صحيفة المثقف

قراءة في قصيدة رائحةُ النارنجَ تملأُ جيوبي

khayra mobarkiموسمُ القطفِ

يخضرُّ في الفساتينِ الماطرة ..

البلابلُ

عشعشتْ

في حنجرتكِ ..

كلّما فتحتُ أزرارَ الليلِ

تنهمرُ اقماركِ ..

تُرصّعُ

اخاديدَ وجهي

بياقوتٍ أحمر .........

مُذْ كنتِ .....

ورائحةُ النارنجَ تملأُ جيوبي ..

ينابيعكِ

تعمّدُ الكلماتَ

إذا إنتابها الشلل ..

يااااااااااااااالكِ ........

تحتلينَ العيونَ

فيشعُّ الأفق ............

كيفَ

تهشّمينَ

زجاجَ

تقاويمٍ نازفةٍ ..

ترممينَ

قحطَ أحلامٍ ثملةٍ

تمطرُ بالأشتياق ..

وتنشرينَ

على حبالِ الوصلِ

مباهجَ الأزهار ... ؟!

 

بين النارنج ورحيقها قصة وصل معتقة بنسائم الليل ..هو ما أوحت به هذه المقطوعة للشاعر Kareem Abdullah ..في الخطاب أنثى ثاوية في أعماق عاشقها يرتل عشقه لجمالها ويسبح بآيات السحر ومباهج الأزهار وينشد الوصل على أنغام أحلام ثملة ..هو غزل وصدح بالعشق الأبدي ..ولكنه ليس كالعشق ..والمعشوق ليس كمثله ...المعشوق وطن يتهادى في أحلام شاعرنا يرنو إلى الوصل ويقف على أطلال زمن اندثر وولى ..أطلال معتقة بالذكريات المنسية ..ولكن شاعرنا يحييها في ذاته نغما يعيد إليه روحه المفارقة بالنزيف ..بهذه الرحلة التي أعلنها جوازا إلى الفردوس المفقود ..وهذا الحضور لعناصر الطبيعة والانسجام التام بين عالمها وعالم المرأة في إطار تخضر فيه الفساتين الماطرة وتعشش فيه البلابل ..ويتضوع فيه عبق النارنج ويشع الأفق ..هو الحلول بين المرأة والطبيعة ..وهو منبع الطرافة حين يخاتلنا شاعرنا ويقنعنا بغير ما يعرض .. فيتوه في عالم أنثاه ويشكو نأيه وبعده ..ويرنو إلى حبال الوصل يقاوم الحاضر ويشيده على أنقاض الماضي حين يهشم الزجاج ..إنها صورة الوطن النازح في الشعاب ..على السكين يرقص ..لم تشفع له ترانيم البلابل ولا زخات المطر في أن يرتقي عن أسن الواقع ويغتسل بالدمع الشارد في المقل ..وطن ينزف بأمال منسية يصورها الشاعر على أنها قصة وصل مندثر بين عاشق ومعشوقه فتغدو بذلك القصيدة بمثابة الصورة الاستعارية الكبرى ..تقول وكأنها تستعد للقول ..بلغة مراوغة ..موحية ..وتشكيل بصري ناب إيقاعه عن إيقاع النغم والأبجدية ...فينفلت الخيال ويعلن عصيانه لنحضى بالابداع ولذة القراءة ..دمت مبدعا شاعرنا .. كريم عبدالله – بغداد - العراق

 

بقلم: خيرة مباركي (ناقدة وتشكيلية) .. تونس

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم