صحيفة المثقف

شهادة الدكتوراه والترقية العلمية في الجمهورية العراقية العظمى (الفرزة الاولى)

abdulelah alsauqالتقيت باحد رؤساء المراكز الثقافية العراقية في البلاد الغربية (وقد احال المركز الى حسينية) وانا اعرفه منذ ان كان في القماط ، أي والله، وقدم لي نفسه على انه دكتور فلان الفلتاني فابتسمت في وجهه وقلت له بدم بارد اذكر لي اسم الجامعة التي درست فيها مرحلة الدكتوراه واسم البلد وتاريخ الابتداء وتاريخ التخرج ثم اذكر لي الدروس التاهيلية واسماء اساتذتها ثم اذكر لي اسم المشرف عليك مرحلة الدكتوراه ودرجته العلمية واسم اطروحتك وتصنيفها العلمي مع ضرورة ذكر اسماء لجنة المناقشة ودرجاتهم العلمية فاكفهر وجهه وتهيأ لي ان بنطاله قد ابتل، وقلت له يا دختور مرة سمعت العلامة الدكتور مالك يوسف المطلبي في باب كلية الاداب يقول باعلى صوته ممنوع من الان فصاعدا ان يناديني احد منكم دكتورا    لان رجلا اسمه حميد ادم ثويني حصل على الدكتوراه اذن لم تعد الدكتوراه تعني شيئا ثم ان لقب دكتور الذي يحمله احمد العبادي رئيس وزراء الجمهورية العراقية العظمى فيه اشكال كبير، فبأي آلاء ربكما تكذبان؟

(بسم الله الرحمن الرحيم

مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).

الدكتوراه المعمقة واختصارها PH.D،، اي فلسوفي دكتور  Philosophy  Doctorتعني درجة العالِم والعالِمية وفي علم الوحدات قد تساوي سنوات خبرة مقننة بالسعة والعمق والزمن والكم،وهناك انماط من الدكتوراه وخاصة في بعض دول الاتحاد السوفيتي سابقا و فرنسا تكون  درجات بعضها  يعادل عندنا شهادة معهد بعد الاعدادية  او دبلوم ،وفي هذه الدول (بعض دول الاتحاد السوفيتي سابقا و فرنسا)

جامعات عريقة ذوات سمعة عالية تمنح الشهادة  كدكتوراه تعادل الدكتوراه الاعتيادية مع ترقيتين لرصانة الجامعة والشهادة، وفي العالم المتمدن هناك دكتوراه فلسفة يمكن ان تكون في اي اختصاص من الطب الى الفيزياء الى العربي الى الى،، يعين حامل الدكتوراه المعمقة بدرجة مدرس غالبا ان لم يكن حاملا على درجة سابقة،،  مثلا درجة الزميل المرحوم دكتور جليل رشيد فالح وكان يدرس معنا  الدكتوراه ودرجته استاذ مساعد وهي أعلى من درجة رئيس قسمنا الفاضل  الدكتور عمر ملا حويش وكان رئيس القسم لفضله لايراقبنا في الامتحان احتراما لدرجة الطالب جليل رشيد فالح،، ثم بعد دراسات وبحوث لاتقل عن 3 سنوات يترقى الى استاذ مساعد وبعد سنوات من البحث والتدريس وتقديم دراسات وبحوث لاتقل عن ثلاثة كل بحث بدرجة ممتاز اصيل ومرور ثلاث سنوات يترقى الى استاذ مشارك (في العراق الترقية من استاذ مساعد الى استاذ مباشرة  وهذا سلوك غير علمي يستهين بدرجة الاستاذية) وبعد سنوات من البحث والتأليف يقدم ثلاثة بحوث يشرف عليها علماء مشهود لهم بوزن (في العراق) مثلا علي جواد الطاهر ومحمد مهدي المخزومي او احمد مطلوب او خديجة الحديثي وعناد غزوان والبحث ينبغي ان يكون بدرجة اصيل مبتكر يرقى الى درجة استاذ كامل فول بروفيسور Full professor العلامة الكبير مدني صالح  حصل على الاستاذية وليس معه سوى ماجستير والطود العالم طه باقر الحسيني استاذ كرسي وليس معه سوى الماجستير،،  وكذلك فقيد العلم الكبير ابراهيم حرج الوائلي فهو استاذ كامل الاستاذية وكان الوائلي مختصا بتدريس طلبة الدكتوراه ودرسني ومازلت فخورا لانه درسني وليس معه دكتوراه ، بل ان  السير جيمس فريزر مبدع كتاب الغصن الذهبي حصل على كرسي الاستاذية في جامعات غربية رصينة مثل اكسفورد وكامبردج وليس معه شهادة عليا،،  الأستاذ ينتهي مشواره بعد الاستاذية  فتتنخل  بعض الجامعات المرموقة  اسمه المرموق لكي تمنحه درجة عظمى وهي استاذ كرسي ولا شيء بعدها سوى الراحة او الموت Chair professor،،

كنت في منتصف الثمانينات من القرن العشرين مدرسا في جامعة الموصل العريقة العتيدة وفي مقابلة اجراها معي الاديب والقاص والصديق  الاستاذ عبد عون الروضان قد اقترحت تشكيل مجمع اكاديمي يراقب الكتب المنشورة دراسات كانت ام دواوين وتقرأ المطبوعات بدقة وحرص أكاديميين ثم يستدعى المؤلف وتشكل له لجنة مناقشة علمية وتناقشه فيما كتب وتأخذ بعين الاعتبار دفاعه عن  مطبوعه وتختلي اللجنة ثم توصي بمنح المؤلف بكالوريوس ان لم يكن معه بكالوريوس واذا كان معه فتمنحه ماجستير، بل ان العلماء والمبدعين الكبار يمكن ان يكونوا ضمن لجنة مناقشة الدكتوراه وقد حصل ذلك فعلا  وقتها مثل العلامة جلا ل حنفي والشاعر عبد الوهاب البياتي والشاعرة لميعة عباس عمارة، فضلا عن منح هؤلاء واضرابهم دكتوراه حقيقية وليست فخرية بل وحتى الموتى يمكن مناقشة كتبهم وطبعها طبعات ذهبية وتقديم ريعها لعوائلهم ويمنحون درجة دكتوراه مثل الاب انستاس ماري الكرملي وعباس العزاوي وعبد الرزاق الحسني وعبودي الشالجي وعبد الكريم الدجيلي وجعفر الخليلي  والشيخ اسد حيدر وعبد الرحمن التكريتي ... إ . هــ وكما ان  الجوامع  والكنائس والمنديات بسل على من لايريد ان يعرف قداستها، فإن الجامعات محرمة على الزعانف والطحالب والأشنات (والحر تكفيه الحجارة في هذا الزمان) كما حرمت مكة على اليهود الجامعات محرمة على الدهاقنة في السياسة ومن يحاول تنجيس الدين الطاهر باغراضه البشعة الجشعة، للجامعة حرمة كمثل حرمة المسجد كمثل حرمة العرض، لايجوز ان يدخل عليها الغرباء، وهي لا تخضع لسوى مستجدات الفكر العلمي الاكاديمي  بعيدا عن المؤثرات الدينية والفكرية والحزبية ، وهي ممنوعة على الدخلاء والغرباء وبين ايدينا جامعات عريقة مثل جامعات  الكوفة وبابل والقادسية والبصرة وما بين هذه الجامعات وهي سانحة قد تكون الوحيدة والأخيرة لنثبت من خلالها للعالم اننا في هذه البقعة من الدنيا نحترم العلم لوجه العلم ونكرس احترامنا حد المبالغة والتوجس للمعاهد الاكاديمية دون ان نسمح تحت اي عذر او مسمى او مصلحة او ضرورة لتسرب جزء من اكاديمياتنا نحو حضيض الوحل او تسرب حضيض الوحل الى اكاديمياتنا فالعلوم الصرفة لاوطن لها  ولا دين ولا عقيدة سياسية (اطلب العلم ولو في الصين) والعلوم الصرفة (الناسوتية) فهي كما ذكرنا،، اما العلوم (اللاهوتية) فموضوعها مختلف لأنها تخضع للمكا ن واشتراطاته،، العلوم الصرفة ومنها الانسانيات كالقانون  والفنون : هي نظريات علمية بحتة وفرضيات ومختبرات وتطبيقات ومقارنات وتوصلات، عودة الى المدرس حامل الدكتوراه :  بعد دراسات وبحوث لاتقل عن 3 سنوات يترقى الى استاذ مساعد وبعد سنوات من البحث والتدريس وتقديم دراسات وبحوث لاتقل عن ثلاثة كل بحث بدرجة ممتاز اصيل يترقى الى استاذ مشارك (في العراق الترقية من استاذ مساعد الى استاذ مباشرة وفي ذلك نظر،،) وبعد سنوات من البحث والتأليف يقدم ثلاثة بحوث يشرف عليها علماء مشهود بمقامهم  (في العراق) مثل  علي جواد الطاهر ومحمد مهدي المخزومي او احمد مطلوب او خديجة الحديثي اوعناد غزوان او فرحان باقر وعبد الهادي الخليلي  في الطب ووالبحث ينبغي ان يكون بدرجة اصيل مبتكر فيرقى الى درجة استاذ كامل فول بروفيسور Full professor العلامة الكبير مدني صالح  حصل على الاستاذية وليس معه سوى ماجستير والطود العالم طه باقر الحسيني استاذ كرسي وليس معه سوى الماجستير،،  وكذلك فقيد العلم الكبير ابراهيم حرج الوائلي فهو استاذ كامل الاستاذية وكان الوائلي مختصا بتدريس طلبة الدكتوراه ودرسني ومازلت فخورا لانه درسني ، بل ان  السير جيمس فريزر مبدع كتاب الغصن الذهبي حصل على كرسي الاستاذية ومعه بكالوريوس فقط،،  الأستاذ ينتهي مشواره بعد الاستاذية  فتتنخل  بعض الجامعات المرموقة  اسمه المرموق لكي تمنحه درجة عظمى وهي استاذ كرسي ولا شيء بعدها سوى الراحة او الموت Chair professor واقولها بحسرة قاتلة ان بعض الادعياء حصلوا على الدكتوراه دون وجه حق وتحصلوا على درجة الاستاذية بـ (بساتيق الطرشي والفستوكَيات) مثل محمد حسين الصغير الذي لايمتلك شهادة متوسطة وكل مؤهلاته انه اشتغل ياورا عند الدكتور وزير المعارف،، ومازلت طامحا حتى اليوم رغم المنغصات والمخاوف   في ان يكون للجامعات العراقية دورمؤثر في حياتنا العلمية والادبية والثقافية بل والاجتماعية، فأكاديميو  علم النفس مثلا يزورون البيوت ويعملون على اصلاح العوائل المتفككة علميا وليس خرافيا  مثلا، واكاديميو البيطرة او الزراعة يزورون القرى والقصبات لينتفع المجتمع من علمهم ويعرف فضل الأكاديميات، والجامعات (وحدها وحصرا)  كفيلة بان تكرم وتمنح شهادات التقدير للمبدعين وتكون المرجعية الوحيدة في ذلك حتى لايتطاول اشباه الاميين والمثقفين فيمنحون الشهادات للمبدعين والاساتذة الكبار وهم لايشكلون مثقال خردلة في العير او النفير، والمشكلة ان يتراكض المبدعون مع الاسف دون احترام للمقام العلمي او الابداعي،، نعم يمكن للمثري شبه المثقف شبه الأمي ان يقدم هدية نقدية للمبدع (نقود، بيت، سيارة، بطاقة علاج مفتوحة سفرة الى اوربا) ولكن ليس له ان يطبع دروعا وشهادات ثقافية او علمية  او ابداعية دون وجع قلب وحتى دون اجازة رسمية  او استشارة علمية ويمنحها لمن هب ودب لا ليكرم بها غيره بل ليسد ثغرة في نسقه التركيبي، بل واتمنى ان لا تتعالى الجامعة عن دراسة (الجديرين) من الاحياء والانفتاح على تجارب الشعر الشعبي واتذكر ان دكتوراه العلامة الفقيد رزاق القريشي (ابو عذراء)  كانت في الفنون الشعرية غير المعربة وحصل على الامتياز من جامعة القاهرة ومازالت هذه الاطروحة التي طبعتها  وزارة الثقافة العراقية مرجعا لايمكن الاستغناء عنه، يعني لدينا تجارب في الشعر الشعبي درسها مشتشرق فرنسي جاك بيرك في كتابه المترجم العرب من الامس الى الغد وتوقف معجبا منبهرا امام شعر الحاج زاير عنجورة الدويج، الدعوة قائمة مازالت ولكن الخشية ان تدس انفَها نجاسات السياسة الى مقترحاتنا واحلامنا فتجعل منها لعنة تفري ارواحنا   ونحن في قبورنا ، الاكاديمي ليس من حمل الدكتوراه بل من احسن حملها وافاد الناس بها لكي يعزز هاجس الحضارة وليس هاجس الدعارة، ثقافة الحياة وليس ثقافة الموت، الشهادة التي يحملها صاحبها  دون ان يكتبها ولنقل يحملها مزورة او مكتوبة له فيبين على سيمائه جبين الحمار وفق الآية العظيمة (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا.) وكما ان  الجوامع  والكنائس والمنديات بسل على من لايريد ان يعرف قداستها، فإن الجامعات محرمة على الطارئين والدخلاء  كما حرمت مكة على اليهود الجامعات محرمة على الدهاقنة في السياسة ومن يحاول تنجيس الدين الطاهر باغراضه البشعة الجشعة، للجامعة حرمة كمثل حرمة المسجد كمثل حرمة العرض، لايجوز ان تخضع لسوى مستجدات الفكر العلمي الاكاديمي، وبين ايدينا جامعات عريقة مثل  الكوفة وبابل والقادسية والبصرة وما بين هذه الجامعات وهي سانحة عظيمة وربما اخيرة كي نثبت من خلالها للعالم اننا نحترم العلم لوجه العلم ونكرس احترامنا حد المبالغة والتوجس للمعاهد الاكاديمية دون ان نسمح تحت اي عذر او مسمى او مصلحة او ضرورة لتسرب جزء من اكاديمياتنا نحو حضيض الوحل او تسرب حضيض الوحل الى اكاديمياتنا فالعلوم الصرفة لاوطن لا ولا دين ولا عقيدة سياسية بل هي نظريات وفرضيات ومختبرات وتطبيقات ومقارنات وتوصلات، والحمد لله رب العالمين .

 

عبد الاله الصائغ

عضو جامعة الكوفة لشؤون الترقيات في الكليات الانسانية

.............................

وقد مرت بي ترقية المدعو محمد حسين الصغير وملف فضيحة ترقيته محفوظ ربما في ارشيف الجامعة 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم