صحيفة المثقف

على ذكر الصناعة الحربية: ملفات فساد تنتظر الحسم

ملفات الفساد لدينا عبارة عن تجارة رائجة ومدرّة لأرباح هائلة، لا تحتاج لإستثمارات أو أموال أو اسواق، فقط تحتاج لبشر منزوعي الذمة والضمير ولا همَّ لهم إلا زيادة غلتهم بما توفره الأكداس الهائلة من ورقة فئة المائة دولار التي نقلت للعراق أبان فترة سقوط النظام السابق، حينما قامت القوات الأمريكية بأكبر عملية لنقل الأموال عبر التأريخ تكفلت بذلك طائرات الـ C130 الضخمة بنقلها لما يقارب من 281 مليون ورقة نقدية من تلك الفئة تزن 336 طناً من الاموال العراقية المجمدة إلى العراق وهو غارق في الظلام الذي اتاح تحت جنحه ان تتم كل عمليات الفساد والسرقة. حينها كتبت صحيفة لوس انجلوس تايمز تقريرا كشفت فيه أنها "اكبر سرقة للاموال في التاريخ الاميركي بالعراق" .. كما اتهم المحقق الاميركي في إختفاء 6.6 مليار دولار من اموال إعادة الاعمار في العراق جهات بسرقتها من دون ان يحددها ولم يتكهن عمن سرق تلك الاموال لكنه قال "إلا ان هذه الاموال سلمت للعراقيين وكانت لدينا في الماضي حالات حول أعضاء في مجلس الحكم الانتقالي ارتكبوا سرقات" ! .

لا أدري، ربما حديثنا المستمر، عن فقدان العراق لمئآت المليارات من الدولارات منذ عام 2003،  لدينا له التبريرات ولكن لانمتلك القدرة على البحث عنها بدليل أننا لغاية اليوم لم نتيقن بشكل تام من طرق صرف موازنات الاعوام لغاية 2007 بحسابات ختامية واضحة مع أننا نعيش أزمتنا لعام 2016 . متاهات كبيرة تلف تلك المليارات يعجر القضاء واللجان البرلمانية عن تحديد وجهة صرفها فالمئآت ممن أستولوا عليها غاصو في العالم وأصبح البحث عنها كالبحث عن قشة في حقل تبن.

وفي واحدة من ملفات الفساد القديمة والتي تعود لعام 2011، عن إمتلاك لجنة الامن والدفاع البرلمانية لملف سرقة "شركة بلاك ووتر" لطائرات عراقية بعد دخول القوات الامريكية للعراق قدر عددها (39) طائرة جديدة لازالت في صناديقها مع طائرات ميغ 29 واسلحة متنوعة ومعامل ميدانية ومتوسطة للدروع والمدفعية - مدفوعة الثمن من قبل الحكومات السابقة -  السيد حاكم الزاملي، كان عضواً في تلك اللجنة في حينها، قد أوضح ذلك وأضاف " أن بعض المفسدين يحاولون اخفاء ملفات هذه الطائرات وذلك لعلاقاتهم مع الدول التي تم التعاقد معها " .

هذا ملف واحد فقط لا نعلم له مصير، ونحن بحاجة اليوم لما يديم معركتنا على الارهاب، هل من نتائج لهذا الملف أو انه قد أركن كما ركنت آلاف الملفات التي كانت سبباً في استشراء الفساد وتعاظم سطوته، فالمال السائب هو من وطّن الفساد لدينا وطور اساليبه وعلى أحد أن يبدأ بفتح تلك الملفات القديمة لأن فيها أهم الأسرار التي تسببت في أزمتنا اليوم، علينا البحث عن أموالنا المفقودة في غيابت المصارف العالمية وكيف نقلت المليارات الى خارج الوطن، يسعد بها الاخرون لنتعس نحن .

البحث في تلك الملفات القديمة والجديدة أمر مهم على الرغم من أنها تتطلب جهداً كبيراً جدياً مع الاستعانة بخبراءعالميين لكشف المسارات التي انتقلت بها أموالنا، تكمن أهميته في أنه من سيضع الحد للفساد وامتداداته، ونحن على يقين بأن هناك يد خفية تعمل على إخفاء تلك الوثائق فعشرات الحرائق التي حدثت بعد عام 2003 تسببت في إتلافها عمداً حين كان التماس الكهربائي المجرم الحقيقي الذي يتطلب محاسبته على هذا الفساد !

 

زاهر الزبيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم