الحكومات المحلية داخل الولايات المتحدة وربما لن يمنح أعضاؤها أبدا أي تأشيرة لدخول الولايات المتحدة أو يسمح لهم بدخولها . ومن الأمثلة الخطيرة للغاية على الانحراف الديمقراطي والتراجع في احترام حقوق الإنسان في إطار مكافحة الإرهاب او الحرب على الإرهاب حالات التسليم والترحيل للأشخاص المعتقلين سريا للاشتباه بعلاقتهم بالإرهاب وان معظم هؤلاء من معتنقي الإسلام أي من أصل عربي .

وجاء في إعلان مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والمعنون منع الأفعال الإرهابية أن الدعاية التي يبثها الإرهابيون تحض على التمييز والعدوان والعنف بالدعوة الى الكراهية لأسباب قومية أو عنصرية أو دينية فأن معاقبة ذلك التحريض تكون بمثابة وسيلة مباشرة لتطبيق ICCPR حتى عندما لا يتحقق الأذى الذي حرض عليه ويبدو أن تحريم مثل هذا التحريض بالاستناد الى حجج أضافية هي وجود الفروق الثقافية تشكل توسع يتسق تماما مع النهج الوقائي ألاستباقي المنصوص عليه في ICCPR .

وربط مجلس الأمن بين التحريض على الإرهاب والتعصب الديني والحرب على الإرهاب في أثنين من قراراته هي : ـ

1 ـ الفقرة 5 من المادة 3 من القرار 1373 في 2001 حيث جاء فيها (تعلن أن أعمال الإرهاب وأساليبه وممارساته تتعارض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها وأن القيام عن علم بتمويل الأعمال الإرهابية والتخطيط لها والتحريض عليها يتنافى هو الأخر مع اهداف الأمم المتحدة ومبادئها) .

2 ـ في الفقرة الأولى من الفقرة 1624 في 2005 حيث جاء فيها (1 ـ يدعو جميع الدول الى أن تعتمد من التدابير ما قد يكون ضروريا ومناسبا ومتفقا مع التزاماتها بموجب القانون الدولي الى أن .

أ ـ تحرم بحكم القانون التحريض على اتيان عمل أو أعمال الإرهابية.

ب ـ تمنع هذا النوع من السلوك .

ج ـ تمتنع عن ايواء أي أشخاص تتوافر بشأنهم معلومات موثوقة تقدم من الأسباب الجادة ما يدعو الى اعتبارهم متورطين بهذا السلوك .

3 ـ يدعو جميع الدول الى مواصلة الجهود الأولية الرامية الى تعزيز الحوار وتوسيع نطاق التفاهم فيما بين الحضارات سعيا منها الى منع الاستهداف الطائش لمختلف الثقافات والديانات واتخاذ جميع ما قد يلزم من تدابير مناسبة ومتفقة مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لمكافحة التحريض على اتيان الأعمال الإرهابية بدافع التطرف والتعصب ومنع الأعمال الهدامة التي يقترفها الإرهابيون وأنصارهم بحق المؤسسات التعليمية والثقافية والدينية) .وحرص مجلس الأمن على التاكيد في الفقرة الرابعة من هذا القرار على أن هذه التدابير يجب أن تتخذ بما يتلاءم مع التزامات الدول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي للاجئين .

ولكن الملاحظ أن الإدارة الأمريكية سوغت الحرب على العراق في 2003 ضمن مسوغات أخرى مسوغات دينية منها الحروب الصليبية والحروب المقدسة التي كلف الله بها بوش الابن ليخوضها في مواجهة قوى الشر في أي مكان في العالم كما أن عقيدة المحافظين الجدد التي تسيطر على عقيدة نخبة الإدارة السياسية والعسكرية في الولايات المتحدة تعتقد بأن المسيح لن يعود ألا بقيام دولة إسرائيل الكبرى وأن ترك إسرائيل تتمدد سيعجل بعودة المسيح وفق العقيدة المسيحية الصهيونية التي تعتقد بعودة المسيح حال قيام دولة إسرائيل الكبرى ويجب على الولايات المتحدة استخدام العون لقيام تلك الدولة . ولم يستخدم مؤتمر الأمم المتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية في مشروع اعلان الدوحة بشأن ادماج منع الجريمة والعدالة الجنائية في جدول أعمال الأمم المتحدة الأوسع من اجل التصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني الدولي ومشاركة الجمهور لم يستخدم مصطلح التعصب الديني بل استبد لهما بمصطلحين هما التطرف والراديكالية حيث أو صى بمواجهة التطرف المقترن بالعنف ونشر الأفكار الراديكالية الجانحة الى العنف اللذين يمكن أن يفضيا الى الارهاب وتعزيز الجهود الرامية الى تنفيذ برامج مكافحة التوجهات الراديكالية والعمل على أن يقدم الى العدالة أي شخص يشارك في تمويل أفعال ارهابية أو التخطيط أو الأعداد لها أو ارتكابها أو دعمها امتثالا للالتزامات التي يقضي بها القانون الدولي وكذلك أحكام القانون الداخلي المنطبقة .

أماني أوربا فتقدم اتفاقية مجلس أوربا (COE ) بشأن منع الارهاب نموذجا لتحليل المسائل المطروحة فيما تقدم فمادتها 5 تأتي تحت عنوان (التحريض على ارتكاب جريمة ارهابية) وتنص على (لأغراض هذه الاتفاقية يعني التحريض على ارتكاب جريمة ارهابية بث رسالة الى الجمهور أو اتامنها له بطريقة أخرى يقصد التحريض على ارتكاب جريمة ارهابية حيث يتسبب ذلك السلوك سواء أحضا مباشرة أو لم يحضا على ارتكاب جرائم ارهابية في نشوء حظر ارتكاب جريمة أو أكثر من تلك الجرائم) والعنصر الأهم في هذا التعريف من بين عناصر أخرى أن السلوك الذي يثبت أنه ينطوي على حظر ارتكاب جرائم ارهابية يستخف العقاب سواء أنطوى أم لم ينطو على دعوة مباشرة الى ارتكاب جرائم بعثها ولهذا البند أهمية فيما يتعلق بالدعوة الايدلوجية أو الدينية أو الفكرية التي تبرر العنف دون حض جريح الى شن هجوم معين على هدف محدد .

ويذهب المحلي الفدرالي في منظمة الأمن والتعاون في أوربا في قراره السادس الخاص بالتسامح وعدم التميز الى

أن السماح للتحريض على الكراهية والارهاب لكي ينتشر دون عائق يمكن أن يشجع على الارهاب مما يعطي انطباعا يوجد تأييد خمني وبذلك يمنح الارهاب مصداقية أن لم تقل شرعية وكذلك يتعين على الدولة وعلى المجتمع المدني أن يقفا ضد خطاب الكراهية والتحريض على الارهاب وهذا يمثل تحديا كبيرا لأنه سيقع تداول الأفكار القابلة للاعتراض وعبر المتسامحة مع الآخرين بطريقة تجعلها قريبة من اللاشرعية في مجتمع ديمقراطي أن التطرق أن لخطاب الكراهية والدعوى الى الارهاب في نطاق حرية التعبير وبدعم من مجموعة الناس سيعزز النجاته والشرعية في نفس الوقت .

وورد في التعزيز النهائي لخبراء مكتب المؤسسات الديمقراطية الى أن الراديكالية الارهابية يجب معالجتها ضمن الأسرة والمجتمع ولهذا السبب يجب أن يكون الرجال والنساء على السواء فضلا عن الاباء قادرين على الاجابة عن أسئلة أبنائهم حول هويتهم الدينية والسياسية والثقافية وهذه القدرة فائقة الأهمية حيث أن معظم الأفكار الراديكالية الارهابية تتبلور بين الثانية عشر والعشرين حيث تكون الشخصيات والقيم في صدد التكون وفي هذا السياق من شأن عدم القدرة على مناقشة القضايا الهامة ومعالجتها بشكل صريح أن يحدث فراغا يمكن أن يتم ملوه بسيناريوهات متطرفة وعنيفة .

وأن تتم أدانته المسئولين الحكوميين ـ بوسائل مناسبة ـ أذا بدر منهم خلال تصديهم لمسئولياتهم الرسمية أي تمييز قائم من أساس العنصر أو الاثنية أو أي خطاب كراهية الذي يمكن أن يشكل تحريضا للتمييز أو الكراهية أو العنف .

وانشاء محلي استشاري يعمل مع الحكومة يحدد ويوجه أماكن التوتر المحتملة بين مختلف الأعراف والديانات والتعليقات الصادرة منها ويقيم ويتخذ القرارات المناسبة ويعرض التوسط .

لقد أقرت الاستراتيجية الأمنية الأوربية يوجد علامة بين مكافحة الارهاب أو الحرب على الارهاب والتعصب الديني الى الدرجة التي يتضح معها أن التعصب الديني ـ المرتبط بالموجة العالمية من الارهاب ـ هو نتيجة أسباب معقدة مثل الضغوط من اجل التمدن والأزمات الثقافية والاجتماعية والسياسية وأبعاد الشباب الذين يعيشون في مجتمعات أجنبية .

وأن التخويف fear يعني تخويف أفراد أو جماعة على أساس معتقدهم الديني أو لونهم أو عرفهم أو جنسيتهم .

الكراهية (hatred ) تعني الكراهية الموجهة ضد أشخاص أو مجموعات على أساس معتقدهم الديني أو لونهم أو جنسهم .

ويؤكد المجتمع الفقهي الاسلامي في اجتماعه الذي عقد في 10 كانون الثاني 2002 في رابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة في دورته السادسة عشرة أن التطرف والعنف والارهاب ليس من الاسلام في شيء وأنها أعمال خطيرة لها أثار فاحشة وفيها اعتداء على الانسان وظلم له ومن تأمل مصدري الشريعة الاسلامية كتاب الله الكريم وسنة نبيه (ص) فلن يجد فيها شيء من التطرف والعنف والارهاب الذي يعني الاعتداء على الآخرين دون وجه حق .

ويصف أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب عليه السلام المتطرفين دينيا مخاطبا الخوارج بقوله (أيتها العصابة التي أخرجتها عدواة المرء والبحاجة وصدها عن الحق الهوى وصم عبها النزف وأصبحت في اللسن والخطاب العظيم)

وبذلك فأن صفات المتطرفين دينيا هي : ـ

1 ـ فقد الميزان ـ فيتخذ الموقف ثم يتخذ ضده .

2 ـ كثيرة اللجاج فهو لا يركن الى الحجة وأن كانت دامغة وينكر للحقيقة وأن كانت ساطعة .

3 ـ التضيق على النفس قال رسول الله (ص) (ولا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فأن قوما شددوا على أنفسهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديار) .

4 ـ الحماقة والعجلة .

5 ـ أتباع الهدى .

6 ـ تكفير الأخر .

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم