صحيفة المثقف

الاعلام الرسمي وألاساليب الجديدة في الكتابة

منتصف التسعينيات تقريبا كتبت عن مجموعة محمد خضير "المملكة السوداء" بجريدة القدس العربي او بتاريخ مقارب، فسألني اكثر من صدبق من الصحفيين والكتاب العرب في المهجر بدافع الفضول او معرفة المزيد عنه، فاخبرتهم بانه ليست لدي اي معرفة سابقة به، ولكنه من ابرز كتاب القصة العراقيين والعرب، لا ادعي انه كان مجهولا ولكن كان المقال بمثابة اعادة مجموعته الى الواجهة من جديد في المؤسسات الصحفية والاعلامية العربية والقراء في المهجر التي تكاد تكون عالما منفصلا عن الاعلام العربي الرسمي الروتيني والممل، وتتمتع بهامش كبير من الحرية، ولا بد من اعادة تسليط الاضواء على الاعمال الابداعية المتفردة او المميزة، وتناولت في نفس المقال قصته :"بصرياثا" كانت حقا قصة جديدة بعوالمها وبنائها الشبيه بالبناء الهندسي المنظم ولكن بالكلمات وليس بمواد البناء التقليدية. وقصص محمد خضير اضافة الى لغتها المتفردة تمتاز بعوالم مثيولوجية وشعبية احيانا واضحة واحيانا خفية، اضافة الى بنائها الهندسي المتفرد ولكن الطبيعي او غير المفتعل سواء مخطط له بعناية او بشكل عفوي، وحين تبدأ بقراءة المجموعة تستحوذ عليك لدرجة تنسى العالم الخارجي المحيط بك وتنغمس في عوالم القصص.. وعتد توقفك عن القراءة تحتاج الى وقت اضافي للتخلص من تأثير القراءة وتعود الى الواقع المقارب او المتوازي او المتناقض معها او البعيدة عنها اشد البعد .

وردت لدي فكرة غريبة ان مجموعة "المملكة السوداء" من الممكن ان تكون رواية على درجة عالية من التفرد لان شخصيات المجموعة اكثرها تنتمي للوسط الشعبي ان جاز التعبير. اجواؤها مشحونة ومميزة تختلط بعوالم مثيولوجية وواقعية بشكل عفوي احيانا سواء في السلوك او المقتنيات او الافكار او حتى الاماكن والبيوت التي تقيم بها وتدور احداث القصص فيها .

عادت لي تلك الفكرة مرة ثانية بعد ان قرأت قصة محمد خضير: "بصرياثا" كان معمارها او بناءها عملا متفرداهو الاخر يصلح لعمل روائي على درجة عالية من التميز اخذت منه المشاهد الوصفية والخيال وهندسة المكان مساحة كبيرة من القصة بحيث اصبح دور الشخوص ثانويا احبانا في القصة .. .اننا بحاجة الى التوقف قليلا عند الاعمال الادبية المميزة التي تركت اثرا كبيرا في الحياة الادبية العراقية والعربية واساليب الكتابة والتقنيات الجديدة في الكتابة التي ادخلت فيها منذ الستينيات الى الان بما في ذلك قصيدة النثر التي ما زال النقاد يختلفون بشأنها ودورها واهميتها .

ورغم انقضاء كل هذه السنين وربما بزمن طويل من قبل، مازال المبدع العراقي والعربي بشكل خاص يعاني من نفش المشكلات ومهما اجتهد فانه واقع بين الاعلام الرسمي المليء بالمبالغات والتبعية للمسؤول والروتين والجمود والانحياز للسلطة بشكل مطلق، والحرية التي هي شرط اساسي للابداع رغم اختلاف اجناس الكتابة، ورغم الافاق الجديدة وغير المحدودة التي اوجدها العالم الرقمي الذي يهدد الجمود الذي يعاني منه الاعلام الرسمي على مستوى الانفتاح وعدد القراءات وسرعة الوصول الى القاريء في اللغة التي يشاء وكذاك التفاعل معه بشكل مباشر وفوري وربما في المستقبل البعيد او القريب سوف لا نلاحط اي وجود او تأثير من اي نوع للاعلام الرسمي بشقه السياسي بشكل خاص، بسبب العالم الرقمي و تاثيره وفعاليته وسرعة انتشاره و مواقع التواصل الاجتماعي مثالا على سرعة التأثير والانتشار وعدد القراءات والتواصل المباشر بين طرفي العملية الاعلامية : "المرسل والمتلقي" التي اختزلها العالم الرقمي الى طرفين متفاعلين بشكل مباشر وحر .

      

قيس العذاري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم