صحيفة المثقف

سيميائية الإشارة دلالة وسياق.. قصيدة: أصابعهم تلائمني للشاعر د. جاسم بديوي

adnan aboandolisإن للأصابع حركة مفهومة ومعلومة لدى الناس، لكنها مختلفة من بيئة لأخرى،وربما تعني بطريقة عكس المفهوم المتداول ، لكنها مشتركة في التفاهم كلغة صامتة \ إشارية ، كحركة الأصابع منها مايرمز للنصر \ النجاح \ الإعجاب \ الخلاص وغيرها، والتي تعبر عن مدلول إشاري بلغة خرساء عوضاً عن لغة الصوت . أن ماهو متآلف عليه كرمز إشاري متفق عليهِ، ربما تعوض حركة الأصابع كلغة إشارية يعول عليها كدرء لخطر أو تجاوز عائق و.و- لكن مايثيرني عنوان القصيدة –أصابعهم تلائمني – كشهادة ناطقة بلغة الصمت وذات بعدٍ قد يفسربمداليل اُخرعبر بعد فلسفي أراد به التعبير الرمزي كرؤيا خاصة به :

مررت ممرغاً بالدفء \ إذ ينتابني شكلي \ رأيت الناس ينتفضون من حولي \ أصابعهم تلائمني \ وأكثرهم من الشرفات – يقذفني عظاماً – مفعماً بالتيه.

حالة الشكوى ظاهرة في النص بدلالة الشكل غير المتجانس مع الناس، إذ يساوره حركة الإضطراب والإنفضاض من حوله لغرائبية غير معتادة لدى البعض، وقد شكلت سيميائية الإشارة بأصابع موجهه له –هو – لذا تراه يُرجم – يرمى – بعظام من شرفات تتطلع بما هو غير مألوف عبر إشارة – هو – أنت – ذلك إلخ...

عذارى تكتفي با لـ ( يا) \ ولطمَ الخد \ وحين \ مررت \ على إمرأة رأتني مقبلاً سهواً \ تكوّرَ طفلُها النائي بمفردهِ \ وسدَّت بابها الخائف \ أو العصبي، \ لا أدري .

إن مفردة التوجع بـ (يا) تلائم من حيث المناخ للعذارى وحيث الحياء ملازم لهن حتى في أشد حالات الرعب – فلطم الخد تفريغ لشحن عاطفي مملوء بإنوثة تجاه التوجع الماثل،غير أن إختلاف العذارى عن غيرهن – مثلاً – إمرأة عادية – عبر عاطفة طازجة والتي تكاد أن تكون حصرياً – لذا كانت سيمياء إشارية متعددة الأسباب والمسميات :

وحين مررت – أتى ثقب صغير قيل قيما بعد –مزاياه تناسبني – وصلت بقرب جيراني – تؤنبني سؤالات المزاليج التي تقفل –لا أدري !

حالة التيه وعدم الإستقرار واضحة جلياً بدلالة – مررت – المكررة ثلاث مرات عند بدء كل فقرة من القصيدة – حيث لا مستقر يركن إليه ولا ركن ياويهِ، حيث شكلت مسيرته الراجلة –كمنبوذ أو معتوهٍ أو ضائع – مشرد وإشارات الأصابع توجه اليه – تلك الإستمرارية دون توقف لتلك المتاهة التي واكبها كأنها مفروضة عليه – حتمية زمانية لطريق مفعم بالصد والرجم وقفل الأبواب وإنزال المزاليج بوجهه دون إستيعابه، تلك علامات إشارية غير محببة أو هو غير محبب أو مرحب به،قد شكلت ملامحه الغير المألوفة مردود سلبي هو ناتج عن صدود جمعي :

سمعت منادياً \ بالقرب من شفتي : \ بُنيَّ إرحل \ بُنيَّ إرحل \ ... تسامحك الصحاري يا إبنـ \ فلا الدار التي تجتاحها \ دارك \ وليس البر أن تأتي البيوت \ .. ممرغاً بالدفء .

الأصابع في مستهل القصيدة وفقراتها المتتالية،كانت موجهه إليه بإشمئزازية واضحة،حيث يبان من تأشيراتها بعدم الرضا من واقع شكلي يحتم إجتذاب الجميل، لكن في هذا المقطع تغير الحال حيث الصراحة والصرامة تلزمه بالرحيل إلى أرض شاسعة تحمل أحزانه التي كابدها على مضض وإمتداد الصبر بإشارة وفق نصح لمنادي تهادى صوته في هباب بعيد.

 

عدنان أبو أندلس

كركوك

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم