صحيفة المثقف

البريد الالكتروني ينعى أباه الروحي

اربعة عقود ونصف من الزمن مرت على قيام راي توملينسون بإبتكار برنامجا لصالح شبكة وكالة مشاريع البحوث المتقدمة (أربانت) أتاح هذا البرنامج إرسال رسائل شخصية بين مستخدمي الكمبيوتر على خوادم مختلفة . توملينسون الذي يعتبر الأب الروحي للبريد الالكتروني توفي صباح السبت حسب ما أعلن عن ذلك مايك دوبلي المتحدث باسم شركة رايثيون الأمريكية المتخصصة في أنظمة الدفاع، تطور الابتكار الجميل وأصبح هناك بريداً الكترونياً خاصاً لكل محرك بحث من المحركات التي نستخدمها يومياً مما وسع دائرة الامكانية في الإستفادة الكبيرة منها لمن يحسن الاستخدام .

عقود مرت على تأسيسه للبريد الالكتروني الذي أحد فرقاً كبيراً جداً في تناقل الرسائل الالكترونية على اختلافها، فثوان فقط هو الوقت الذي يتطلبه إرسال رسالة بريدية الكترونية أو وثيقة رسمية عبر العالم ولأعداد هائلة من مستخدمي الشبكة العنكبوتية، والجميع يعلم مدى المعانات التي كان يتطلبها ارسال رسالة الى بلد آخر غير بلدك قد تصل مدتها الى شهر أو حتى سنوات في بعض الاحيان، لقد أحدث هذا الابتكار فرقاً كبيراً كما هو ديدن المبتكرين في العالم ممن أحدثوا فرقاً في حياتنا إلا إننا نتباطىء كثيراً في حسن إستخدامه، فعلى الرغم من كل المحاذير وما عرف فيما بعد بالقرصنة، التهكير الالكتروني؛ لا زلنا غير قادرين على حسن استخدام البريد الالكتروني في حياتنا وفي تقديمنا للخدمة العامة لمواطنينا فالكثير من الوسائل المتخلفة، الورقية منها على الخصوص، تسببت في فقداننا الكثير من الوقت والجهد والمال في حين كان بأمكاننا العبور سريعاً عبر البريد الالكتروني لوسائل جديدة وابتكارات تضع الحلول الناجعة لكل مشاكلنا الادارية وبالاخص في الحالات التي يتطلب فيها نقل كميات كبيرة من الورق والملفات بين مؤسسة وأخرى .

العالم المتحضر ترتبط جميع مؤسساته بشبكة داخلية قوية التحصين بجدران نار ألكترونية تمنع الاختراق مهما كان نوعه تكفل تناقل المعلومات بأمنية أكبر وتخفف من مستوى الالتزامات الورقية على المواطنين، فسنوات مرت على الكثير من شعوب العالم غادرت معها تلك البيروقراطية الورقية وحزمة التواقيع والاختام وضياع والامكانيات الهائلة في تزويرها بسبب ضعف الرقابة، ملفات كاملة وأخطاء إملائية بسيطة قد تصل الى حد النقطة الواحدة تسببت في هدر الوقت والجهد والمال وضياع فرصة تقديم خدمة عامة الكترونية تخفف من حدة التوتر في الشارع العراقي .

وعلى الرغم من أن البريد الالكتروني أحد أسلحة الدولة في مواجهة الفساد المالي والاداري؛ لازالت خططها مكبلة بعوائق جمة أهمها المقاومة القوية التي تبديها بعض الجهات للأنتقال للخدمة الادارية الالكترونية طمعاً في استمرار الملفات الورقية لتدر مال الفساد والرشى عليهم، في حالة يتحمل المواطنون وحدهم وزرها، وليس بعيداً عن ذلك ما يعرف مصطلحاً بـ "صحة الصدور" التي اصبحت مثارا للسخرية، في الحقيقية نحن لا نحتاج الى "ضيق الصدور" هذا إذا ما كانت مكاتباتنا ألكترونية ومرسلة عبر بريد معتمد .

البطاقة الوطنية، والاستمارات الالكترونية التي تتبعها بعض المؤسسات الحكومية عمل جيد ومباركة جهود من يقوم عليه، علينا تطويره ومراقبة مساوئه بأستمرار وإصلاحه ليكون القاعدة الاساسية لبناء منظومة الكترونية تسهل أمورنا ونبعد من خلالها من ارتضوا على انفسهم أن يأكلوا الاموال الحرام وكأن شعبنا بحاجة الى من يمتص أخر ما تبقى في جيب جلبابه المخروم .

البريد الالكتروني أحد أسلحة الحرب على الفساد الاداري والمالي أبتكره لنا السيد توملينسون وغادرنا تاركتً فينا غصة على تخلفنا في حسن إستخدام هذا الأبتكار لما فيه خير شعبنا وابنائنا، عسى أن نحضى بذلك قريباً .

 

زاهر الزبيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم