صحيفة المثقف

مع المتعبين

salam alsamawiالحياة صراع متعدد الاتجاهات وهي دعاء يستوعبه البشر على اختلاف توجهاتهم ومذاهبهم وتناقضاتهم، وتجارة يربح فيها قوم ويخسر اخرون .. ساحة تتصارع فيها نوازع الشيطان ومنابع الرحمن فمرة لهذه واخرى لتلك وعليها ينقسم البشر في تحديد مسالكهم الحياتية فربما جنح قسم للدنيا وما فيها سواء كان ذلك باملاء فكرهم او نتيجة عجز عن فهم الافكار الروحية فيعيشون خضم احداثها والمهم عندهم الفوز بلذائذ انية كثرت ام قلت فهي الهدف الاول والاخير عندهم ولست هنا بصدد بحث هولاء فان لهم كلاما اخر ولكن نقف عند قلة تتخذ العمل الاسلامي مادة لحياتها تعيش لاجله وتبني كيانها من شعاع هذا المنبع المعطاء وعلى الرغم من خطا الفكرة او صحتها فعند هؤلاء يقف الانسان ليحترمهم بمقدار احترامهم لفكرهم ومبدئهم .

وهنا ستكون الوقفة مع المؤمنين الذين اختطوا طريق العمل الاسلامي مسلكا لهم في حياتهم وليس لهم طاقة على تركه لان ذرات كيانهم منه ولكن تختلف درجات التحمل وقليل من يصل الى نهاية المطاف بسلام، فمن المعلوم ان الانسان اذا اتخذ جانب الهدوء في حياته وتجنب الخوض في صراعاتها حتى ما يمس دينه ومذهبه فانه يكون عادة في منأى من الاذى وبعيدا عن متناول التركيز من قبل الاعداء ويعيش حياته ثم تنتهي وكأن شيئا لم يكن، ولكن المؤمن في سبيل نشر دينه ومعتقده يحاول استغلال كل فرصة صغرت ام كبرت في ضيق كان او رفاه فيوسف (ع) استغل حتى استفسار صاحبيه عن تأويل حلم ليس الا، فبدأ ببث الدعوة الى الله " ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار "

 ولا يرتبط بمكان معين ولا زمان محدد بل يستغل البعدين معا وحياة الانبياء والائمة ومن بعدهم اتباعهم خير شاهد على ذلك .

ولكن مايحز في النفس هو ان ترى كثرة من الطاقات قد انزوت عن ميدان العمل الاسلامي وقد تعبت، ولكن ليس من التعب بل من الجمود والراحة ...

ولربما يكون السبب في الانسحاب من معترك العمل امرا او امورا لها صحتها تبدو من خلال ممارسات المتصدين للعمل ولكن ذلك لا يمكن ان يكون مبررا لترك العمل كله، واذا قلت الفئة التي تمثل الاسلام الصحيح من خلال ممارستها فان ذلك لايعني اعطاء الضوء الاخضر لكل من يصطدم نفسيا مع الواقع الحالي، وتكرر المعاناة من هذه المحنة وازدياد عدد المتعبين من جلوسهم سيزيد الطين بله .

فمتى كان الاسلام مقتصرا في فئة معينة ومرتبطا باشخاص معدودين؟ واذا كانت قضية تعاوننا وتضامننا قد اتعبتنا (واقصد هنا الساحة الاسترالية) فمسالة مستقبل اولادنا وشبابنا قد شغلتنا والساحة الاسترالية معقدة حسب راي البعض، حرام ان تسكن هذه الطاقات خارج اطار العمل الاسلامي وتفقد روحها النضالية وتتضائل اهدافها من اقامة مجموعة اصلاحية شريفة الهدف الى ايجاد تجمع صغير ثم يضمحل الى ان يصل الى اقصى هدف من هذه الطاقات المكبوتة هو رصد اخطاء الاخرين واشباع البطون ..

هولاء الذين تنحوا جانبا وسلك كل منهم مسلك لايمت الى نشر تعاليم الدين كانوا يوما وقودا للدين الاسلامي وشعلة وهاجة تنير الطريق ومنهلا عذبا للضامئين الذين يحنون حتى ان يشموا رائحة الدين ولو من بعيد .

اليس دواعي الحزن ان تنعقد جلسات من شباب ملؤهم الحيوية ثم لا يذكر فيها اسم الله تعالى ولا تطرح فيها مسائل المسلمين، اليسوا قد تمردوا على ان بعض المدعين للاقتداء بهم ليسوا بالمستوى المطلوب فليكن ذلك وليبدوا بانفسهم حتى يكونوا هم القدوة الحسنة وعندها سيتحلى هولاء من حيث لايشعرون اما ان يهبط مستوى التفكير من الهدف الاسلامي الى قتل وقت فراغ بحديث لايسمن ولايغني من جوع فتلك الطامة الكبرى .

ان الكسل الذي يسيطر على جموع لايستهان بها من الطاقات المؤمنة والذي حولها من بركان في وجه الثقافة الغربية الى ساع خلف ملذات البطون نتج عن ضعف في تكوين الانسان لنفسه وعيشه داخل محيط لايغفر له ان هو تعامل من انسان يخطئ فكلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون . واذا سقط الاخرون في خطا فأن عدم تعاملنا معهم خطا اخر فلماذا نغفر لانفسنا ولانسمح لهؤلاء واذا تهالكنا في العزة بالرأي وان اخطأ رأينا فما ذنب المسلمين في هذا البلد .

ان الراحة التي يعيشها الكثير وان كانت جسيمة الا انها عذاب في داخل الضمير .

كلمة اخيرة ان المسلم مسؤول عن نفسه وعن الاخرين فاذا انتقد المخطئين فليلتفت مع هذا الانتقاد الى نفسه ويبحث عن مبعثه ؛ فلاتزر وازرة وزر اخرى " ليقوم الناس بواجبهم .. وعلى الله فليتوكل المتوكلون ....

 

سلام البهية السماوي – ملبورن

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم