صحيفة المثقف

لولا التطبيق الخاطىء لحكم الدولة لاصبحنا دولة مثل اليابان والصين!!

abduljabar alobaydiليس في هذا المقال انتقاص من الاسلام ومرجعياته او انتصارا له ولها بهدف العاطفة والأنتماء، بل بهدف تبيان الحقيقة الغائبة عنا اليوم، والتي غيبتها مؤسسة الدين التي شرعنة الباطل والدستور الناقص خدمة لها ولسلطة الحاكمين .

اسلامنا ودولتنا اليوم يقفون على ارجوحة طرفها الأول يقف فوق جرفٍ هارٍ تحته قاع عميق، يتمثل في قيادته ومرجعيته الدينية، وعلى طرفها الثاني تقف حضارة الانسان الحديث ومسئوليته عن الوطن على آوتاد من حديد ثابت البنيان بقاع رصين . علينا وتحت كل الظروف القاهرة اليوم ان نمسك بطرفها الثابت كي لانسقط في قاع النسيان وننتهي كأمة وحضارة بناها الاجداد من سنين، ليرثها احفاد الفاسدين الخاسئين، من أمثال مشعان الجبوري والشلة الفاسدة في المنطقة الجرباء من الحاكمين بتأييد مرجعيات الدين.

 لكن هيهات يسقط العراق الذي ما سقط يوما الا وعاد اقوى من كل الساقطين، رغما عن ايران وكل خونة التاريخ .لذا علينا ان نصمد ونستمر في الصمود ونضاعف الجهد ونتظاهر ونعلن العصيان على جرذان المنطقة الجرباء، ولا نتعاون بالمطلق مع القاتلين السارقين لقوت الشعب، وعلى البغدادية المخلصة ان تنسى مرجعيات الدين التي اجازت الباطل وشرعنته بفتاوى الدين فأوقعتنا بمحنة الزمن والتاريخ .ان السؤال المهم هو : اين تكمن الحقيقة في هذا التردي الحضاري والانقسام الديني والخذلان السياسي المستمروسط أكاذيب القلم وكتاب السلطة من المنحرفين؟ وهل نحتاج بعد اعترافات الفاسد شيخ الدواعش مشعان الجبوري على الملأ بأنه مرتشي وان كل السلطة دون استثناء مرتشية وفاسدة في دولة العراقيين؟ اذا كان مشعان كاذبا في أتهامه لسلطة مجلس النواب والحكومة والقضاء، فلمَ لا يستدعى للتحقيق ؟، واذا كان صادقا عليهم ايضا الاعتراف بشجاعته في قول الحق او ان يتنحوا عن سلطة الشعب وان يقدمهم القضاء لمحكمة التاريخ ؟ .

فهل جواب المرجعية اليوم ستعيد لنا الامل في التحرير...؟ لا أظن لأنها منهم بعد ان شرعنت الباطل ...وتسلط الفاسدين ...وغطت عليهم، فالعراق ليس ملكا لها وخطبائه من امثال الكربلائي والصافي وغيرهم كثير ..ألا اذا أثبتت بالدليل والبرهان القول الصحيح ... بأعلان اسقاط الشرعية عن الحاكمين الفاسدين كما اسقطوها اهل البيت عن كل الفاسدين، وتقف الرئاسات الثلاث وكل المؤيدين الباطلين في مقدمتهم ..ولا اعتقد انهم فاعلون؟

لقد قرأنا السيرة النبوية من الاخباريين الأوئل واصحاب المغازي الثقاة امثال الواقدي ومحمد ابن اسحاق فكانت سيرهم ملتزمة بالدقة والضبط والامانة وتحري الصدق والموقف الحازم في الأزمات ...قدر ما استطاعوا.أما مرجعيات الدين اليوم فهي الاساطيرالتي شابت اخبار الاحداث التاريخية الباطلة والمتمسكة بها مؤسسات الدين اليوم، فقد كان مصدرها التفسيرالذي شابه نقص المعرفة في تفسير الحدث فلجأ الى اخبار الامم الماضية ومن الاسرائيليات وحكايات الفرس واليونان وما رافقها من افتراءات الصراعات السياسية بين الامويين من جهة والعباسيين

 والعلويين من جهة اخرى فأدخلوها جميعها في تفسير القرآ ن الكريم وختموها بكلمة هكذا قال العلماء ورجال السلف والله أعلم، وانا واثق ان بعض الايات حرفوها بأيديهم بشهادة القرآن الكريم، البقرة الآية 79 .فاصبح التقدم عندنا مبنيا على الحدس والتخمين لا بالبرهان والدليل .بعد ان انبروا انفسهم لسرقة المال العام وتهديم قوة الدولة وشق صفوف المواطنين.واليوم يظهر الاعتراف منهم باليقين، فماذا سيكون ردهم؟

هذا العراق العظيم يصبح ابناؤه يستجدون الاخرين، يا للعار عليكم يا حكام المنطقة الغبراء اجمعين.

لا شك ان التاريخ بنصه الصحيح يجب ان ينقل من مصدره دون تزييف، لا خدمة لاغراض سياسية او مذهبية حتى يبقى علم ثابت الأركان والقواعد، له موضوعه ومناهجه ودوره بين فروع المعرفة وبه ينقل الخبر الثبت في دراسة التجربة الاسلامية - حلوها ومرها - منذ بداية التاريخ وما رافقها من تجارب على الأرض نقلت بتقصد الخطأ والمصلحة، فأفرزت لنا كل هذه الخصومة التي أحدثت تشكيكاً في الحقائق التي اودت بتاريخنا ومجتمعاتنا الى الفرقة والانقسام والتباعد بحجة المذهبية والطائفية والقبلية التي احيوها اليوم بقصد التفريق؟

 وأظهروا الاجتهادات الفردية التي ليس لها من اصل في النص الديني المقدس حتى قال علماء الصدق : "أياكم والخصومة في الدين"، فأنها تحدث الشك وتورث النفاق الذي هو أصل كل افتراق" .الدين لا يخلق دولة بل يكون مراقبا عليها في تطبيق نظرية السراط المستقيم، هكذا قالها الامام جعفر الصادق (ع)، لذا يجب فصل سلطة الدولة عن سلطة الدين، ولنرمي مرجعية الدين على قارعة الطريق هم آفة هذه الامة في التطبيق .

ان ممثلي اهل البيت لا يتعاملون مع التدمير والسرقة وقتل المواطنين وبيع الوطن وسرقة امواله مع الاخرين..اليوم هرب زيباري وغدا سيهربون..ليتسكع في لندن كما تسكع من قبل كل الاخرين ؟

كان يجب على المؤرخين وكتاب السير ان يكونوا منتبهين لرجال التفسيرالمختلفين - لدينا اليوم 115 تفسيرا للقرآن الكريم - الذين ما عاصروا الحداثة وتطور اللغة بكل محسناتها البديعية، ولم يلموا بمعرفة النص سوى الحدس والتخمين لمنفعة شخصية وسلطة الحاكم دون مراعاة لنظرية الحق والعدل التي جاءت مرافقة للنص .لا عتب عليهم بعد ان جاؤا من مجتمع غير منظم

أكتسب افراده العيش بطرق ذهنية غير منظمة متبلدة ذهنيا وغير متدربة تدريبا عقليا ومنهجيا، لذا جاؤا بكل خطأ تحملنا نحن تبعاته في ظل حكومات او سلطة دينية لا تعرف معنى الحكم والسلطان ونظرية الحقوق بالمطلق. فكان الخطأ نتيجة انعدام المعرفة والتدريب معاً.

وهكذا حولوا الامة الى اتباع - لطم وزنجيل وتخريف - الدولة تحكم بالمؤسسات التي يديرها رجال الحكم المخلصين لا رجال التخريف في الدين .

اجتمعت البارحة قوافل الخيانة والفساد الرئاسات الثلاث، ورؤساء الاحزاب والكتل، ونقولها بالحرف الواحد (حرامية السلطة ) يحيط بها الجرخجي الاول ليضفي عليها شرعية الناقصين، فماذا فعلوا سوى ترديدا لمقررات سمعنا بها منذ سنين ولم ينفذ منها بندا واحدا على الصحيح، وحين انقضى الاجتماع (والزقنبوت) أنفض الاجتماع دون ذكر للتنفيذ .

 هنا تقدم السيف والنطع ليكون بديلا عن القلم فكان ما كان من نظريات السفسطة والتخريب والاعتداء على المتظاهرين المطالبين بحقوق الناس في التنفيذ التي قادها فقهاء الكتل الخائنة والاحزاب الرخيصة من العرب والاكراد والاقليات الاخرى .فضاعت الحقوق بينهم حتى هزلت وضعفت وماتت على ايدي الاخرين. ليخرج الحرامي المجرم عباس البياتي ليُنظر لنا نتائج التحقيق ؟

نحن لا نريد التجربة ان تتكررعلى الخطأ، بل نريدها تتكرر على ايدي الوطنيين ...؟

وجاءت نظرية الرئاسة عندهم بدستورمخترق (انظر المادة 8 الفقرة4 ) ولا قواعد تحدد سلطة الخليفة وصلاحياته بالقانون بعد ان ضربت الشورى وحلت الرئاسة بالتوافق المشين، ولا حق للأمة في الانتخاب الصحيح بل بالمقسم الانتخابي والتعيين والتبديل حتى حل عام الجماعة الجديد فتحولت فيه الامامة ملكاً كسروياً، والخلافة غصبأ قيصريا ولم يعد ذلك اجمع على الضلال والكفروالفسق بين الجميع . فتوارث الاكراد الرئاسة وها هو جلال طالباني يعترف انه ليس عراقيا، والشيعة الوزارة، والسُنة مجلس النواب الباطل، وكاننا عدنا للقديم منا امير ومنكم أمير. اما كفاءات الوطن فبين قتيل وشريد وسجين .

من هنا يكتب التاريخ ويظل ساريا عند الحاكم اليوم بتـأييد سلطة الدين.هؤلاء الذين فات زمانهم في تفسير حقوق الناس والمواطنين، والقرآن لا يعترف بهم ولا يخولهم حق الفتوى على الناس اجمعين، هؤلاء الذين لا هم لهم الا البطن والجنس وتجميع الثروات في لندن ونيويورك وباريس، واحتكار السلطة، والثروة، والمعرفة، وتصفية خصومهم السياسيين، حتى أجازوا نظرية ملك اليمين بغير ما جاء بها القرآن الكريم، ودمروا حقوق المرأة ليوغلوا في الجنس وعبودية التقديس، وكل ما يثير الخصومات من لجاجة وما يجتهد به كل خصم من ان يدحض

خصمه غير ملتفت الى الحقيقة في قوله او في أدعائه من صواب. وما دروا ان الخصومة حول الحقائق الدينية وحقوق المجتمع هي آفة الأمم في قديمها وحديثها في السياسة والدين.

هؤلاء لم يدركوا ان تحديد الفكر وتحريمه على الناس لا يأتي بخيرأبداً. وهذا هو السبب في ان الفكر السياسي عندنا اصيب بالشلل.فحلت نظريات الافتراء محل نظريات الصدق، وما دروا ان ليس هناك احلى واحسن من الصدق والامنة، لكنهم لا يفهمونها لأنهم عاشوا مع الخيانة، وهم لا زالوا يرددون ان القرآن دستورنا وما دروا ان القرآن ثابت في نصه والدستور متغير في معناه وتطبيقاته فكيف يوفقون؟

لقد استمدوا هذا الهراء من فقهاء القرنين الثالث والرابع الهجريين فاصبح لكل مجتهد مذهب نيابة عن القرآن الكريم، فتعددت الفرق واصبحت اكثر من سبعين كلها في النار الا واحدة كما يقولون، ولا ندري من هي الواحدة؟.

كل لها رأي في تطبيق الدين فأختلط الحابل بالنابل بعد ان اصبح النص الديني لا يمثل المعيار السياسي الوحيد الحقيقي في حكم الدولة وقوانين الناس والمواطنين...من هنا دخلت الاراء الفقهية المختلفة، وعدوا المناظرة بين الامام الصادق(ع) والامام ابي حنيفة النعمان (رض) في مسألة القياس خصومة في الدين، فتلاقفتها الفرق المعادية وعدتها بعداً دينيا بينهما، كما هي اليوم بين الكتل والاحزاب ومليشياتها القاتلة للمواطنين في وقت ان اهل البيت لا علاقة لهم في حكم الدولة (الامام الحسين (ع) لم يطالب بالخلافة بل برفع ظلم الامويين عن الناس، والامام الكاظم لم يحارب الرشيد الا لان الظلم كان فاشٍ ببابه على المواطنين، والامام الصادق رفض خلافة العباسين، أنظر دائرة معارف اهل البيت التاريخية)؟ بل كانوا مراقبين للعدل والاستقامة في الدين، وفي وقت لا يصح التوارث والاختلاف في حقوق المواطنين والدين ..

ان المروجين للخصومة مادروا ان عاشة بنت ابي بكر هي زوجة محمد(ص)وان أم كلثوم بنت علي (ع) هي زوجة عمر، وان احدى بنات محمد (ص) هي زوجة عثمان وان ام فروة أم الامام الصادق هي حفيدة ابي بكر الصديق.... فمن اين جاء الاختلاف كما يرويه فقهاء النفاق في دولة الدين؟

نحن نملك المثل الأعلى ...والنموذج... والنظرية والتطبيق... والرؤية الحقة في التطبيق، وبهذا نملك المنهج ونملك المشروع بمنطلقاته وتوجهاته وقسماته، وهي بكل تأكيد تمكننا من ان نحدث تغيراً جذرياً في مستوى النظر والعمل معاً...وفي مستوى الرؤية التاريخية اذا ملكنا قوة الحق في التطبيق بأزاحة كل المفترين، لكن شرط هذا المنهج والمشروع هو ابعاد سلطة رجال الدين وكل ما هو يعيق النظرة السلبية للديانات الاخرى خدمة لوحدة المواطنين؟ ونستبدلها بالدستور الحق والقانون لا بدستور المزيفين وقانون دولة القانون المالكية الباطلة في التزييف ..

نحن ندعو الى رفض الاعتراف بالمعرفة الاشراقية الآلهامية الخاصة بأهل العرفان وحدهم. وعلينا ان ندرك ان الكون مادي والعقل الانساني قادر على الادراك ومعرفته، والعلم لا يعترف الا بالمادة والعقل مهيأ للأدراك، ساعتها سنسقط نظريات سفسطة حكماء الدين الذين يستندون الى دكتاتورية السلطة في الانغلاق، ويتمسكون بقدس الله سره دون الاخرين . من هنا سندرك بأننا لا يمكن ان ننشأ دولة مدنية الحقوق الا بأزاحتهم من معترك التاريخ، كما فعلت الدولة المتقدمة في اوربا واليابان والصين، لذا لا يمكن ان نخرج من عنق الزجاجة الا اذا ثبتنا مرجعية الدستور والقانون لا مرجعيات الدين، ولا قوانين عشائرية المنحرفين، ولا جهاد الكفائيين الذي به حمت مرجعية الدين السلطة واولادها من الدفاع عن الوطن والمواطنين المنفردة بالمال العام والوظيفة دون المواطنين .

نحن ندعو الولايات المتحدة الامريكية الى اقصاء شخصيات الحكم الحالية اليوم، لانها هي راعية التغيير، وان هؤلاء ما جاؤا بانتخابات شرعية بل بسرقة اموال المواطنين والرشوة والتزوير، وغدا ستكون امريكا والرئيس آوباما الكبير مسئولين امام التاريخ ...؟

 

د.عبد الجبار العبيدي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم