صحيفة المثقف

ألإيقاع في شعر السماوي .. دراسة إحصائيّة (2)

متداخلةً مع تفعيلته الصحيحة لجعله مستساغاً في الأداء، فضلاً عن استغلالهم لمختلف الأضرب في القصيدة الواحدة، وتسامحهم في الحشو باستخدام التفعيلة الصحيحة(فاعلن) والمخبونة (فَعِلن) والمخبونة المضمرة (فَعْلن) ، فأسهموا في قتلِ رتابته بعد أن أباحوا استعمال القبض(فاعلُ) بضم اللام في حشوه.

وقد نظم السماوي فيه قصيدتينِ تداخل فيهما المتدارك بالخبب، وهما: "أحلام مشروعة " و " هذيان متعقّل"، وفيما يأتي أمثلتهما التطبيقيّة :

قال في "أحلام مشروعة" :

أحلمُ من جيلينِ بحقلٍ من شجرِ الأفراحِ.. بنورَسةٍ وطيورِ كنارْ

فاعلُ فعْلن فاعِلُ فعْلن فاعِلُ فعلن فاعِلُ فاعِلُ فاعِلُ فاعِلُ فالْ= فعْلْ

بِبساتينِ الأمّةِ أنْ تخضرَّ وأنَّ بيوتَ الضحكةِ لا تنهارْ

فَعِلن فعْلن فاعِلُ فعْلن فاعِلُ فاعِلُ فعْلن فاعلُ فعْلن فالْ=فعْلْ

وقال في " ذيان متعقّل":

تعرى في الليلِ بطولتنا

فعْلن فعْلن فعِلن فَعِلن

تخلعُ عنها البدلاتِ الرسميّةَ َ.. جُلبابَ الإيمانْ

فاعِلُ فعْلن فعْلن فعْلن فاعِلُ فعْلن فعْلن فالْ

 

4 – إيقاع الوافر في شعر التفعيلة: حين وجد شعراء التفعيلة أنَّ مجزوء الوافر يقومُ على التفعيلة المفردة الصافية(والهزج منه كذلك) ، استخدموه في تقديم تجاربهم المشفوعة بشيء من الحريّة في استخدام إيقاعه. ففضلاً عن كونِهم لم يلتزموا بضربٍ معيّنٍ في القصيدة الواحدة، وتوسّعوا في استعمالِ كلِّ ضروبه، فإنّهم توسّعوا أيضاً في جعلِ الهزج ومجزوء الوافر وزنا ً واحدا ً أجازوا فيه دخول الكفِّ في حشوه، وعلّة (القصر) وهي حذف ساكن السبب، وإسكان متحرّكه(مفاعيلْ) في ضربه ، مع استخدام ممدود التفعيلة (مفاعيلن) وهو" مفاعيلان " مع مراعاة أنَّ زحاف "العصب" وهو إسكان الخامس اللام في "مفاعلتن" فتصير " مفاعلْ تُنْ : بسكون اللام، وتنقل إلى " مفاعيلن " المساوية لها بالحركات والسكنات ، كثيراً ما يدخلُ في حشوه ?¹²?.

وقد كانت قصيدة"عراقيّان" الوحيدة في مجموعة "هذه خيمتي..فأين الوطن" على هذا الوزن، وهذا مستهلّها :

وأنشدُكِ الذي في القلبِ

نخلعُ خوفنا

للخوفِ رائحةُ الجفافِ

وللغناءِ ملامحُ الأنهارْ

مفاعلتن مفاعيلن مفاعلتن مفاعيلن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعيلان

أمدّ ُ جذورَ قلبي فيكِ مبتهلا ً

مفاعلتن مفاعيلن مفاعلتن

وفي كفّيكِ أغرسُ وردتينِ

فوردة ٌ للناسِ في وطني

مفاعيلن مفاعلتن مفاعلتن مفاعيلن مفاعلتن

وأخرى للذي يشقى وراءَ مساقطِ الأسوارْ

مفاعيلن مفاعيلن مفاعلتن مفاعيلان

 

5– إيقاع المتقارب في شعر التفعيلة: لمّا كان الشعرالتفعيلي ذا شطرٍ واحد ليس له طولٌ ثابت يعتمدُ على تكرار التفعيلة، وتغيير عددها من شطرٍ إلى آخر ، فإنَّ إيقاع تفعيلة "فعولن" ناسب جلّ شعراء قصيدة التفعيلة، مع ملاحظة إفادتهم في الانتقال من ضربٍ إلى ما سواه في القصيدة الواحدة، ناهيكَ عن حريّة ِ استخدامِ التفعيلة المقبوضة " فَعولُ " بضم اللام، والمحذوفة " فعو " والمقصورة " فعولْ " بسكون اللام ?¹³?.

وقد نظم فيه الشاعر قصيدة واحدة في هذه المجمعة هي: " قنوط " هذا مستهلّها:

وما الفائدةْ؟

فعولن فعو=فعلْ

لديَّ الشراعُ.. السفينة ُ..

لكنّما البحرُ –

لا ماءَ في البحرِ.. لا ريحَ ..

لا موجةٌ وافدة ْ

فعولن فعولن فعولُ فعولن فعولن فعولُ فعولن فعولن فعولن فعولن فعو

فما الفائدة ْ؟

فعولن فعو

 

ثانياً – نقوش على جذعِ نخلة ?¹??.

ضمّت هذه المجموعة خمساً وعشرين قصيدة ً، منها عشرُ قصائد من شعر الشطرينِ، وخمسَ عشرة َ قصيدة من الشعر التفعيلي، وتوزّعت قصائد الشطرينِ على النحو الآتي:

1 – إيقاع الكامل: نظم في الكامل ثماني قصائد توزّعت تشكيلاتها في:

أ – ألكامل المقطوع ( مرَّ وزنه وجوازاته ) ونظم فيه أربعا ً هي : " عصفا ً بهم " و "يا آسري" و" يا صابرا ً عقدينِ " و" هل هذه بغداد " ، ومطالعها بالتتابع:

حاشاك تنثرُ للغزاةِ ورودا  فلقد خلقتَ كما النخيلُ عنيدا

يا آسري أحْكِمْ عليّ وثاقي  سأضيعُ لو بادرتَ في إطلاقي

ألقيتُ بينَ أحبّتي مرساتي  فالآن تبدأ ُ– يا حياة ُ- حياتي

أغمضتُ عن شجرِ الهوى أحداقي  فاسكُبْ طِلاكَ على الثرى يا ساقي

 

وتذكيرا ً بالإيقاع، فإنَّ تفعيلات الأخير هي:

مستفعلن متفاعلن متْفاعلْ  مستفعلن متفاعلن متْفاعلْ

ب – ألكامل الأحَذ ّ(مرّ ذكره وجوازاته) ونظم فيه ثلاثا ً هي: " لا تسأليه الصبر" و "بددٌ على بدد " و" ما ذا تغيّر "وهذه مطالعها:

لا تسأليهِ الصبرَ لو جَزَعا  ممّا رأى..بغدادُ..أو سمعَا

فتّشتُ في قلبي فلم أجدِ  إلاكِ قنديلاً يضيءُ غَدي

ماذا تغيّرَ؟نفسُها الأسُسُ..  أمّا الجديدُ فإنّهُ الدلسُ

 

وتذكيرا ً بالإيقاع، فإنَّ تفعيلات الأخير هي:

مستفعلن متفاعلن فعِلن  مستفعلن متفاعلن فعِلن

ج – مجزوء الكامل المرفّل: وهو ما كانت عروضه صحيحة ً، " متفاعلن " وضربه مُرفّلا ً، والترفيلُ "علّة" هي زيادة ُسبب خفيف على ما آخرهُ وتد مجموع، فتصبحُ التفعيلة " متفاعلاتن"، مع مراعاة أنَّ زحاف " الإضمار " وهو تسكين الحرف الثاني، كثيراً ما يدخلُ في حشوهِ، فتصيرُ "متفاعلن" وتنقل إلى "مستفعلن" المساوية لها بالحركات والسكنات وإيقاعه:

متفاعلن متفاعلن  متفاعلن متفاعلاتن

وقد نظم فيه شاعرنا قصيدة ً واحدة ً في هذه المجموعة هي: " عتبي عليك " ومطلعها:

صعّرتَ خدَّكَ فاستبدّا  وأقمتَ دونَ الوصلِ سدَّا

 

2 – إيقاع الوافر: أو تشكيل الوافر الصحيح:

لم ينظم الشاعر في هذه المجموعة سوى قصيدة ٍ واحدة ِفي مجزوء الوافر الصحيح هي:

" أضيئيني " ، ومجزوء الوافر الصحيح: هو ما كانت عروضه " مفاعلتن " وضربه كذلك، مع مراعاة أنَّ " العصْبَ " وهو إسكان الخامس اللام في " مفاعلتن " كثيرا ً ما يدخلُ حشوه فتصير " مفاعلْ تنْ " وتنقل إلى " مفاعيلن " المساوية لها ، وإيقاعه:

مفاعَلتن مفاعَلتن  مفاعَلتن مفاعَلتن

ومطلع القصيدة :

ظميئُكِ فاطفئي شَرَري  بكوثرِ نبعِكِ الخَصِرِ

 

3 – إيقاع السريع: أو تشكيل السريع المقطوع:

لم ينظم السماوي في هذه المجموعة سوى قصيدة واحدة في السريع، لكنّها كانت في السريع المقطوع حصرا ً، أي لم تكن في السريع الصحيح، ولا المذيّل، وهي قصيدة " خذي بأمري"، لذا سنقفُ على السريع المقطوع ليس غير، وهو ما كانت عروضه صحيحة " فاعلن " وضربه مقطوعا ً " فعْلن " بسكون العين، والقطعُ علّة، وهي حذف ساكن الوتد، وإسكان ما قبله، فتصير التفعيلة " فاعلْ " وتنقل إلى " فعْلن " المساوية لها، وإيقاعه :

مستفعِلن مستفعلن فاعِلن  مستفعِلن مستفعِلن فعْلن

مع مراعاة أنَّ زحافي "الخبن" وهو حذف الثاني الساكن، و" الطيّ " وهو حذف الرابع الساكن يدخلان حشوه بكثرة، وهذا مطلع قصيدة السماوي:

ألتذّ ُ بالجرح ِ ليأتيني  صوتك ِ بالطيبِ فيشفيني

 

أمّا قصائدُ التفعيلة في هذه المجموعة فقد كانت خمسَ عشرة َ قصيدة توزّعت على النحوالآتي:

1 – إيقاع الرجز (مرَّ وزنهُ وجوازاته) وقد نظم فيه عشرا ًهي: "أصلُ الداء " و"أفول"

و" في وطن النخيل " و" جلالة الدولار " و" رسالة " و" نقوش على جذع نخلة " و" اكتفاء " و" تعاويذ " و"ملكتِنِي جميعاً " و" صوتك مزماري “، وفيما يأتي أمثلة لأربع ٍ منها:

قال في "أصل الداء":

أربعةً ً كنا مصابينَ بداءٍ

أعجزَ الطبيبَ والعطّارَ في مدينة ٍ

جميعُ أهليها يُعانونَ من التعاسة ْ

مفتعلن مستفعلن مفتعلن مستفعلن مفاعلن مستفعلن مفاعلن مفاعلن مستفعلن مفتعلن فعولن

وقال في "أفول" :

مرَّ على نافذتي وغابْ

مفتَعِلن مفتَعِلن فعولْ

وجه التي أوقدتُ في دمائها

مستفعلن مستفعلن مفاعلن

حرائقَ العشقِ وطرَّزْتُ بوردِ شوقِها حدائقَ الشبابْ

مفاعلن مفتعلن مفتعِلن مفاعِلن مفاعلن فَعولْ

وقالَ في " في وطن النخيل " :

في وطنِ النخيلْ

مفتعِلن فعولْ

ألناسُ صنفانِ..فأمّا قاتِلٌ مستأجَرٌ

مستفعلن مفتعلن مستفعلن مستفعلن

أو مؤجَرٌ قتيلْ

مستفعلن فعولْ

وقالَ في "رسالة " :

يا عابرَ الآفاقْ

مستفعلن فعلان

مُرَّ على العِراقْ

مفتعلن فعولْ

وباسمِ قلبي قبّلِ" الفالة َ" و" المكَوارْ "

مفاعلن مستفغلن مفتعلن فعْلان

والعَبَقَ الطالعَ من بنادقِ الثوّارْ

مفتعلن مفتعلن مفاعلن فعْلان

 

2 – إيقاع الكامل في شعر التفعيلة: لمّا كان الكامل من أكثر بحور الشعر العربي غنائيّة ً ولينا ً، وانسيابا ً، وتنغيما ً واضحا ً ، إلى جانب كونه يتألّف من وحدةٍ صافية ٍ مفردة ٍ مكرّرةٍ فإنَّ شعراء التفعيلة استثمروا إيقاعه، وحلاوته، فنظموا فيه كثيرا ً من تجاربهم الفنيّة، فكان أكثر البحور استخداما ً في بداية الحركة.

ولعلَّ إباحتهم استخدام أي عدد من التفعيلات في البيت الشعري(والبيت عندهم يتألّف من شطرٍ واحد، وليس فيه عروض، إنّما يقوم على الضرب فقط) وانتقالهم من ضربٍ إلى ما سواه في القصيدة الواحدة هو الذي جعل البحور المفردة أثيرةً لديهم، لاسيّما الكامل، فهم أحرار في شكل القصيدة?¹??، فقد يكون شطرها الأوّل مؤلّفاً من تفعيلتينِ اثنتين، وقد يكون الثاني من خمسٍ، والثالث من ستَ عشرة َ تفعيلة، كما في قول السماوي في قصيدة" إباء " :

ما لي ومائدةِ الخليفة ْ؟

مستفعلن متفاعلاتن

خبزي الفطيرُ ألذّ ّ ُ والبستانُ أرحبُ ليْ من الشُرفِ المنيفة ْ

مستفعلن متفاعلن مستفعلن متفاعلن متفاعلاتن

وحبيبتي قربي

أحبّ ُ إليَّ من مليونِ جارية ٍ

أنا الملكُ المتوّجُ

بايعتْهُ حمامة ٌ في القلبِ..

مملكتي رصيفٌ يحتفي بأحبّتي الفقراءَ

حاشيتي الزنابقُ والعصافيرُ الأليفة ْ

متفاعلن مستفعلن متفاعلن مستفعلن متفاعلن متفاعلن متفاعلن متفاعلن مستفعلن متفاعلن

مستفعلن متفاعلن متفاعلن متفاعلن متفاعلن مستفعلاتن

علما ًأنّ علّتي: " الترفيل" وهي زيادة سبب خفيف على ما آخره وتد مجموع فتصبح التفعيلة: " متفاعلاتن" و"التذييل" وهي زيادة حرف ساكن على آخر التفعيلة فتصبح"متفاعلان" كثيراً ما تدخلان على قصائد الكامل التفعيليّة (الحرّة) .

وقد نظم فيه السماوي ثلاث قصائد هي: "إباء " التي استشهدنا بها، و"ذعر" و" إنكسار "

قال في "ذعر" :

مذعورة ً مرَّت على شبّاكِ ذاكرتي الطفولة ْ

مستفعلن مستفعلن مستفعلن متفاعلاتن

مذعورة ً مرّت طيورُ يفاعتي..

مستفعلن مستفعلن متفاعلن

وحبيبتي مرَّت على بستانِ أحلامي خجولة ْ

متفاعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلاتن

وقالَ في المقطع الثاني من " انكسار " :

ما كانَ للشيطانِ يغويني فأدخلُ فيك ِ مملكة َ الظنونِ

مستفعلن مستفعلن مستفعلن متفاعلن متفاعلاتن

فدعي البقيّة َ من يقيني

متفاعلن متفاعلاتن

خَّذَلَ التعقّلُ عنفواني..فالتجأتُ إلى الجنونِ

متفاعلن متفاعلن مستفعلن متفاعلاتن

 

3 – إيقاع الرمل: (مرَّ وزنه وجوازاته) وقد نظم فيه قصيدة ً واحدة ًهي"أخرجوا

من وطني " قال فيها :

هذه الأرضُ التي نعشقُ لا تنبِتُ ورْدَ الياسمينْ

فاعلاتن فاعلاتن فعِلاتن فاعلانْ

للغزاةِ الطامعينْ

فاعلاتن فاعِلانْ

والفراتُ الفحلُ لا يُنجِبُ زيتونا ً وتينْ

فاعلاتن فاعلاتن فعِلاتن فاعلانْ

في ظلالِ المارقينْ

فاعلاتن فاعِلانْ

 تابع القسم الثالث من الدراسة

...........................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف تكريم الشاعر يحيى السماوي، الخميس 1/1/1431هـ - 17/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم