صحيفة المثقف

ركيزة الهيمنة الروحية.. الشاعرة الجزائرية خيرزاد ساسي في قصيدة: آلهةُ الحبِّ

adnan aboandolisلم يحظ موضوع ما في التفكير الإنساني، مثلما حُظي الحب بهذه اللطافة والإستذكار ألحميمي،فقد شكل وشغل حيزاً كبيراً من التفكير والإستئناس بهِ في عصور خلت ومضت ومازالت وأُخرى آتية وما بعدها، كونهُ محمولاً على دفقة شعورية من الوجدان مستأنسة ومتعلقة بأعماق الروح الملتاعة، بدءاً من الميل والهوس مروراً بالصبابة وحتى آخر مرتبة ومنزلة قلبية ألا وهي – الهيام – حدّ الوله – فأن الآلهة التي تحرسهُ أي القلب – ليس بغرابة التسمية _لذا تطرق الفلاسفة والدارسون والعارفون حق اليقين من أنه يستحق منا المزيد – فكانت دراسات مطولة في التأليف والبحث والتقصي وغيرها من إهتمامات الذائقة الإنسانية عموماً، هؤلاء بأقوالهم " من أن الحب مركوزاً في طبائع النفوس دائماً،فالطبيعة البشرية مجبولة على الحب دائماً لايعدم بها البتة،مادامت الخليقة موجودة " فـ آلهة الحب في الميثولوجيا ولدى الشعوب يتغير إسمها من حضارة لأخرى طبقاً للمتغيرات اللغوية،وهذا ما نود ذكرهُ لاحقاً:

في أفق غشّاه الغمام...

تلوح شعلة...

ألبستْ الحياة إيقاع الفرح...

كأنّ فينوس أتتْ...

تسنّ ناموس الحبّ...

وتنثر على الأرض...

عبير أنفاسها

المحب ينظر بعينٍ متفائلة،ذلك الرسوخ الوجداني الذي يحملهُ بين جنباتهِ بنزعة صادقة، أراها تطغى على كافة المشاهدات المصطنعة العيانية منها والمخبأة عنها، يحولها أي – المحب إلى رؤية تسُّر الناظِر،فالأفق الملبد بالغمام والغشاوة السوداوية ربما قبل الولوج في دائرة الحب –أي قبل أن يُحِب أو يُحَب !.. وكما قيل "طُوبى لمن أحب وعرف كيف يحب" فـ الحب مأخوذٌ من حبة القلب، فما يداهمُ قلباً تراهُ يتوهج جمالاً بشعلة الرؤية – النور أمامهُ ومن خلفهِ الظلمة –فلباس الآه – هو إيقاع فرحهِ القادم ... كأن فينو أتتْ – فـ آلهةِ الحب والجمال عند الرومان –وعند اليونان هي – أفروديت – فمعناها بكل اللغات – الجميلة – فهي الزُهرة في السماء – لأن مسكنها هناك متسامية عن بقية الأشياء الأرضية، وكما في ميثولوجيا الشعوب:

تُخبِّئ في بياض الياسمين...

قلبها العاشق...

وتسرق من عناقيد الوقت...

حبّة شرود...

قد يبدو إقتراب اللون في هذا المقطع، كمقارن حِسيّ بين الياسمين وقلب العاشق،فكلاهما مرتبطان بتوهج صادق من حيث – دفقة المشاعر- ياسمين – قلب – فالجامع بينهما هو – البياض الناصع – هذا الإتكاء على ركيزة ثابتة من اللوعة التي يخفف ثقلها هو   – البوح –المتنفس - الإرتكاز –هو تمدد النفس الحُلمي لحقيقة الحب، فصفاء قلب العاشق وتكدر نفسية المعشوق – مردهُ الشوق والغياب –فسرقة برهة من الوقت لإستصلاح تذبذب الدفقات – النبضات – التي تطرأ على محياهُ في اللحظة المواتية:

تعانق فيها لهب النّار...

وتُراقص زفيرها...

حافية الرّوح...

وتغفو محترقةً...

على شهقةٍ وُشِمتْ...

على صدر كيوبيد

الحمية الروحية طغت كلياً على إنيسيابية المشاعر والنفس في تسلسل المفردة تباعاً وفق معطيات مرتكزة على تفاعلات متبادلة من الإحياء – وكما نلاحظ معاً في – تعانق – تراقص – تغفو – وببدائلها – لهب النار – الزفير –الشهقة – الإحتراق –كلها مفردات داخلية تمور في الوجدان – متحركة ذات طاقة – هي التي تحتك بجدارها المعنوي قد تولد طاقة في الروح تمور وتتعالى بفعل – آلهة الحب – السماوية، فما زال سهم –كيوبيد يخترق ويطعن القلوب بإشتهاء اللوعة – ذلك السهم ذو الرأس الأحمر من أثر الدماء يغوص بأكباد العذارى عبر رسومات بريئة في جذوع الأشجار وجدران المدارس وحيطان البيوتات الفقيرة مع لوعات الآهات الملتاعة،أنه المهيمن بسطوة الخفقة والنبظة معاً،لتلك القلوب الملتهبة أبداً بالحب .

 

عدنان أبو أندلس - كركوك

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم